خبر ⁄سياسي

تباين برلماني في طهران حيال محادثات عمان النووية

تباين برلماني في طهران حيال محادثات عمان النووية

غداة المباحثات الحساسة بين واشنطن وطهران، شهد البرلمان الإيراني ذو الأغلبية المحافظة تراشقاً بين المؤيدين والمعارضين لنهج الحوار مع واشنطن؛ إذ أبدى مشرعون شكوكهم في نجاح المسار الجديد، في حين دعا آخرون إلى التريث والتزام توصيات المرشد علي خامنئي.

وبدأ البرلمان جلساته الأسبوعية صباح الأحد على وقع الردود حيال المناقشات التي جرت بين وزير خارجية إيران عباس عراقجي، وستيف ويتكوف المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، في سلطنة عمان.

وانتقد النائب المتشدد مهدي كوجك زاده إخفاء تفاصيل المحادثات عن البرلمان. وقال في مستهل الجلسة إن «البرلمان ليس لديه أي معلومات عن مسار المفاوضات مع أميركا». وأضاف: «يا أيها الشعب، كونوا على حذر، فكل لحظة حساسة للغاية».

وأضاف النائب كوجك زاده: «شعب إيران، أثبتت التجارب أن من يدّعون الخير ودفع شبح الحرب وإعمار الدنيا، لم يفعلوا إلا نهب أموالكم، وإسناد المناصب لأبنائهم، وشقّ طرق خاصة لفيلاتهم، ومحاولة الاستيلاء على فنادق مؤسسة الدولة».

عباس عراقجي وسط أعضاء الوفد الإيراني أثناء مكالمة هاتفية بعمان في 12 أبريل 2025 (رويترز)

وقاطعه رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، قائلاً: «البرلمان مطّلع تماماً على مجريات المفاوضات، ولا يتم اتخاذ أي إجراء خارج المسار القانوني»، وأضاف: «كلامك هذا غير دقيق وغير صحيح»، حسبما أفاد موقع البرلمان الإيراني على شبكة «تلغرام».

ودخل النائب الإصلاحي حسن قشقاوي، وهو دبلوماسي سابق، على خط السجال، مطالباً النواب بعدم التسرع في إصدار الأحكام على نتائج المحادثات.

وقال قشقاوي الذي يترأس اللجنة النووية في البرلمان، إن اللجنة التي تضم ثلاثة نواب تؤيد مسار المفاوضات. وأضاف: «قرارات القيادة العليا فيما يتعلق بالمفاوضات هي الكلمة الفصل، ونحن في اللجنة ندعم هذا المسار». وتابع: «نعتقد أن إخواننا في فريق التفاوض قد أدّوا عملهم بشكل جيد، والعالم اليوم يقرّ بأن الفريق محترف».

وذكرت مصادر برلمانية أن عراقجي سيُطلع لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي على نتائج محادثات الجولة الأولى، قبل أن يعود إلى مسقط في مطلع الأسبوع المقبل.

وقال قشقاوي: «من المستبعد أن يرفض الفريق المفاوض النووي طلباً من لجنة الأمن القومي أو البرلمان لتقديم تفسيرات».

وأعلن النائب عباس مقتدائي أن وزير الخارجية «سيحضر قريباً إلى لجنة الأمن القومي لتقديم تقرير مفصل عن مفاوضات مسقط».

في هذا الاتجاه، قال النائب سلمان إسحاقي إن «الفريق التفاوضي يتابع الأمور مع الحفاظ على هيبة الدستور، وبالتنسيق التام مع رئيس البرلمان ورئيسَي السلطتين الأخريين»، معرباً عن ثقته بأن رئيس البرلمان «لن يسمح للفريق المفاوض بتجاوز أي من الخطوط الحمراء».

بدوره، دعا النائب المتشدد أمير حسين ثابتي إلى ضرورة «عدم التسرّع في تقييم نتائج المفاوضات»، وقال: «علينا أن ننتظر التفاصيل».

