خبر ⁄سياسي

إسرائيل قلقة من تدهور التأييد لها بين الديمقراطيين الأميركيين

إسرائيل قلقة من تدهور التأييد لها بين الديمقراطيين الأميركيين

وصل الانقسام الحزبي في الرأي العام الأميركي حول إسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة، دلت على أن ثُلث مصوتي الحزب الديمقراطي فقط يحملون رأياً إيجابياً تجاه إسرائيل، في مقابل 80 في المائة من الجمهوريين. ويثير هذا المعطى قلقاً كبيراً في إسرائيل، أولاً لأن هذه الظاهرة تتعمق منذ الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ ما يدل على فشل الدعاية الإسرائيلية ضد «حماس»، وأن جمهور الشباب الأميركي يزداد تأييداً للحزب الديمقراطي؛ ما يعني أنه يمثل المستقبل.

وقد طُرح هذا الموضوع على بساط البحث في جميع معاهد الدراسات تقريباً، وتمت الإشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية، المسؤولة إلى حد كبير عن هذا التدهور، تمتنع عن التداول في الموضوع، وتترك لوزارة الخارجية ووزارة صغيرة، تسمى وزارة الشتات، معالجته، مع أنه موضوع يتعلق بالاستراتيجية القومية ويحتاج إلى بحث معمَّق في مجلس الوزراء كله.

أعضاء في جماعة يهودية معارضة للصهيونية خلال احتجاج أمام الفندق الذي استضاف لقاءً بين الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

وقد حذَّر البروفسور تيد ساسون، الباحث رفيع المستوى في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، الذي يرأس برنامج دراسات اليهودية، من أن يتعاظم هذا الانقسام الحزبي، حتى يشكل تهديداً لاستمرار الدعم الأميركي لإسرائيل على المديين المتوسط والطويل. وقال: «يجب أن يكون مثال أوكرانيا، التي أصبحت هي الأخرى مركزاً للتنافس الحزبي قبل تعليق المساعدات العسكرية الأميركية، بمثابة تحذير لإسرائيل».

وتستند هذه المعطيات إلى نتائج الاستطلاع السنوي حول القضايا العالمية الذي تجريه شركة «غالوب»، ونشرتها في مطلع الشهر الحالي، التي دلت على أن 54 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة يحملون رأياً إيجابياً إلى حد ما أو إيجابياً جداً تجاه إسرائيل؛ ما يمثل انخفاضاً بنسبة 4 في المائة مقارنةً بالعام الماضي، وهو أدنى مستوى تم تسجيله منذ عام 2000. وللمقارنة، 80 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة يحملون رأياً إيجابياً تجاه كندا، واليابان، وبريطانيا، والدنمارك و61 في المائة يحملون رأياً إيجابياً تجاه مصر.

وأشار الاستطلاع إلى أن الانخفاض في الرأي الإيجابي المتوسط تجاه إسرائيل، يخفي فجوة حزبية دراماتيكية أكثر: فقد عبّر 83 في المائة من الجمهوريين عن آراء إيجابية تجاهها، مقارنة بـ48 في المائة من المستقلين و33 في المائة من الديمقراطيين. والفجوة التي تبلغ 50 في المائة بين الجمهوريين والديمقراطيين هي الأكبر التي تم تسجيلها على الإطلاق في استطلاع «غالوب»، ويعود ذلك إلى زيادة معتدلة في الرأي الإيجابي بين الجمهوريين، مقابل انخفاض حاد بنسبة 14 في المائة بين الديمقراطيين، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.

إسرائيليون معارضون لسياسات حكومة نتنياهو خلال احتجاج أمام السفارة الأميركية في تل أبيب (أرشيفية - إ.ب.أ)

والمقلق أكثر في الاستطلاع أنه، وعلى الرغم من أن المشاعر المؤيدة لإسرائيل ظلت ثابتة بين المتقدمين في السن، فإنها شهدت انخفاضاً بين البالغين في منتصف العمر وانهارت بشكل حاد بين الشباب. فعلى سبيل المثال، وفقاً لمركز الأبحاث «بيو» (Pew)، فإن 76 في المائة من الأميركيين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً يحملون رأياً إيجابياً تجاه الإسرائيليين، مقارنة بـ46 في المائة فقط من الأميركيين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً (في الفئة العمرية الأصغر، كان 60 في المائة يحملون آراءً إيجابية تجاه الشعب الفلسطيني). وقد تمت ملاحظة أكبر انخفاض في الدعم لإسرائيل بين الديمقراطيين الشباب، حيث يميل الشباب بشكل عام إلى الانتماء أكثر إلى الحزب الديمقراطي. وقد ساهم هذان الاتجاهان في توسيع الفجوة الحزبية.

ويزعج الإسرائيليين بشكل خاص موقف الأميركيين بعد هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر، حيث اتسعت المعارضة لإسرائيل بعدما ردت على الهجوم بحرب وحشية «تجاوزت الحد»، بحسب تعبيرهم. وفي هذا يستند الباحثون الإسرائيليون إلى نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز الأبحاث «بيو» في سبتمبر (أيلول) 2024، التي دلت على أن 50 في المائة من الديمقراطيين (مقارنة بـ13 في المائة من الجمهوريين) اعتقدوا بأن الإجراءات العسكرية الإسرائيلية «تجاوزت الحد»، بعدما اطلعوا على آثار الدمار والقتل في غزة، عبر ما نُشر من صور في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. فقد سجلت هنا سابقة تاريخية لتدهور مكانة إسرائيل بين الديمقراطيين، وحدث انخفاض بنسبة 14 في المائة في الرأي الإيجابي للديمقراطيين تجاه إسرائيل، من 74 في المائة قبل الحرب إلى 60 في المائة بعد أشهر عدة.

ويقول البروفسور ساسون، خلال بحث في معهده في تل أبيب، إنه «يجب أن تشكل حالة أوكرانيا علامة تحذير خطيرة. فقد حظي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باستقبال الأبطال من قِبل الحزبين في الولايات المتحدة، عندما ألقى خطاباً أمام جلسة مشتركة للكونغرس في عام 2022. منذ ذلك الحين، أدت المنافسة بين الحزبين إلى فجوة ضخمة في كيفية تعامل الديمقراطيين والجمهوريين مع أوكرانيا. وفقاً لاستطلاع «غالوب» الأخير حول القضايا العالمية، فإن الديمقراطيين أكثر احتمالاً بنسبة 30 في المائة من الجمهوريين في تبني وجهة نظر إيجابية تجاه أوكرانيا. وفقاً لاستطلاع منفصل أجراه معهد «غالوب» في ديسمبر (كانون الأول)، لدى الجمهوريين احتمال أكبر بنسبة 44 في المائة لتفضيل إنهاء الحرب بشكل سريع، حتى لو تطلب ذلك ترك الأراضي المحتلة في أيدي روسيا. الفجوة في المواقف هي التي مهَّدت الطريق لتغيير مفاجئ في السياسة الأميركية تجاه أوكرانيا الشهر الماضي، مع المواجهة الدرامية بين ترمب وزيلينسكي في الغرفة البيضاوية في البيت الأبيض وتعليق المساعدات العسكرية الأميركية التي تبعته».

aawsat.com