إسرائيل تشدد تضييقها على تحركات قيادات السلطة الفلسطينية

عادت إسرائيل للتضييق على المسؤولين الفلسطينيين في تحركاتهم داخلياً وخارجياً، ضمن سياسة تنتهجها على مدار سنوات، خصوصاً في تلك الفترات التي تشهد تصعيداً ميدانياً أو سياسياً يتعلق بمحاولات السلطة الفلسطينية للحصول على مكتسبات سياسية مختلفة.
وكثَّفت إسرائيل منذ بداية حرب غزة هذا النهج، إذ منعت السلطات الإسرائيلية، السبت، رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى من زيارة عدد من البلدات والقرى في محافظتي رام الله ونابلس بالضفة الغربية.
وقالت «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، في منشور أوردته على صفحتها بموقع «فيسبوك» إن: «سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ومن دون سابق إنذار، منعت زيارة رئيس الوزراء محمد مصطفى من القيام بجولة ميدانية في بلدات دوما وقصرة في محافظة نابلس، وبلدتي برقا ودير دبوان في محافظة رام الله والبيرة».
وأضافت أن «هذا الإجراء التعسفي يأتي استكمالاً لسلسلة إجراءات عنصرية تتخذها سلطات الاحتلال بحق الحكومة الفلسطينية، وذلك في محاولة يائسة منها للعمل على خلخلة الثقة بين الحكومة والمواطن الفلسطيني».
عرقلة سفر عباس
وخلال الأيام القليلة الماضية، سعت إسرائيل أيضاً إلى عرقلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس من السفر إلى الأردن، تمهيداً لتوجهه إلى سوريا، وذلك من خلال تأخير السماح له بالسفر بطائرة مروحية أردنية، لكن بعد جهود مكثفة واتصالات جرت من جهات مختلفة، اضطر عباس للسفر برّاً إلى المملكة الأردنية، بعد مماطلة إسرائيلية.
ولم تُعلّق السلطة الفلسطينية رسمياً على ذلك، رغم أن بعض المسؤولين حاولوا التأكيد حتى آخر لحظة وأكثر من مرة أن عباس سيسافر جواً، لكنه في النهاية غادر براً، الأمر الذي نادراً ما حصل منذ سنوات.
ولا يعرف فيما إذا كان هذا التضييق الإسرائيلي بسبب نية الرئيس الفلسطيني زيارة سوريا، ولقاء نظيره السوري أحمد الشرع، الذي ما زالت إسرائيل تصفه بأنه «إرهابي»، وتهاجم أراضي بلاده، أو بسبب التحركات الفلسطينية بالتنسيق مع دول أوروبية، خصوصاً فرنسا بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، من أجل اعتراف دولي بدولة فلسطينية في إطار «حل الدولتين».
وبالطبع، أغضب هذا الموقف أركان الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وجعله يخرج في تصريحات متكررة هاجم فيها الجهود الفرنسية وتصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون.
التزام الصمت
والتزمت الحكومة الفلسطينية الصمت إزاء منع مصطفى من زيارة عدد من البلدات في الضفة، كما أن الرئاسة الفلسطينية ما زالت تلتزم الصمت إزاء المحاولات التي اتخذت من قبل إسرائيل تجاه الرئيس عباس قبيل زيارته إلى سوريا.
وفي إسرائيل أيضاً، لم تُعلق أي جهة رسمية على هذه الخطوات المتخذة من قبلها، في حين تناولت بعض وسائل الإعلام العبرية الخبر بشكل عابر بشأن محاولات منع زيارة الرئيس الفلسطيني إلى سوريا، دون أن تحصل على تعقيب رسمي من حكومة نتنياهو.
ويرى مراقبون أن هذا التضييق على تحركات المسؤولين الفلسطينيين يأتي في إطار الحصار السياسي والميداني الذي تفرضه إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، على مدن الضفة الغربية.
وتتعرَّض الضفة الغربية في الأشهر القليلة الماضية إلى سلسلة من العمليات العسكرية المكثفة، وينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات اقتحام نهاراً وليلاً، وينصب مزيداً من الحواجز، ويفرض عقوبات على السكان، كما يضيق عليهم من خلال تحركاتهم من منطقة إلى أخرى، أو محافظة إلى أخرى، وتنتشر عناصر من أفراد الشرطة الإسرائيلية على طرق مختلفة، ويفرضون مخالفات مرورية عليهم بمبالغ مالية ليست بالبسيطة.
تغيير جغرافية الضفة
وتتركز العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل أساسي في مخيم جنين منذ 3 أشهر، وبالمدة نفسها في مخيم طولكرم، ومنذ نحو 70 يوماً في مخيم نور شمس في محافظة طولكرم، وسط عمليات تجريف وهدم ونسف للمنازل، وشق طرق جديدة في محاولة لتغيير المعالم الجغرافية لتلك المخيمات التي تصفها بأنها «بؤرة للإرهاب المسلح».
وتسببت هذه العمليات في نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين من تلك المخيمات، في مشهد متكرر لما يجري في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية قاسية منذ نحو 18 شهراً. كما تتعرَّض قرى وبلدات ومخيمات محافظات أخرى لاقتحامات يومية، واعتداءات من قِبَل المستوطنين الذين يقيمون مزيداً من البؤر الاستيطانية، ويشقون طرقاً استيطانية، ويستولون على معدات لمزارعين فلسطينيين، ويعتدون عليهم ما خلَّف عدداً من الإصابات في صفوفهم.
وصباح السبت، استولى المستوطنون على معدات و3 شاحنات خلال عملها في مد خط كهرباء في قرية بيت دجن شرق نابلس، كما أقدم آخرون على سرقة مضخات مياه تستخدم لري المحاصيل المروية في الأغوار الشمالية.
وغالبية هذه الاعتداءات من قِبَل المستوطنين تتم بحماية من الجيش الإسرائيلي، وفق ما يؤكد الفلسطينيون، الأمر الذي يُشير إلى تغيُّر النهج بشكل علني وأوضح في إسرائيل، من خلال إضفاء الشرعية على مثل هذه الاعتداءات، في ظل وجود حكومة يمينية في تل أبيب، تضم متطرفين مثل الوزيرين بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، اللذين يشجعان الاستيطان والمستوطنين.
aawsat.com