خبر ⁄سياسي

فين القطايف يا حسين

فين القطايف يا حسين

بالتَّأكيد فإنَّ الدراما المصريَّة هي المسيطرةُ على السُّوق العربيِّ بغزارة إنتاجها، التي وصلت في رمضانََ 2025م لنحو (50 مسلسلًا) تحتضنُها القنوات الفضائيَّة، والمنصَّات الرقميَّة المصريَّة والعربيَّة. وبالرجوع لحكاياتها نجدها في غالبها تدور في فلَك (الخيانات الزَّوجيَّة، والرَّقص، والمسِّ والجنِّ، أمَّا الأكثر حضورًا في هذه الساحة فـ»البلطجة في الحارات الشعبيَّة»، التي يصاحبها الجعير، والصَّوت العالي، والشَّتائم، والصِّراعات التي يسود فيها قانون الغاب، وعنها تُغيب الجهات الأمنيَّة في سيناريوهات، ومشاهد تناست الواقع).

تلك المسلسلات، رغم محاولة صُناعها فرضها على المجتمع بالإعلانات المكثفة، والهاشتاقات، والتريندات مدفوعة الثمن، إلا أنها جاءت مرفوضة من شريحة واسعة من المتابعين؛ لأنها تمس قدسية الشهر الكريم، وباعتبارها بعيدة عن نبض المجتمع المصري، وقيمه، وعاداته، والعلاقات الطيبة التي تحكم أحياءه وسكانها؛ ولأنها بالتبعية تساهم في نشر البلطجة، والممارسات الشاذة، لاسيما في صفوف الشباب.

وهنا، وفي خضم ذلك الظَّلام والسَّواد الذي بثَّته تلك المسلسلات، وأغرقت به السَّاحات، ظهرت فجأةً طاقة من نور، ونسمات عليلة ولطيفة، تحاول غرس القيم والأخلاقيَّات الدِّينيَّة والاجتماعيَّة والتربويَّة في النُّفوس، رفع رايتها برنامج يومِي يوتيوبي، مدَّة الحلقة منه لا تتجاوز الـ(6 دقائق)، جاءت بأسلوبٍ بسيطٍ، وسيناريو مُحكم، أمَّا التَّصوير والإخراج فكان عاديًّا جدًّا، وبتكلفة قليلة لا تُذكر.* ذلك البرنامجُ الثَّريُّ بمضمونه، والهادئُ في طرحه وإخراجه، والذي أطلَّ على الجمهور دون إعلاناتٍ مُسبقة، ولا قنوات ناقلة، وصل لمختلف الأطياف في المجتمعات العربيَّة، وتصدَّر ترندات مواقع تواصلها، متغلِّبًا على تلك المسلسلات، التي بلغت كُلفَة إنتاجها أكثر من (مليار و500 مليون جنيه مصري، علمًا أنَّ الدولار الأمريكي يعادل 50 جنيهًا تقريبًا).

ذلك البرنامجُ -يا سادة- هو (قَطايف) للفنَّان سامح حسين، الذي الاحتفاء به، والتفاعل الإيجابي معه، لم يقتصر على عموم المتابعِينَ الذين تناقلُوا بكثافة حلقاته ومقاطعه، بل وصل للمسؤولِينَ في مصرَ، حيث إيمانًا برسالته الهادفة والرَّائعة حظي مقدِّمه الفنَّان سامح حسين بتكريم من وزارة الأوقاف، والهيئة الوطنيَّة للإعلام، بل إنَّ الرئيسَ المصريَّ عبدالفتاح السيسي أثنى عليه في احتفالٍ رمضانيٍّ، ممازحًا مقدِّمه بقوله: (فين القطايف يا حسين؟).* أخيرًا.. شكرًا من القلب لذلك الفنَّان الطَّيب والنَّبيل، الذي أكَّد ببرنامجه اللَّطيف، أنَّ المحتوى الهادف والثَّمين، مازال له جمهوره الكبير في ساحتنا العربيَّة، ولكن أين صُنَّاعه؟ ويبقى أمنيتِي وحلمِي، إيقاف إنتاج المسلسلات ذات رمضان، وتحويل مصروفاتها للجمعيَّات الخيريَّة، وسلامتكُم.

عبدالله الجميلي – جريدة المدينة

kushnews.net