البعد الاخر مصعب بريــر يكتب

الخرطوم=^المندرة نيوز^
متى يفعل سلاح الجيل السادس بحرب السودان (١) ..!
طالعت امس خبرا غاية فى الأهمية بعنوان “وزارة الثقافة والإعلام تبدأ تدشين عمل المكاتب الإعلامية الخارجية بسفارات السودان” ، جاء فيه ؛ أصدر وزير الثقافة والإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الأستاذ خالد علي الإعيسر، قراراً ببدء تدشين عمل المكاتب الثقافية والإعلامية الخارجية، وذلك في إطار تعزيز الدور الثقافي والإعلامي الخارجي وخلق قنوات تواصل مع المؤسسات الثقافية والإعلامية الإقليمية والدولية، وفق خطة منهجية مدروسة أُجيزت ووافقت عليها الحكومة السودانية ، وتشمل الخطة افتتاح عدد من المكاتب الثقافية والإعلامية في السفارات السودانية بالخارج ، بهدف إبراز صوت السودان في المحافل الإقليمية والدولية والدفاع عن قضاياه .. نكتفى
فى الثلاثاء (29 اغسطس 2023م) كتبت عبر #البعد_الاخر تحت عنوان “كيف يخرج السودان آمنا من فوهة بركان حروب الجيل السادس ..؟!” اسمحوا لى ان أعيد نشر بعض محتوياته تمهيدا لهذه السلسلة من المقالات حتى تتضح الصورة تجاه هذا التحدى الجسيم فقرارات سفراء الإعلام مهمة ، ولكن هل تكفى !؟
كنت الى وقت قريب افسر المتفيرات المهولة التى ضربت جزور الترابط الاجتماعى بالسودان بالخلافات السياسية اللا اخلاقية والصراع الصفرى الماثل حول السلطة ، واقصاء بل وتدمير الآخر ، ولكننى بعد أن ابحرت فى تحليل الاسباب الحقيقية لهذه القضية المعقدة ، باستخدام نظام تحليل السبب الجذري (RCA) ، وجدت نتائج قد لا تخطر على بال الباحثين عن الحل الان من خبراء بلادى الاجلاء ، فرايت افراد هذه السلسلة من المقالات للاسهام فى تسليط كشافات الحقيقة على هذه القضية فى ظل التحولات الكبيرة والمنعطف الدقيق الذى يمر به السودان ما بعد حرب الديمقراطية المدمرة التى فرضت عليه ..
تعرض السودان بخبث لتجربة الفوضى الخلاقة ، خاصة بعد فشل التغيير العسكرى ابان حرب الجنوب وارتفاع تكلفته الباهظة على الكفلاء ، فتم اعتماد منهج جديد للتعامل مع الملف السودانى عبر تطبيق إستراتيجية حروب الجيل السادس ..
ولنمهد للقارئ الكريم سنشرح باختصار تطور أجيال الحروب ، حيث مرت الحروب بخمسة أجيال، تبدأ بالجيل الأول الذى اُستخدمت فيه الأسلحة والجنود، وكان هدفها الأساسى تحقيق الانتصارات العسكرية، ثم الجيل الثانى، وكان بمنزلة تطور للأسلحة؛ فظهرت الأسلحة الآلية، والمدرعات الثقيلة، ولها الهدف نفسه للجيل الأول، يليه حروب الجيل الثالث، ظهر هذا النوع من الحروب إبان الحرب العالمية الثانية على يد الألمان؛ حيث استخدمت فيه الطائرات المقاتلة، ونظم الاتصالات اللاسلكية ..
منذ ذلك الحين أدركت القوى العالمية أنه لا مجال للسلاح والجنود؛ فالأمر أصبح مُكلفًا؛ لذا بدأ الاتجاه نحو استخدام المعلومات كسلاح للتأثير فى متخذى القرار فى الدول المعادية من خلال المنصات الإعلامية، لتحقيق مآربها، وهذا ما يسمى حروب الجيل الرابع أو الحرب الإعلامية؛ حيث اتخذت منصات التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائية الموجهة قاعدة لإطلاق قذائفها المعلوماتية السامة لتخريب العقول، وزعزعة أمن الدول واستقرارها ..
