بوشناف: نجاح المبادرة الأممية في ليبيا مرهون بالدعم الدولي

رهن مستشار «الأمن القومي» الليبي، إبراهيم بوشناف، نجاح اللجنة الاستشارية المنبثقة عن المبادرة الأممية في حلحلة الأزمة السياسية والتمهيد لإجراء الانتخابات المؤجلة، بـ«حجم الدعم الدولي الذي قد تتلقاه لمواجهة تعنت مواقف بعض القوى المحلية»، مشيراً إلى ارتباط ذلك بعديد من المتغيرات والأحداث التي وقعت بالمنطقة أخيراً.
وأشاد بوشناف في حوار مع «الشرق الأوسط» بأعضاء اللجنة الـ20 الذين اختارتهم البعثة لتقديم مقترحات لحل الخلافات المتعلقة بالقوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وقال إنهم «ليسوا محسوبين على أطراف الصراع، بجانب خلفياتهم الأكاديمية والمهنية».
وتحدث عن ملفات عديدة، من بينها الهجرة غير النظامية و«مخاوف التوطين»، وموقف المجتمع الدولي من بلاده، وقال إنه «لا يزال يدير الأزمة ولم ينخرط بشكل كامل في إجراءات الحل»، وضرب مثالاً بدور الولايات المتحدة التي يصف تدخلها لمعالجة الأزمة السياسية بـ«المحدود، وربما تُرك برمته لمبعوثها الخاص والقائم بأعمال سفارتها».
وتابع: «المجتمع الدولي الذي تدخل لدعم إسقاط النظام السابق، وأفسح المجال لدول هامشية ليكون لها مساحة كبيرة للضلوع في شؤون ليبيا؛ يتوجب عليه بذل جهود لإنهاء الصراع الراهن».
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.
وفي إطار متابعة مجلسه لتداعيات الأحداث بالمنطقة على الأمن الليبي، رد بوشناف على ما يتردد عن نقل أسلحة روسية من سوريا إلى ليبيا بأنها «مجرد تكهنات»، وأشار إلى ما أعلنته موسكو بهذا الصدد أنها «باشرت مباحثات مع النظام السوري الجديد لتجديد إجراءات بقاء قواعدها هناك».
وتطرق بوشناف للطرح الذي تقدم به نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني بالعودة لنظام الأقاليم الثلاثة، كآلية لحلحلة الجمود السياسي وإنهاء وضعية الانقسام، وقال: «توزيع المناصب يتم فعلياً بنظام المحاصصة بين تلك الأقاليم، ولكننا نرى أن هذا الطرح وجهة نظر فردية لم تجد قبولاً لدى غالبية المواطنين».
وشدد على أن «مجلس الأمن القومي» متمسك برؤيته، وهي أن ليبيا كانت وستظل «دولة موحدة، ومن الضروري إيجاد حل دائم للأزمة السياسية، لا مجرد تهدئة».
وبحسب بوشناف، فإن ملف الهجرة غير النظامية أضحى هاجساً للعديد من الدول الأوروبية، غير أن تبعاتها تقع على عاتق ليبيا بوصفها دولة ممر، متهماً بعض الدول التي لم يسمها بـ«السعي إلى تحويلها إلى مستقر نهائي للمهاجرين».
وأرجع بوشناف - الذي شغل حقيبة الداخلية لعدة سنوات بالحكومة المؤقتة بالشرق الليبي - تفاقم أزمة المهاجرين، وكثرة عددهم في ليبيا، إلى «ضعف السيطرة على الحدود الجنوبية، والتي تمتد بطول 1055 كم مع تشاد، و354 كم مع النيجر، فضلاً عن الشريط البحري للسواحل الليبية الذي يبلغ 1770 كيلومتراً».
وشكك في كل ما يُرصد من أرقام حول أعداد المهاجرين في ليبيا، وذلك لـ«صعوبة الحصر الدقيق، وعدم دخولهم عبر منافذ رسمية». وسلط الضوء على ما طرحه مجلسه من استراتيجيات لمعالجة قضية الهجرة، والتي تصدرها «التأكيد على عدم جدوى الحلول الآنية والتدابير العشوائية، والدعوة لتعاون مختلف المؤسسات بالبلاد لمواجهة هذا التهديد الوجودي».
وأشار إلى تبني مجلسه الدعوة لمراجعة «قصور في التشريعات المعنية بالهجرة والمهاجرين، وأيضاً مراجعة عدد من اتفاقيات التفاهم بين ليبيا وبعض الدول الأوروبية».
وبرغم تأكيده «التضامن مع الأشقاء السودانيين في مواجهة الصراع الذي دفع بأعداد كبيرة منهم إلى النزوح لدول الجوار ومنها ليبيا»، يرى بوشناف أن «توسّع وجودهم في ليبيا، وانخراط حملة الشهادات العليا منهم بوظائف متميزة، كأساتذة بالجامعات الليبية، قد يجعل قرار عودتهم لبلادهم محل نظر».
وحرص مستشار «مجلس الأمن القومي» على التذكير بتداعيات استمرار الصراع من أجل السلطة على «الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتأرجح قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، برغم تغيير المحافظ ومجلس إدارة المصرف المركزي».
وأشار إلى ما عقده مجلسه من جلسات حوارية «حول الأمن الدوائي بعد توفر مؤشرات على أن نسبة كبيرة من الأدوية التي تدخل البلاد، إما مغشوشة أو ضعيفة الفاعلية»، وقال: «القضية تحتل أولوية بحكم كونها أحد مهددات الأمن القومي، وتمت مناقشتها وإعطاء توصيات لمعالجة أي خلل، بداية من تشريعات استيرادها، وتفعيل الرقابة، والتأكيد على تخزينها بطريقة سليمة، وتوفرها للمواطن بأسعار مناسبة، والحيلولة دون تناقصها، وتجنب المهرب منها... إلى التخلص من المنتهية الصلاحية».
وبشأن قضية احتجاز المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود المريمي المسجون لدى الولايات المتحدة منذ أكثر من عامين، قال إن ذلك «يعد مخالفاً لاتفاقية إنهاء أزمة لوكربي بين الولايات المتحدة والنظام الليبي السابق عام 2008»، والتي تنص على أن أي مطالب بعد تاريخ توقيعها توجّه إلى حكومة الولايات المتحدة، إضافة إلى أن أبو عجيلة «يُحتجز لأسباب جنائية، وقد تمسكت ليبيا دائماً بأنها تتحمل المسؤولية المدنية فقط».
وأكد أن «مجلس الأمن القومي يتابع باهتمام تطورات ملف قضية أبو عجيلة» الذي يحاكم بتهمة تفجير طائرة «بانام» الأميركية فوق بلدة لوكربي الاسكوتلندية عام 1988، والذي تسبب في مقتل 270 شخصاً.
وبشأن هانيبال القذافي المسجون في لبنان، قال بوشناف إن مجلسه «ينتظر ما سوف ينتج عن تواصل جهات ليبية عدة مع السلطات اللبنانية للإفراج عنه، وذلك في إطار متابعة قضيته».
aawsat.com