موائد إفطار قادة ليبيا تتحول إلى فرصة للتوظيف السياسي

خلال هذا الشهر الفضيل، حرص أغلب أفرقاء المشهد الليبي على تنظيم موائد إفطار رمضانية، لكنها لم تخلُ من توجيه عدد من الرسائل السياسية.
ووفقاً لمراقبين، فإن إقامة هذه الموائد، وإن كانت تقليداً سنوياً لبعض الشخصيات المتصدرة للمشهد السياسي؛ فإن وضعية الانقسام السياسي والحكومي بالساحة الليبية ألقت بظلالها على هذا النشاط عبر توظيفه سياسياً.
وخلال كلمته بمأدبة الإفطار التي أقامها بأحد فنادق العاصمة طرابلس، دعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، إلى إجراء «استفتاء تديره هيئة محايدة ذات مصداقية لحسم الخلاف على بعض القضايا بالقوانين الانتخابية».
وعَدّ العضو بالمجلس الأعلى للدولة، علي السويح، أن حفلات الإفطار توصف دائماً بأنها عرف اجتماعي ودبلوماسي لاستضافة بعض المسؤولين، خاصة من ضيوف البلاد، «وليست بأي حال مجالاً لممارسة العمل السياسي».
وقال السويح لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض المروجين لمبادرتهم أو خططهم السياسية، عبر تلك الموائد، ربما يهدفون لاستقطاب شخصيات من خارج صفوف المؤيدين لهم من النخب السياسية والإعلامية البارزة، أو تصدير صورة انفتاحهم بالحوار على خصومهم، لوسائل الإعلام والرأي العام».
وأضاف السويح موضحاً: «بمجرد التقاط الصور التذكارية للفعالية وانتهائها، يعود الجميع لخندقه وقناعاته السياسية، وللأسف لا يزال التفكير غائباً بأن يتم استغلال أجواء الشهر الكريم للدعوة لموائد إفطار يكون عنوانها الرئيسي تحقيق المصالحة الوطنية».
وتتنازع حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة، وتتخذ من العاصمة بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتحظى أيضاً بدعم قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.
ورغم إشادته بلقاء الدبيبة برجال المرور، ومشاركته لهم مائدة إفطار تقديراً لدورهم، وتفهمه أيضاً لمشاركته مؤخراً أهالي مصراتة مسقط رأسه إفطاراً آخر، فإن السويح قلل من «إمكانية أن تسهم أي مشاركة لأي مسؤول في تلك الفعاليات في تعزيز حضوره أو شعبيته».
وبفارق يوم واحد عن فعالية المنفي، شارك حفتر كعادته السنوية في مأدبة إفطار جماعي، أقيمت في مقر القيادة العامة للجيش بمنطقة الرجمة في مدينة بنغازي (شرق)، بحضور آمري الوحدات، ومديري الإدارات، وبعض الضباط، وأكد خلال كلمة له بها أهمية «الوحدة والتعاون بين مختلف الوحدات العسكرية من أجل تعزيز قدراتها لمواجهة التحديات».
إلا أن الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، عدَّ أن الأحاديث التي ترددت أخيراً عن توجه البرلمان لتنصيب حفتر رئيساً للبلاد طغت على ما طرح خلال تلك الموائد.
وكان مقربون من حفتر ومصادر بمجلس النواب الليبي قد نفوا لـ«الشرق الأوسط»، ما تردد عن عقد جلسة برلمانية لتنصيب حفتر رئيساً مؤقتاً للبلاد.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» سلَّط القماطي الضوء على ما عقدته قيادات عسكرية في الغرب الليبي من موائد إفطار، تنبئ بإعادة صياغة تحالفات السيطرة وفرض النفوذ هناك، وتحديداً بالعاصمة. وقال إن الصور التي أظهرت مشاركة رئيس أركان الجيش الليبي، التابع لحكومة «الوحدة الوطنية»، محمد الحداد، مأدبة إفطار رفقة وكيل وزارة الدفاع التابعة للحكومة، عبد السلام الزوبي، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية، محمود حمزة، «حظيت بكثير من الاهتمام».
ويرى القماطي أن الهدف من إقامتها هو «نفي أي توتر بين الحداد، الذي ينتمي للمؤسسة العسكرية النظامية، والزوبي وحمزة اللذين هما بالأساس قادة مجموعات مسلحة تم إدماج كياناتهم بوزارات وأجهزة الدولة، ورفع رتبهم العسكرية تدريجياً».
«وربما أيضاً قد تكون بمثابة إعلان عن تكتل جديد بمواجهة رئيس جهاز الردع، عبد الرؤوف كاره، والمتحالفين معه بهدف فرض سيطرتهم على العاصمة»، وفق القماطي.
aawsat.com