تحذير دولي من خطر تدني تمويل الاستجابة الإنسانية في اليمن

كشفت بيانات قطاع الإغاثة في اليمن عن أن هذا البلد الذي أنهى عشر سنوات من الحرب الأهلية التي أشعلها الحوثيون سيواجه تحديات غير مسبوقة خلال هذا العام مع إيقاف الولايات المتحدة مساعداتها التي كانت تشكل نصف التمويل للمساعدات الإنسانية.
وبحسب تقرير حديث للجنة الإنقاذ الدولية، لم يزد إجمالي تمويلات هذا العام حتى الشهر الماضي عن 5 في المائة من إجمالي 2.47 مليار دولار مطلوبة لتغطية خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.
وحذرت اللجنة الدولية من أن الفجوة الزائدة بين الاحتياجات الإنسانية الزائدة والتمويل اللازم لتخفيفها قد تُعرّض ملايين اليمنيين للخطر، مما يؤدي إلى حرمانهم من الغذاء والرعاية الصحية وخدمات الحماية، وأكدت أن الاحتياجات الإنسانية مستمرة في الارتفاع.
وفي حين يُقدّر أن 19.5 مليون شخص سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية خلال هذا العام - بزيادة قدرها 7 في المائة تقريباً مقارنة بعام 2024 - تؤكد اللجنة، وهي من كبرى المنظمات الإغاثية العاملة، أن أكثر من 83 في المائة من السكان في جميع أنحاء البلاد يعيشون الآن في فقر.
ومع وجود أكثر من 4.5 مليون شخص نازح داخلياً، معظمهم قد نزح عدة مرات خلال العقد الماضي، تشهد فرق لجنة الإنقاذ الدولية طلباً زائداً على المساعدات في مواقع النزوح، حيث تواجه الأسر صعوبة في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية والمياه النظيفة، في وقت لا تزال فيه معدلات سوء التغذية من بين أعلى المعدلات في العالم.
ونبهت المنظمة إلى أن هذه الأرقام تعكس الخسائر المتراكمة لأزمة تفاقمت عاماً بعد عام، تاركة الأسر بموارد وخدمات أقل، ودون بدائل آمنة.
نقص حاد
جزمت لجنة الإنقاذ الدولية أنه على الرغم من هذه الاحتياجات الزائدة، لا تزال الاستجابة الإنسانية في اليمن تعاني من نقص حاد في التمويل، حيث تسعى خطة الاحتياجات والاستجابة الإنسانية للعام الحالي إلى جمع 2.47 مليار دولار للوصول إلى 10.5 مليون شخص، ولكن حتى شهر مارس (آذار) الماضي، لم يتم تمويلها سوى بنسبة 5 في المائة.
وبالمقارنة مع عام 2024، فقد تلقت خطة الاستجابة الإنسانية ما يزيد قليلاً على نصف المبلغ المطلوب، مما أجبر وكالات الإغاثة على تقليص الدعم الأساسي، مثل توزيع الأغذية، والحد من الوصول إلى المياه النظيفة وغيرها من الخدمات.
لكن التخفيضات المتوقعة في مساهمات الولايات المتحدة، التي شكلت أكثر من نصف إجمالي التمويل الإنساني لليمن خلال العام الماضي، تهدد بتوسيع هذه الفجوة بشكل أكبر، مما يعرض الملايين لخطر الجوع والمرض ومزيد من النزوح، وفق ما ذكره التقرير الدولي.
وبالنسبة للعائلات التي عانت سنوات من النزوح وانعدام الأمن، كانت المساعدات الإنسانية حاسمة للبقاء على قيد الحياة، وفق ما يقوله عبد الناصر، وهو أب نازح يعيش في أحد المخيمات في محافظة مأرب. ويُذكر أن أول مرة سمع فيها دوي الحرب شعر بخوف لم يعرفه من قبل، إذ فقد منزله، وسبل العيش، والأهم من ذلك، الشعور بالأمن.
وفي حين يؤكد الرجل أن العيش في المخيم معاناة يومية من دون خصوصية أو أمان، فإن المساعدة الصحية التي تلقاها السكان أحدثت فرقاً حقيقياً، لا سيما أنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الأدوية الأساسية أو حتى وجبة بسيطة.
خطر محدق
تقول كارولين سيكيوا، المديرة القُطرية للجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إنه على مدى عشر سنوات، عانى اليمنيون من صراع لا هوادة فيه، وانهيار اقتصادي، ومحدودية الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية المنقذة للحياة. ولهذا، كانت المساعدات الإنسانية شريان حياتهم، حيث منعت تفشي الأمراض، وقدمت الرعاية الصحية، وتمت مواجهة الكوارث الطبيعية، وساعدت الأسر على البقاء.
ورأت المسؤولة الإغاثية البارزة أن تفكير الحكومات المانحة في تقليص هذا الدعم أو إلغائه ليس مجرد قصر نظر، بل إنه يعرض ملايين الأرواح للخطر، مؤكدة أن اليمن الآن يقف على شفا الهاوية، ومن دون دعم عاجل، ستتم المخاطرة بضياع سنوات من المكاسب التي تحققت بشق الأنفس.
وذكرت سيكيوا أن المساعدات الإنسانية وحدها لا تكفي لإنهاء معاناة ملايين اليمنيين، لأن الحلول السياسية والتعافي الاقتصادي أصبحا اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى لضمان استقرار طويل الأمد.
وأوضحت أنه خلال العام الماضي، ورغم النقص الكبير في التمويل، تمكنت المنظمات الإنسانية من الوصول إلى أكثر من 8 ملايين شخص محتاج في جميع أنحاء اليمن.
وقالت المسؤولة الإغاثية إنه من الواجب أن يكون العام 2025 نقطة تحول في هذه الأزمة. ومع ازدياد الاحتياجات بشكل مطرد، دعت جميع المانحين إلى تكثيف جهودهم، وضمان تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام بالكامل.
aawsat.com