أزمات متلاحقة تثير تساؤلات بشأن أداء مسؤولين مصريين

أثارت «أزمات متلاحقة» أبطالها وزراء ومسؤولون مصريون، أخيراً، تساؤلات بشأن أداء المسؤولين، ومدى قدرتهم على تحمُّل مسؤولياتهم ومستوى كفاءتهم، خصوصاً في اللقاءات والجولات الجماهيرية.
ففي غضون أسبوعين، شغلت 3 وقائع متتالية أحاديث مصريين، عادّين أنها «تضمَّنت مشاهد غير مقبولة، وتفتح النقاش بشأن معايير اختيار القيادات».
المشهد الأحدث شهدته محافظة سوهاج بصعيد مصر، الجمعة، خلال افتتاح أحد المساجد، حيث وقعت «مشادة كلامية» بين سكرتير عام المحافظة، ونائب المحافظ، تحوَّلت إلى تلاسن، ليتدخل المحافظ والحضور لمحاولة التهدئة بين الطرفين؛ إلا أن السكرتير العام، ظهر في فيديو مُصوَّر، وهو يوجِّه «ألفاظاً نابيةً» للمحافظ، وهو ما دفع وزيرة التنمية المحلية، منال عوض، إلى إقالة السكرتير العام.
لاحديث للرأي العام في سوهاج وغيرها إلا عن خناقة السكرتير العام ونائب المحافظ أمام جمهور المصلين ، وفي حضور السيد المحافظ ، وبألفاظ نابيه . مطلوب تدخل الدكتوره وزيرة التنميه المحليه وإحالة الأمر للتحقيق ، لابد من حل ينهي الصراعات الدائمه بين نواب المحافظين وسكرتيرو العموم ، تنازع...
— مصطفى بكري (@BakryMP) April 11, 2025
قبلها بأيام، أثارت وفاة مدير إدارة الباجور التعليمية في محافظة المنوفية (دلتا مصر)، حالةً من الجدل حول ملابسات الوفاة التي حدثت عقب زيارة مفاجئة لوزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، لعدد من مدارس الإدارة، وما أُثير عن «تعنيفه وتوبيخه العلني لمدير الإدارة»، رغم النفي الرسمي من الوزارة لذلك.
أما الواقعة الثالثة، فتمثلت فيما أُثير من انتقادات لتعامل وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، مع مرضى الغسل الكلوي، خلال زيارة أحد المراكز الطبية في محافظة المنيا (صعيد البلاد)، بعد أن طالبهم الوزير بتوجيه الشكر للدولة قبل تقديم شكواهم «من طول فترات الانتظار، ونقص الطواقم التمريضية».
«الوقائع المتلاحقة» أثارت اهتمام منصات التواصل الاجتماعي. وأوضح روادها أنها «تنم عن عدم التدقيق في اختيار القيادات»، مُطالبين بـ«عزل أي مسؤول يتطاول ويخرج عن حدود اللياقة». كما دفعت عدداً من البرلمانيين لتقديم طلبات إحاطة حول «طبيعة تعامل الوزراء والمسؤولين، التي تسيء إلى جهاز العمل التنفيذي أمام الرأي العام».
وهو ما تشير إليه عضوة «لجنة الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة سناء السعيد، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن وقائع «التجاوز» من قبل مسؤولين تنفيذيين في الآونة الأخيرة، هي «تصرفات مرفوضة شكلاً وموضوعاً»، لأن هؤلاء المسؤولين هم قدوة، ومن المفترض أن يكونوا مثالاً جيداً للمواطنين من حيث «الارتقاء بالسلوك وليس تدنيه»، بحسب وصفها.
وربطت السعيد تكرار هذه الوقائع بـ«عدم قدرة الحكومة على القيام بمسؤولياتها في بعض القطاعات»، عادّة أن «واقعة شجار» قيادات محافظة سوهاج، دليل على «إخفاق المسؤول في القيام بمهام عمله»، مشددة على أن هذا الإخفاق يؤثر سلباً في ثقة المواطن بالحكومة، فكيف له أن يلجأ لمسؤول لا يستطيع إدارة ملفاته الموكلة إليه؟!
