الهادي ادريس: افراغ الفاشر من السكان السبيل الوحيد لحماية الأرواح

نيروبي، 19 أبريل 2025 – قال رئيس حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، الهادي إدريس، السبت، إنهم يخططون لإجلاء ما يزيد عن 100 ألف أسرة من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والمعسكرات المحيطة بها خلال الأيام المقبلة، معتبرًا إفراغ المدينة من كامل السكان السبيل الوحيد للحفاظ على أرواحهم.
وانحاز الهادي إدريس إلى خطوات قوات الدعم السريع، التي أعلنت عزمها تشكيل حكومة في مناطق سيطرتها، وأقرت دستورها، كما أنشأت تحالفًا سياسيًا ضم مكونات حزبية وحركات مسلحة، وهو ما عمق المخاوف من شبح تقسيم السودان.
وقال الهادي إدريس، وهو أيضًا قيادي في تحالف “السودان التأسيسي”، في مقابلة مع “سودان تربيون”: “حتى الآن، أجلينا أكثر من 50 ألف أسرة من مدينة الفاشر نحو طويلة وكورما في الجزء الغربي من المدينة”.
وأشار إلى وجود آخرين ما زالوا عالقين في شقرة بالقرب من زمزم، لافتًا إلى أن قوات الحركة ترابط حاليًا في الطرقات وتقدم المعونات الغذائية ومياه الشرب.
وتابع: “سنقوم في الأيام المقبلة بإجلاء ما يزيد عن 100 ألف أسرة”.
ووصف الهادي إدريس إخراج مواطني مدينة الفاشر والمعسكرات المحيطة بها من خطوط النار بأنه “أكبر عملية إجلاء حدثت في التاريخ من مناطق خط النار إلى أماكن أكثر أمنًا”.
ورأى أن إخلاء الفاشر من السكان هو الأمل الوحيد للحفاظ على أرواح المدنيين، في ظل تعذر التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو هدنة، لإصرار الأطراف على الحرب واستخدام المدنيين كدروع بشرية.
وتتجه الأوضاع في ولاية شمال دارفور نحو مزيد من التصعيد، بعد حصار الدعم السريع لمدينة الفاشر بسيطرتها مؤخرًا على مخيم زمزم، الواقع على بُعد 12 كيلومترًا جنوب غربي المدينة، وحشدها آلاف المقاتلين لشن هجوم للسيطرة على آخر معاقل السلطة المركزية في إقليم دارفور.
اتهامات لحلفاء الجيش
وجدد الهادي إدريس اتهامه للحركات المسلحة التي انحازت للجيش السوداني بإفشال مقترحات تم تقديمها قبل أشهر لوقف العدائيات داخل المدينة وخروج الأطراف المتقاتلة منها.
وقال إن إخراج المواطنين من المدينة هو السبيل الوحيد لحمايتهم بإرسالهم نحو مناطق آمنة في طويلة وكورما، وهي مواقع تسيطر عليها حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور والمجلس الانتقالي بزعامة الهادي إدريس.
وأكد إدريس أن بعض المنظمات الدولية أبدت استعدادها لإيصال الإغاثة والمساعدات الإنسانية للمواطنين حال وصولهم إلى المناطق الآمنة والخالية من النزاع.
وتابع: “لن نشجع الناس على البقاء في الفاشر، لأن الإغاثة لن تصلهم في المدينة لكونها أصبحت منطقة قتال، فيجب عليهم أن يخرجوا فورًا”.
واستبعد بشدة ارتكاب قوات الدعم السريع جرائم إبادة جماعية أو تطهير عرقي حال سيطرتها على مدينة الفاشر.
وشدد على أنهم “لن يسمحوا بارتكاب أي جريمة، وسيعملون على إخراج كل المواطنين، وهم في الأصل ضحايا لجرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي ارتكبها نظام الرئيس المعزول عمر البشير قبل سنوات”.
وفي سؤال حول لماذا لا يطالبون الدعم السريع بإنهاء حصار الفاشر بدلًا من الدعوة لإخلاء المدينة من السكان؟ أجاب إدريس بقوله: “الدعم السريع والجيش والحركات في صراع مسلح. الجيش ظل يهاجم الدعم السريع في الخرطوم، والدعم السريع أيضًا له الحق في الهجوم على أي منطقة أخرى، وبدون اتفاق على وقف العدائيات لن نستطيع أن نلزم طرفًا بوقف الهجمات، والصحيح الآن هو أن نطالب بإجلاء المدنيين إلى مناطق أكثر أمنًا بدلًا من الدعوة لفك الحصار”.
لم نهاجم “زمزم”
ونفى الهادي إدريس بشدة الاتهامات التي وجهت لقوات المجلس الانتقالي بالمشاركة في الهجوم على مخيم زمزم، مشيرًا إلى أن قواتهم تعمل ضمن قوات تحالف السودان التأسيسي في إجلاء المدنيين بمشاركة الدعم السريع، ورأى أن إجلاء المدنيين ليست مهمة حربية.