وجاءت حروب الجيل الخامس امتدادا لسابقتها؛ حيث تستهدف المجتمع من خلال استغلال الثغرات، ومراكز ضعف الدولة، وتسعى إلى إثارة سخط الشعب نحوها، ويكون التحريض بالأداة نفسها، وللهدف نفسه. طور هذا الجيل استراتيجياته، وظهرت الحرب السيبرانية، وهى بمنزلة هجوم عن بُعد مُتعمد لتدمير أنظمة الحاسوب، وشبكات الاتصالات والمعلومات، أو اختراقها للحصول على معلومات عسكرية، أو استخباراتية للدول المعادية، وأصبح هذا الجيل المتطور يُشكل تهديدًا للأمن القومى للدول الكبرى، وتحديدًا إذا قام باستهداف البنى التحتية الحيوية، مثل: البنوك، وخطوط الطيران، ومحطات الكهرباء، والسكك الحديدية، والمحطات الفضائية، وغيرها .. ويعيش العالم الان مرحلة حروب الجبل السادس ..
إن أول من أطلق هذا النوع من الحروب هم الروس على يد الجنرال الروسى “فلاديمير سليبتشينك”، حيث قال: “الحروب التقليدية قد عفا عليها الزمن، وما سيأتى بعد ذلك سيدار بأنظمة ذكية، وسنحصد به نتائج ذكية أيضًا”، فى إشارة منه إلى حرب المعلومات؛ لذا نجد أن من سمات هذه الحروب محاولة تغيير الثقافات، والعادات، والتقاليد، والتمرد على المجتمع، والأنظمة السياسية، من خلال التلقين الممنهج بالمعلومات الخطأ. لم تقف الحرب المعلوماتية عند هذا الحد؛ بل طورت استراتيجياتها إلى أن ظهر نوع جديد من الأكاذيب يُطلق عليه (سياسة ما بعد الحقيقة) ، وهذه الاستراتيجية تخاطب العواطف والمشاعر وليس العقل، أى تثير الرأى العام من خلال طرح القضايا من منظور عاطفى لينحاز إليها عدد كبير من الأشخاص ضد الدولة ..
نشرت مجلة جون أفريك الفرنسية تقريرا خاصا بعنوان “حرب المعلومات فى عصر ما بعد الحقيقة فى العالم العربي”، أشار هذا التقرير إلى أن الحرب الحقيقية الآن هى حرب المعلومات التى تُعدُّ أداة لمواصلة الصراع التقليدى (الحروب المسلحة) بالمعلومات المفبركة أو الشائعات، والتى أصبحت واقعا يتغلغل فى العلاقات بين الدول، وظاهرة تتصاعد حدتها فى بلادنا العربية. فى إطار هذا التقرير، أشارت المجلة إلى أنه فى أوائل القرن الحادى والعشرين، استخدمت الشائعات كأداة خبيثة لإحداث النزاعات فى الشرق الأوسط، ويُعرف المعجم الوسيط الشائعة بأنها تداول الخبر دون التحقق من مصادره أو مصداقيته، وقد أثبتت الدراسات أن 70% من قيمة المعلومة تسقط فى أثناء تداولها بين الأشخاص وصولا إلى الشخص الخامس، أو السادس ..
بعد اخير :
إذن السودان الان يرزخ تحت فوهة بركان حروب (الجيل السادس) بكل قبحها وعدم اخلاقياتها وانسانيتها ، وتستعر المعركة الان بين أبناء الوطن الواحد ، ليبقى السؤال المهم ، هل فعلا لدى حكومتنا الموقرة خطة للتصدى لهذا النوع من الحروب !؟ بالطبع سيدفع الوطن ثمنا باهظا ما لم تنتبه الدولة لهذا المهدد الخطير ، وستسمر جرحا نازفا قاتلا للوطن ما لم تدرك نخبنا السياسية وقياداتنا ورموزنا دورها فى الوصول لتوافق عاجل يقطع طريق نجاح هذا المخطط الاثم ، ومن ثم نبدا وضع خطط التعافى الوطنى بقبول بعضنا بعضا دون اقصاء، وان يكون الوطن فوق اى مصالح شخصية او اثنية او طائفية او سياسية او ايدلوجية .. لقد توافقنا مع بعض الزملاء من الخبراء واساتذة الجامعات بالبدء فى إطلاق حملات تنويرية وتوعوية تعلى من قيمة ممسكات الوحدة الوطنية ، وتعظيم مردود تنوعنا وثراء تراثنا الثقافى والاثنى ليكون نعمة علينا مستقبلا .. وهو دوركم جميعا لنساعد بصدق فى بناء مستقبل سودانى قوى منيع هازم لجميع اشكال حروب الجبل السادس ، (يمكرون ويمكر الله.. والله خير الماكرين) .. وسيفشلون وستكون اموالهم وكيدهم الذى بزلوه لتفكيك السودان حسرة عليهم باذن الله .. ونواصل ان كان بالحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..
ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
almndranews.com