العصبيه اصبحت نهج متبع لكثير من الوزراء والمسؤليين برغم انهم قدوه وحاصلين على دورات ضبط نفس التكييف على العمل تحت ضغط لسه زياره وزير التعليم من اسبوع والنهارده سوهاج وكمان بورسعيد فى حمله مرور على الاحياء تفتيش نظافهمهما حدث لايجب على المسؤل ان يفقد اعصابه بالاخص امام الكاميرات
— Alsayed Abrhim (@AlsayedAbrhim) April 11, 2025
وأكدت عضوة «لجنة الإدارة المحلية» أن البرلمان يقوم بدوره الرقابي، ويقدِّم الأدوات اللازمة لمحاسبة المسؤولين، معربة عن أملها في اتخاذ القرارات المناسبة تجاه هذه الوقائع، منتقدةً في الوقت نفسه طريقة التعامل الحكومي مع هذه الأزمات، مستشهدةً بعزل وزيرة التنمية المحلية أحد أطراف «مشاجرة سوهاج» من دون حل جذري للمشكلة. كما شدَّدت على ضرورة مراجعة طرق اختيار المسؤولين في المناصب القيادية، مشيرة إلى أن هناك «علامات استفهام» لدى المواطنين العاديين بشأن أداء بعض المسؤولين، لافتة إلى أهمية أن يكون هناك «انتقاء» في اختيار القيادات خلال الفترة المقبلة دون مجاملة.
البلاء الذي بلينا به هذه الأيام هو سوء اختيار القيادات لا خبره ولا ذكاء ولا معرفه بالقوانين واللوائح فقط الاعتماد علي قريب أو دافع فالسيد السكرتير العام علي درجة لواء سابق وليس له درايه بالحياه المدنيه ام الساده نواب المحافظين فهم يتم اختيارهم من اي تخصصات بعد حضورهم دوره تدريبي
— مهندس عادل هويدى (@HewAdel) April 11, 2025
أستاذ الإدارة المحلية، الدكتور حمدي عرفة، أرجع هذه «الأزمات المتلاحقة» إلى «القصور في تعيين بعض المسؤولين بالجهاز الإداري للدولة»، لافتاً لـ«الشرق الأوسط» إلى غياب إلمام بعض المسؤولين بالقوانين التي تحكم عملهم، والتي تنظِّم العلاقة مع المواطنين، حيث حقوق وواجبات الطرفين، وكذلك العلاقة بين المسؤولين أنفسهم. واقترح حلولاً عدة لمعالجة هذا القصور، أولها إلزام المسؤولين الذين يعانون من نقاط ضعف بتلقي دورات تدريبية متخصصة في العلوم الإدارية وعلم الاجتماع والإدارة المحلية، وكذا تلقي دورات خاصة في القيادة، التي تركز على قوة التأثير وكيفية التواصل المجتمعي الفعّال، بالإضافة إلى فهم لغة الجسد وفنون التواصل بشكل عام.
ياريت احالتهم للتحقيق علشان الرأي العام يعرف ازاي الناس ده وصلت للمتاصب ده ازاي https://t.co/CsZtf9NwSI
— Adel Latif (@AdelLatif4) April 11, 2025
بينما وصف أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، تصرفات بعض المسؤولين أخيراً بأنها «لعبة استعراضية»، لافتاً إلى أن «هذا الاستعراض غالباً ما يكون أداةً إعلاميةً لإظهار الاهتمام والمتابعة من جانب المسؤول، بينما الواقع يشير إلى تقصيره».
صادق أكد لـ«الشرق الأوسط» أن المواطنين يدركون أن هذه التصرفات مجرد «شو» لا يعكس اهتماماً حقيقياً بأوضاعهم، موضحاً أن الأمر يحتاج إلى معالجة المشكلات بشكل جذري، حتى لا يفقد المواطن الثقة في الحكومة مع تكرار هذه الوقائع.
aawsat.com