وأضاف: “قواتنا لا تقترب حتى من مواقع الاشتباكات، وهي تقف على بعد 15 كيلومترًا من مدينة الفاشر، وتنتظر المدنيين القادمين من هناك، وتقوم بنقلهم لطويلة وكورما، وأقصى حد يمكن أن تصل إليه قواتنا هو بلدة شقرة المجاورة لمخيم زمزم”.
حكومة السلام
وقال رئيس الحركة إن الحكومة الموازية التي يعتزم تحالف “تأسيس” إعلانها لن تكون حكومة حرب، بل تعمل من أجل السلام ووقف القتال، وأكد أنهم لن يتحملوا أي مسؤولية قانونية أو سياسية أو أخلاقية إزاء الانتهاكات التي يرتكبها أي من أطراف النزاع لأنهم لم يكونوا جزءًا من الحرب الدائرة الآن.
وتحالفت الدعم السريع مع الحركة الشعبية – شمال، وحزب الأمة القومي، وقوى أهلية ومسلحة في دارفور، بينها المجلس الانتقالي، في ائتلاف السودان التأسيسي “تأسيس”، بغرض تشكيل حكومة موازية يُرجح أن تتخذ من نيالا بجنوب دارفور مقرًا لها، حيث تخطط لإصدار عملة جديدة ووثائق هوية وسفر مغايرة.
وأعلن إدريس عن قرب إعلان تشكيل الحكومة الجديدة من داخل الأراضي السودانية في وقت قريب، بعد أن قطعت المشاورات بين الأطراف المؤسسة لتحالف السودان التأسيسي أشواطًا بعيدة، كاشفًا عن وصول وفد مقدمة من التحالف للسودان لوضع الترتيبات النهائية لتشكيل الحكومة.
وأفاد أن حرمان المواطنين من الخدمات من قبل من سماها “سلطة الأمر الواقع” دفعهم للتوجه نحو تشكيل الحكومة، واتهم الحكومة التي يسيطر عليها الجيش في بورتسودان بإقامة امتحانات الشهادة السودانية في أماكن محددة وحرمان آخرين، بجانب تداول العملة في أماكن معينة مع حرمان عدد من الولايات، علاوة على سن قانون “الوجوه الغريبة” واستهداف المواطنين على أساس العرق واللون.
ونفى الاتهامات الموجهة لهم بالعمل على تقسيم السودان من خلال تشكيل حكومة موازية، وقال إن “سلطة بورتسودان هي التي قسمت السودان فعليًا”.
اتهامات للحركة الإسلامية
واتهم إدريس الحركة الإسلامية بإشعال الحرب وقطع الطريق أمام العملية السياسية والاتفاق الإطاري، الذي كان يهدف لعودة البلاد إلى المسار الديمقراطي، متهماً إياها باستغلال عناصرها داخل القوات المسلحة في إشعال الحرب والتأثير على الجيش، وهو ما قاده للانسحاب من مفاوضات جدة والتنصل عن أي التزامات متعلقة بوقف القتال.
وقال إن الحل الوحيد للضغط على سلطة الأمر الواقع هو تشكيل الحكومة، لكون أن الصراع الدائر الآن هو صراع حول السلطة والشرعية، وأكد أن الحكومة الجديدة ستخلق واقعًا جديدًا لا يمكن تجاوزه، وستنازع سلطة بورتسودان في شرعيتها، وتسعى لتقديم الخدمات للمواطنين في أماكن سيطرتها.
شكوى الإمارات
ورأى إدريس أن الشكوى التي تقدمت بها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان ضد دولة الإمارات العربية لدى محكمة العدل الدولية ليست لها أي سند قانوني، وأشار إلى أن الحكومة استخدمت القضية كورقة سياسية لإظهار أنها تمثل الشعب السوداني، وهو ادعاء قال إن مكانه ليس محكمة العدل الدولية التي تختص بفض النزاعات بين الدول، خاصة في قضايا الحدود، وأن السودان والإمارات ليست بينهما حدود مشتركة.
وتساءل إدريس: إذا كانت سلطة الأمر الواقع جادة في معاداة دولة الإمارات، فلماذا لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية؟ وتابع: “هذه قضية ليست لها قيمة وستنتهي دون شيء… وبدلًا من تحميل مسؤولية فشلك لدولة ليست لك معها حدود، عليك إيقاف الحرب بدل الإساءة للعلاقات التاريخية بين الدول، ولدينا الآن آلاف السودانيين في الإمارات”.
وقال إن الإمارات ظلت تقدم مساعدات إنسانية بصورة دورية لآلاف السودانيين اللاجئين في دول تشاد، إثيوبيا، جنوب السودان وأوغندا.
وفي السادس من مارس الماضي، رفعت الحكومة دعوى لدى محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات العربية، متهمة أبوظبي بتقديم دعم عسكري ومالي وسياسي لقوات الدعم السريع، التي تقاتل ضد الجيش السوداني، وزعمت أن هذا الدعم ساهم في أعمال إبادة جماعية ضد قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور.
sudantribune.net