مقابر الأحياء.. شهادات مرعبة عن حفلات التعــ ــذيب الجماعي والانتهاكات الوحشية بمعتقلات المليشيا

متابعات – نبض السودان
كشفت تقارير ميدانية وشهادات حية لعدد من الناجين من معتقلات الدعم السريع عن فصول مأساوية من الانتهاكات والتعــ.ــذيب الممنهج داخل ما بات يُعرف بـ”سجون الموت” في العاصمة السودانية الخرطوم، وعلى رأسها سجن سوبا، الذي أصبح رمزًا للرعب والوحشية واللاإنسانية.
فمع استعادة الجيش السوداني السيطرة على عدد من المناطق في ولاية الخرطوم، برزت إلى السطح مشاهد صادمة لمئات الجثث من الأسرى الذين كانوا محتجزين داخل هذه المعتقلات الجماعية، بعد أن قضوا نحبهم بسبب الجوع، والعطش، والتعذيب الممنهج، في ظروف أقل ما توصف بأنها “جريمة ضد الإنسانية”.
مشاهد من الجحيم داخل الخرطوم
مئات من الضحايا الذين احتجزتهم مليشيا الدعم السريع، ماتوا ببطء داخل زنازين بلا تهوية ولا غذاء ولا دواء. وصف البعض ما تعرض له هؤلاء بأنه أشد فظاعة من الانتهاكات التي حدثت في سجن “أبو غريب” الشهير بالعراق إبان الغزو الأميركي.
ويكشف هذا التحقيق سلسلة من الجرائم المروعة التي ارتكبتها المليشيا المتمردة بحق المدنيين والعسكريين، وتهديها إلى الضمير الإنساني العالمي الذي التزم الصمت المريب حيال واحدة من أفظع الكوارث الإنسانية في العصر الحديث،بحسب منصة “السودان”.
سجن سوبا.. مقبرة الأحياء
سجن سوبا، الواقع جنوب شرق الخرطوم، يعد أبرز مراكز الاعتقال التابعة لمليشيا الدعم السريع، حيث يُحتجز داخله أكثر من 6 آلاف أسير، بحسب شهادات موثقة. مات منهم المئات جوعًا وتعذيبًا ومرضًا، مما جعله يُلقب بـ”سجن الموت”. تمتلئ الزنازين المكتظة بأجساد منهكة بلا أدنى مقومات الحياة.
العائلات أطلقت مناشدات استغاثة للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، ولكن كما يقول أهالي المعتقلين: “ضاعت صرخاتنا في وادي الصمت الدولي”.
أسماء لامعة أُعدمت بصمت
من أبرز المعتقلين الذين لقوا حتفهم داخل سجن سوبا اللواء الصادق يوسف، عضو مجلس إدارة نادي الهلال، الذي فارق الحياة تحت التعذيب. كذلك، تمّت تصفية مسجل معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم بعد اعتقاله لأسابيع، وهو شخصية أكاديمية بارزة تولّت عدة مناصب في الجامعة.
هروب من الجحيم
في ديسمبر الماضي، شهد السجن اشتباكات داخلية بين عناصر المليشيا، استغلها عدد من الأسرى للهروب. الناجون سردوا تفاصيل تقشعر لها الأبدان، حيث وصفوا ظروف الاعتقال بالجحيم اليومي: طعام فاسد، ماء ملوث، مرضى محرومون من الدواء، كبار سن يتبولون داخل الزنازين لعدم السماح لهم باستخدام دورات المياه، وأطفال ومسنون يتقاسمون العذاب نفسه.
“يعلقوننا من أرجلنا حتى نموت”
روى أحد الأسرى أن أفراد الدعم السريع كانوا يعلقون الأسرى من أرجلهم ورؤوسهم للأسفل لساعات طويلة حتى يفقدوا الوعي أو يموتوا، وقال: “رأيت رجلاً مسنًا معلقًا طوال اليوم، وعندما أنزلوه، سقط جثة هامدة.. الطبيب أخبرني أن شرايين رأسه انفجرت”.
ومن أساليب التعذيب الأخرى: الضرب بسياط العنج، تهشيم الأرجل، إطلاق النار على الركبتين وترك الضحية ينزف حتى الموت، فضلًا عن التعذيب النفسي القاسي.
أكل فاسد وجرادل الفضلات البشرية
الطعام في السجن هو عبارة عن دقيق فاسد ممزوج بماء مالح ملوث، يتحوّل إلى “شوربة” يتناولها الأسرى. الزنازين تحولت إلى دورات مياه، حيث يُمنع المعتقلون من الخروج، ويُجبرون على التبول والتغوط داخل أوعية يُطلب منهم لاحقًا إفراغها.
كسر الأرجل بلا رحمة في المعتقل
أحد الناجين قال لقناة فضائية: “كسروا رجلي بالعصي حتى تهشمت، وأصبحت لا أقدر على المشي.. رجلاي تعفنتا وخرج منهما الدود.. وعندما كنت أصرخ قائلاً (يا الله)، قال لي أحدهم: خلي الله بتاعك يجي يحلك مننا”.
تقارير دولية تفضح الصمت الأممي
رغم التقارير الصادرة من الأمم المتحدة، والتي تحدثت عن سجون سرية داخل منازل ومدارس وجامعات يتم فيها تعذيب المدنيين بالكهرباء والجلد والإجبار على دفن الجثث، فإن الموقف الدولي لا يزال أقرب إلى التجاهل.
وأكد التقرير الأممي أن سجن سوبا يضم أكثر من 6000 أسير حتى منتصف عام 2024، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
nabdsudan.net