خبر ⁄سياسي

جنوب لبنان في عيد حزين وسط زيارات قبور أحباء قضوا في الحرب

جنوب لبنان في عيد حزين وسط زيارات قبور أحباء قضوا في الحرب

أحيا سكان في جنوب لبنان، اليوم الاثنين، عيد الفطر بغصّة في قراهم المدمّرة بفعل المواجهة الدامية بين «حزب الله» وإسرائيل، بينما اكتظت مقابر بزوّار جاءوا يصلّون لأحباء قضوا في الحرب.

في بلدة عيترون الحدودية مع إسرائيل، أحضر الزوار في اليوم الأول من عيد الفطر الذي يحتفل به معظم المسلمين الشيعة في لبنان الاثنين، ورودا بألوان زاهية كسرت السواد الذي خيّم على ملابس الحاضرين في مقبرة أنشئت حديثا لدفن أكثر من مائة قتيل من سكان القرية قضوا في غارات إسرائيلية ومنهم مقاتلون من «حزب الله»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وزيارة الموتى تقليد في اليوم الأول من عيد الفطر كل سنة.

ووسط رايات «حزب الله» التي رفعت بين الحضور، لم تتمالك نسوة متشحات بالسواد أنفسهن وهن يقرأن الفاتحة فوق قبر أب أو شقيق أو زوج. ومن بينهن سهام فتوني التي فقدت ابنها المسعف في «الهيئة الصحية الإسلامية» التابعة للحزب.

وتقول فتوني وهي تقف قرب قبر ابنها: «لقد تحدينا العالم أجمع بوقوفنا هنا الآن في قلب عيترون لنحتفل بعيد الفطر مع شهدائنا الذين مكنتنا دماؤهم من العودة إلى قريتنا».

ومنذ التوصل إلى وقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) بعد أكثر من سنة على مواجهة دامية، عاد عدد من السكان إلى مناطقهم التي كانوا هجروا منها.

امرأة تجلس بجانب قبر أحد مقاتلي «حزب الله» الذين قُتلوا في الصراع مع إسرائيل بمقبرة في عيترون بالقرب من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان... 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

في المكان، جلست طفلة قرب قبر امرأة، حاملة صورة لها محاطة بالزهور وعلى وجهها ملامح حيرة.

ومن بين الصور التي ارتفعت فوق شواهد القبور، صورة رضيعة، وأخرى لشاب بزي عسكري.

وبينما قرأت سيدة صفحات من القرآن الكريم، خرق صوت منشد الصمت ليرثي الموتى، وسط وجوم ساد وجوه الحاضرين الذين انهمرت دموعهم.

ووزّع بعض الحاضرين الحلوى والمأكولات على وافدين من قرى مجاورة.

ويقول المزارع سليم السيد (60 عاما) من قرية عيترون: «يختلف العيد هذا العام عن الأعياد في السنوات الماضية... تعيش عيترون التي قدّمت أكثر من 120 شهيدا، عدد كبير منهم من النساء والأطفال، عيداً حزيناً».

ويتدارك الرجل: «لكن إرادة الحياة ستبقى أقوى من الموت».

نساء يبكين عند قبور مقاتلين لجماعة «حزب الله» اللبناني قُتلوا في الصراع مع إسرائيل في مقبرة بقرية عيتا الشعب بالقرب من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان... 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

حزن «عارم»

وعلى غرار معظم القرى الحدودية في جنوب لبنان، يسود الدمار عيترون وقد لحق بالمنازل والبنى التحتية وحال دون عودة الغالبية الساحقة من السكان للعيش في قريتهم. إلا أن قلة ممن نجت بيوتهم من الدمار، عادوا، وفتح عدد من المتاجر أبوابه.

وتأخرت عودة سكان عيترون إلى حين الانسحاب النهائي للقوات الإسرائيلية منها في 18 فبراير (شباط).

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب الجيش الإسرائيلي من كل المناطق التي دخل إليها خلال الحرب. إلا أنه أبقى على وجوده في خمسة مرتفعات استراتيجية تخوّله الإشراف على مساحات واسعة على جانبي الحدود. ويطالب لبنان بانسحابه منها.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل شنّ غارات على لبنان، وتقول إنها تضرب أهدافا عسكرية لجماعة «حزب الله» في جنوب البلاد وشرقها. وتتهم الدولة اللبنانية بعدم تنفيذ قسطها من الاتفاق والقاضي بتفكيك ترسانة «حزب الله» العسكرية ومنعه من الوجود في المنطقة الحدودية.

وبلغ التصعيد ذروته الجمعة عندما قصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إطلاق صاروخين باتجاهها من جنوب لبنان.

في عيترون أيضا، يقول سائق الأجرة عماد حجازي (55 عاما): «على الرغم من المخاطر الأمنية، فإن معظم الناس جاؤوا لتمضية اليوم الأول لعيد الفطر، إلى جانب الشهداء الموتى من أبناء القرية».

ويكمل: «الحزن كان عارما وكل الناس في حالة تأثر»، مضيفا: «فقدت 23 شخصا من أقاربي في غارة إسرائيلية... وشعرت بالخجل من أن أقدّم التهاني بالعيد لعائلتي أو أصدقائي».

aawsat.com