خبر ⁄سياسي

الدالي والمزموم.. مطمورة السودان في أتون الحرب 

الدالي والمزموم.. مطمورة السودان في أتون الحرب 

عاين18 مارس 2025

خلافًا للتوقعات، لم تتوقف الانتهاكات بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على منطقة الدالي والمزموم بولاية سنار. بل تفاقمت، لتشمل عمليات قتل على أساس عرقي وتهم بالتعاون قوات الدعم السريع. يصف الشريف محمد وهو ناشط اجتماعي وأحد سكان المنطقة الوضع المأساوي ويقول لـ(عاين): “تجاوزت انتهاكات الجيش تلك التي ارتكبتها قوات الدعم السريع“.

ومحلية الدالي والمزموم بولاية سنار من أهم المناطق الزراعية في السودان، وتُعرف بـ “مطمورة السودان” -حفرة تحت الأرض يوسع أسفلها وتخبأ فيها الحبوب- نظرًا لخصوبة أراضيها وإنتاجها الوفير من المحاصيل الزراعية.

وأدت سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة يوليو من العام الماضي لتأثير كبير على الأنشطة الزراعية والاقتصاد المحلي. قبل أن يستعيد الجيش المنطقة في مارس الفائت، مما أعاد الأمل في استعادة الأمن الغذائي بالمنطقة.

مطمورة السودان

تقع محلية الدالي والمزموم، إحدى محليات ولاية سنار السبع، في موقع استراتيجي جنوب شرق السودان، حيث تجاور ولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق، وتحد دولة جنوب السودان. يحدها النيل الأزرق والأبيض ونهر الرنك، مما يجعلها منطقة حدودية ذات أهمية جيوسياسية.

ويقول “أحمد محمد الطيب” وهو أحد أعيان منطقة الدالي في مقابلة مع (عاين): أن” المنطقة مركز زراعي ورعوي هام، حيث يمارس معظم السكان هاتين المهنتين. وتعتمد الزراعة بشكل أساسي على الأمطار الموسمية، وتبدأ من يونيو حتى يناير. تشتهر المنطقة بزراعة الذرة والسمسم، بالإضافة إلى القطن الذي أصبح محصولًا رئيسيًا مؤخرًا. كما تزرع زهرة الشمس والفول السوداني بكميات أقل”.

تعد الثروة الحيوانية مكونًا أساسيًا للاقتصاد المحلي، حيث يربي السكان الأغنام والأبقار والإبل بأعداد كبيرة. وقد كانت الدالي والمزموم إحدى الركائز الأساسية لإيرادات الولاية بفضل إنتاجها الزراعي والحيواني الوفير حسب الطيب.

 تاريخيًا، ووفقاً لـ الطيب، تعتبر الدالي والمزموم من أقدم المناطق في ولاية سنار، وتعتبر من أوائل المحليات من حيث الزراعة والمساحة. تبلغ المساحة الكلية لمدينة الدالي مليونًا وخمسمائة ألف متر مربع، وتصل المساحة الزراعية إلى حوالي ألف ومائتي كيلومتر مربع، مما يجعلها منطقة زراعية بامتياز.

انتهاكات طرفي الحرب في المنطقة

“خلال سيطرة قوات الدعم السريع، عانى السكان من انتهاكات جسيمة، بما في ذلك القتل والاغتصاب. أما الوضع الحالي، فيتطلب دعمًا ماديًا من الدولة لتوفير التمويل والمدخلات الزراعية، حتى يتمكن المزارعون من استئناف نشاطهم والمساهمة في الاقتصاد المحلي”. يقول الطيب.

ويقول الشريف محمد وهو أحد سكان المنطقة لـ(عاين): “عندما اندلعت الحرب، في ولاية سنار سقطت سنجة في يد قوات الدعم السريع في 30 يونيو ، وبعد ضغوط، سقطت المزموم بعد سنجة بيومين، وتحديدًا اللواء 66 التابع لقيادة الفرقة 17 مشاة في سنجة. في اليوم الثاني لدخول قوات الدعم السريع إلى سنجة، أطلق اللواء والجنود والضباط الموجودون هناك النار بشكل عشوائي في الحي، ثم انسحبوا انسحابًا كاملًا”.

وفي المزموم، التي توجد بها معسكرات عسكرية  للجيش السوداني في المناطق النائية، والذي انسحبت قواته بالكامل. قامت قوات الدعم السريع عبر مركبة عسكرية واحدة بمصادرة جميع أجهزة الاتصال اللاسلكية الموجودة في المنطقة، ومنذ 3 يوليو، انقطعت شبكة الاتصالات في المنطقة، وأصبحت جميع الشبكات في يد قوات الدعم السريع، في وقت استمر القصف الجوي وقتها.

ويشير الشريف محمد الشريف محمد، ناشط اجتماعي في محلية الدالي والمزموم بولاية سنار، في مقابلة مع “عاين” بدأت تصاعد وتيرة الانتهاكات في المنطقة بعد سقوط سنجة وسيطرة قوات الدعم السري على الدالي والمزموم.

وذكر محمد في إفادته أن الانتهاكات بدأت في اليوم الخامس لسقوط سنجة، حيث شنت طائرات الجيش غارات جوية ألقت خلالها براميل متفجرة على مناطق سكنية. وأشار إلى أن القصف الأول لم يسفر عن إصابات، لكنه أوقع قتلى في المرات اللاحقة. وأضاف: أن “القصف الجوي استمر وتسبب في مقتل 11 شخصًا ونزوح 80% من السكان إلى مناطق حدودية مع جنوب السودان وداخل السودان. وفي الدالي، قتل القصف الجوي راعيًا وشابًا، وأصاب نحو 20 شخصًا.

وأشار محمد إلى أن الجيش قصف مخيمات سكانية موجودة على الحدود، مما أسفر عن سقوط أكثر من 20 مصابًا ومقتل أسرة كاملة.

ويشير الشريف في مقابلته مع (عاين) إلى أن قوات الدعم السريع ارتكب انتهاكات كبيرة في حق المواطنين، وجمعت المستنفرين واعتدت عليهم بالضرب، أنهب محطات وقود وجرارات زراعية وحوالي 290 رأسًا من الماشية.

ويشير المزارع بمحلية الدالي والمزموم محمد إبراهيم، في مقابلة مع (عاين) إلى نهب قوات الدعم المشاريع الزراعية وتخريب الآليات والمعدات، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من الحكومة لدعم المزارعين وتعويضهم عن خسائرهم.”

ويقول: “تسبب المعارك في أضرار كبيرة للمنطقة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية بين المكونات الأهلية.. الأزمة تتطلب كذلك تدخلًا من الحكومة والأعيان لعقد جلسات مصالحة وإعادة بناء الثقة”.

“بعد انسحاب قوات الدعم السريع، دخل الجيش إلى المنطقة، وحرق منازل على أساس عرقي، مستهدفًا مجموعة أهلية بعينها بحجة أنها داعمة لقوات الدعم السريع”. يقول الشريف ويتابع: في منطقة صهباء، تم تصفية ثمانية أشخاص بتهمة دعمهم لقوات الدعم السريع. ويصف الشريف الوضع قائلاً إن “انتهاكات الجيش المستمرة على أساس عرقي تفوق في حجمها تلك التي ارتكبتها قوات الدعم السريع”. فيما يقول محمد إبراهيم، تعرض المواطنون لانتهاكات من قبل الجيش، بما في ذلك عمليات النهب المعروفة بـ “الشفشفة”. وقد اتخذت الحكومة إجراءات لترحيل المتورطين، مما ساهم في الحد من هذه الانتهاكات.

3ayin.com