وأضاف: «لا ينبغي أن نتحرك بدافع الضغوط أو أن نستعجل في تقييم نتائج المفاوضات؛ فلكل مفاوضات معايير دقيقة يجب احترامها». وتابع: «إذا تم رفع العقوبات البنكية والنفطية، وتمكّنا من إقناع الطرف الآخر بأننا لا نسعى لامتلاك سلاح نووي، فقد يكون ذلك اتفاقاً جيداً، وكل ما عدا ذلك فهو تكرار للخسائر، وسنعود إلى اقتصاد تابع للأجانب وعقوبات أشد».

وقال: «أقترح على الحكومة أن تمضي في المفاوضات إذا كانت تؤدي فعلياً إلى رفع العقوبات، لكن التجربة أظهرت أن هذا الطريق لا يؤدي إلى نتيجة، والولايات المتحدة لا تلتزم بتعهداتها». واقترح على الحكومة أنه «بدلاً من التعويل على رفع العقوبات بيد المستكبرين، عليها أن تواجه الاستكبار الداخلي بدل انتظار رفع العقوبات من الاستكبار الخارجي»، داعياً إلى تعويض مستثمرين فقدوا ودائعهم في بنوك داخلية.

على خلاف ذلك، قال النائب أمير حياة مقدم: «نحن ندعم المفاوضات غير المباشرة التي تُجرى في سلطنة عُمان، وننبّه وزير الخارجية إلى ضرورة التفاوض ضمن توجيهات سماحة القائد». وأضاف: «نحن واثقون أننا سنخرج مرفوعي الرأس في وجه (الشيطان الأكبر)، والله معنا ومع شعوب المنطقة».

وقال النائب روح الله نجابت، ممثل مدينة شيراز: «أحيّي إخواني في ميدان المعركة الدبلوماسية؛ إذ لم تخضع إيران يوم أمس، بل فرضت إرادتها». وتابع: «كل ما يقلقنا هو أننا لا يمكننا الوثوق بالطرف المقابل؛ لذا على وزير الخارجية أن يحذر من تجاوز الخطوط الحمراء».

أما النائب فضل الله رنجبر، ممثل مدينة كرمانشاه، فقد دعا إلى «التضامن والتكاتف تحت راية المرشد، في ظل الظروف الحالية، لدعم السياسة الخارجية للدولة». وقال: «نحن نثق بفريق التفاوض، وسنواصل دعمهم بما يتماشى مع توجيهات القيادة».

عنصرا أمن عمانيان يراقبان موكباً من السيارات يُعتقد أنه يقل الوفد الأميركي في مسقط أمس (أ.ب)

من جهته، قال النائب المتشدد حميد رسائي إن المفاوضات الحالية «تمت بموافقة المرشد لإثبات فشلها». وأضاف: «الجميع يعلم أن رأي المرشد هو عدم الثقة بأميركا، وأن التفاوض مع (الشيطان الأكبر) لا جدوى منه، وقد قال القائد بوضوح: العقوبات ستزداد، والعُقد ستُشدّ أكثر».

وتابع رسائي: «المفاوضات الحالية رغم أنها غير مباشرة، جاءت بموافقة المرشد، فقط ليكتشف بعض المسؤولين المتفائلين مجدداً أن الأميركيين لا يلتزمون، وأنه لا عقلانية في التعويل عليهم». وأضاف: «نحن لا نعارض المفاوضات بشرط أن تبقى ضمن الإطار الذي حدده القائد، وألا تتوقف شؤون البلاد على ما سيحدث في مسقط».

وقال النائب المتشدد محمود نبويان، نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية: «علينا أن نضمن أمن البلاد ونتفادى الحرب، وعلى الأعداء أن يعلموا أن ردنا سيكون قاسياً إذا تمادى المعتدون».

وأضاف نبويان، وهو من أشد معارضي الاتفاق النووي لعام 2015: «لا أعتقد أن ترمب أو من على شاكلته سيلتزمون بتعهداتهم». وزاد: «إذا حدث أي خرق، فسنذكّر الجميع بأن الأميركيين هم من نقضوا الاتفاق، كما حذّر المرشد مراراً».

على نقيض ذلك، قال النائب كامران غضنفري إن «التجربة أثبتت أن كل مرة تفاوضنا مع أميركا، نقضوا العهد وانسحبوا من الاتفاق». وصرح: «البعض يظن أن مجرد الجلوس إلى طاولة التفاوض سيحل المشاكل الاقتصادية، وهذا وهْم».

aawsat.com