خبر ⁄سياسي

وساطة توغو دفعة جديدة لإنهاء أزمة شرق الكونغو

وساطة توغو دفعة جديدة لإنهاء أزمة شرق الكونغو

خطوة جديدة لإحياء محادثات شرق الكونغو الديمقراطية، مع زيارة للوسيط الأفريقي رئيس توغو، فور غناسينغبي، إلى كينشاسا، لإنهاء النزاع المتصاعد منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، مع سيطرة المتمردين المدعومين من رواندا على مناطق استراتيجية.

تلك الخطوة الجديدة تعد امتداداً لخطوات أفريقية سابقة وأخرى حالياً من قطر، لإنهاء النزاع، وستكون حسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة «دفعة جديدة» لإنهاء الأزمة المتصاعدة في شرق الكونغو، غير أنهم تحدثوا عن تحديات أبرزها «افتقار البلاد إلى هياكل ومؤسّسات ذات نفوذ تُساعد على توظيف فرص للسلام والاستقرار».

وقادماً من أنغولا (الرئيس السابق للوساطة الأفريقية منذ 2022) بحث الرئيس التوغولي مع نظيره بالكونغو فيليكس تشيسيكيدي، الخميس، تطورات حل الأزمة مع المتمردين خلال لقاء في كينشاسا، ضمن إطار مهمته الجديدة بوصفه وسيطاً للاتحاد الأفريقي، وفق الرئاسة الكونغولية وإعلام أفريقي.

كما أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، اتصالاً هاتفياً مع فيليكس تشيسيكيدي، بحث خلاله الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، مؤكداً «حرص مصر على دعم كل المبادرات الإقليمية والدولية التي تهدف إلى التوصل إلى تسوية سياسية لهذه الأزمة، بما يُعيد الاستقرار للمنطقة والإقليم».

ووفق الخبراء، يعد وصول غناسينغبي إلى كينشاسا «خطوة مهمة نحو محاولة إيجاد حل لهذه الأزمة المستمرة منذ سنوات بفضل علاقاته الوثيقة مع الرئيس الكونغولي، وكذلك مع الرئيس الرواندي بول كاغامي، ما قد يفتح المجال أمام تحقيق تقدم في المساعي السلمية».

وتَجدد النزاع، الذي يعود إلى نحو 3 عقود، بشكل لافت في يناير الماضي، مع شنّ المتمردين، الذين تقودهم عرقية «التوتسي» والمدعومين من رواندا، هجوماً في شرق الكونغو الديمقراطية، متقدمين نحو مدينة غوما؛ ثانية كبرى مدن شرق الكونغو الديمقراطية وعاصمة إقليم شمال كيفو الذي يضم مناجم للذهب والقصدير، وكذلك نحو مدينة بوكافو الاستراتيجية؛ كبرى مدن شرق الكونغو وعاصمة إقليم جنوب كيفو، في أكبر توسّع بالأراضي الخاضعة لسيطرة الحركة منذ بدء أحدث تمرد لها في عام 2022، وبعد صعود وهبوط في المواجهات التي تصاعدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، يرى أن «الرئيس التوغولي له مؤهلات شخصية مهمة مع طرفي الأزمة، ويمتاز بحضور أفريقي جيِّد، لكن وساطة توغو نفسها، قد تقف أمامها مطبات شاهقة، تتمثل في تاريخ فشل الجهود الأفريقية السابقة».

في حين أكد الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن أزمة الكونغو متشعبة، ويوجد أكثر من لاعب بها، ويعد دخول توغو وسيط تكملة ودفعة لما بدأته الدوحة.

وجاءت محادثات الدوحة عقب فشل محاولة سابقة في أنغولا الشهر الماضي لجمع حكومة الكونغو وحركة «إم23»؛ لإجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار، بعد إعلان الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على قادة بالحركة ومسؤولين روانديين.

ومنذ 2021، أُقرّ أكثر من 10 اتفاقات هدنة في شرق الكونغو الديمقراطية، الغني بالموارد الطبيعية، ويشهد نزاعات منذ مدة طويلة. وباءت بالفشل كلّ المحاولات الدبلوماسية لإنهاء النزاع.

رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي يستقبل رئيس توغو فور غناسينغبي في كينشاسا (رئاسة الكونغو على «إكس»)

ومطلع أبريل (نيسان) الحالي، استضافت الدوحة محادثات «سرية» بين المتمردين ومسؤولين بالكونغو، وفق «رويترز»، في حين تأجَّلت محادثات علنية بعدها بأيام، وفي حين لم يتضح سبب تأجيل الاجتماع، قال مسؤول كونغولي إنها «مسألة تنظيمية ليس إلا».

وأكد وزير الخارجية الرواندي، أوليفييه جان باتريك ندوهونغيره، في تصريحات نقلتها «الجزيرة القطرية»، أخيراً، أن المحادثات التي انطلقت بالدوحة في 18 مارس الماضي، بلقاء جمع الرئيس الرواندي بول كاغامي ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، قد «أحرزت تقدماً كبيراً نحو إحلال السلام في شرق الكونغو».

وخلال إحاطة صحافية، الجمعة، أكد المستشار الأميركي الأول للشؤون الأفريقية، ماساد بلس، ونائبة مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، كورينا ساندرز، أن تدخّل رواندا العسكري في شرق الكونغو الديمقراطية يُعدّ «غير مقبول، وسبباً رئيسياً لعدم الاستقرار»، مشيراً إلى أن «ما كانت جماعة (إم 23) لتصبح القوة العسكرية التي هي عليها اليوم من دون دعم خارجي، ولا سيما من رواندا»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحركة «إم23» من بين نحو 100 جماعة مسلحة تتناحر للحصول على موطئ قدم في شرق الكونغو الغني بالكوبالت والليثيوم واليورانيوم، إلى جانب معادن أخرى، والقريب من الحدود مع رواندا.

ويعتقد إبراهيم أن محادثات الدوحة المنتظرة ستنجح في حل أزمة الكونغو بناءً على خبرة قطر للوساطات، فضلاً عن الدور الكبير للاتحاد الأفريقي ومساعيه لحل الأزمة كان أحدثها زيارتي رئيس توغو إلى لواندا وكينشاسا.

ويرى الحاج أن «محادثات الدوحة المنتظرة تحمل بصيص أمل، لما تمتلكه الدوحة من رمزية مكانية ذات أهمية بالنسبة للقادة الأفارقة، فضلاً عن أن الدوحة لها رصيد مقدر في خبرة الوساطات التي أحدثت تقدماً ملحوظاً في عدد من الملفات ذات الطبيعة المعقدة، خصوصاً تلك الملفات التي توسم بالنزاعات ذات الطابع المسلح»، مضيفاً: «لكن وساطة الدوحة نفسها تقف أمامها عقبة، تتمثل في طبيعة بنية الدولة في الكونغو نفسها، إذ إن افتقار جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى هياكل ومؤسّسات الدولة الواضحة يجعل من الصعب توظيف فرص للسلام والاستقرار في مثل هذه الدول، وهذا تحدٍّ أمام وساطة الدوحة وتوغو».

aawsat.com