نلملم جراحنا... فلسطيني فقد أطفاله في غارة إسرائيلية على كنيسة بغزة يأمل بنهاية الحرب

بينما تحتفل الكنائس المسيحية بعيد الفصح، لا تهدأ الحرب في قطاع غزة بسبب القصف الإسرائيلي المستمر منذ 18 شهراً.
وتضم غزة جالية مسيحية صغيرة من المسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك والإنجيليين والأنجليكان. وأفادت وكالة «وفا» للأنباء الفلسطينية اليوم (الأحد)، بأن «كل مظاهر الفرح والبهجة غابت عن أجواء العيد، جراء استمرار الاحتلال بعدوانه وجرائمه بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة».
ويشعر رامز السورية بألم لا يُوصف. فقد قُتل أطفاله الثلاثة في غارة جوية إسرائيلية على مبنى ملحق بكنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية اليونانية في غزة.
ويقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن الهجوم الذي وقع في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أسفر عن مقتل 18 شخصاً داخل المبنى.
ويقول السورية لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية: «لقد تغير منزلي تماماً لأنه لا توجد به ابتسامات، ولا ضحكات، ولا فرح. لقد فقدت زهرتي -ابنتي جوليا- وأولادي سهيل ومجد. لقد كانوا ملح الأرض».
خسارة في كل عائلة
كانت جوليا في الثانية عشرة من عمرها، وسهيل في الرابعة عشرة، ومجد في الحادية عشرة. إنها خسارة لا تفارق السورية، وهي خسارة تتشاركها كل عائلة تقريباً في غزة.
وبينما يتجول في المقبرة، ويضع برفق باقة زهور صغيرة على قبر أطفاله، يتردد دويّ إطلاق النار في الأجواء. الحيّ مليء بالأنقاض والدمار. ويقول السورية: «عيد الفصح هذا لا يختلف عن سابقه. نحن نلملم جراحنا. ما زلنا نأمل في نهاية هذه الحرب والمعاناة، وأن ينقشع الظلام عن غزة».
لا نهاية تَلوح في الأفق
لا بوادر أمل لأكثر من مليوني شخص محاصرين داخل غزة، في الوقت الذي ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خطاباً خاصاً للأمة مساء أمس (السبت)، وتعهد بمواصلة الحرب حتى القضاء على حركة «حماس». وقال نتنياهو إن إسرائيل «ليس لديها خيار» سوى مواصلة القتال «من أجل وجودنا حتى النصر».
وتدعو إسرائيل حركة «حماس» إلى نزع سلاحها وإطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين مقابل وقف إطلاق نار لمدة 45 يوماً. ولا يزال 59 رهينة داخل غزة، ويُعتقد أن 24 منهم ما زالوا على قيد الحياة، ورفضت «حماس» الاقتراح، معتبرةً أن إسرائيل تراجعت عن اتفاق وقف إطلاق النار الأول برفضها الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وسحب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
كارثة على الأرض
ومنذ انهيار وقف إطلاق النار في 2 مارس (آذار)، اشتد القصف الإسرائيلي على القطاع المحاصر. ويقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن أكثر من 1700 شخص قُتلوا خلال الشهر الماضي، وأكثر من 90 شخصاً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
ويتفاقم الوضع الإنساني، ففي مطابخ التكيات الخيرية القليلة المتبقية في غزة، يتدافع الأطفال للحصول على الطعام، ويحملون أواني لعائلاتهم ويتقدمون محاولين الحصول على طبق من العدس أو الأرز.
ومنعت إسرائيل شاحنات المساعدات من الدخول خلال الأسابيع السبعة الماضية. وتقول إن ذلك للضغط على «حماس»، لكنَّ المدنيين يشعرون بهذا الضغط، مما خلق ما تصفه منظمات الإغاثة بأشد أزمة تواجهها غزة على الإطلاق.
وقطعت إسرائيل الإمدادات الحيوية من الغذاء والدواء، لكنها تصر على أنها لا تستخدم التجويع سلاح حرب. وترفض أي تلميح إلى أن غزة لا تملك ما يكفي من الغذاء، وتتهم «حماس» بسرقته.
نتوق إلى الأكل
ويعيش سبعة أفراد من عائلة العشة بعد النزوح في خيمة بدير البلح، ويقول أحمد، البالغ من العمر 12 عاماً، إنه قبل الحرب لم يكن يحب العدس، أما الآن فهو كل ما يأكله، ويوضح أحمد: «قبل الحرب، كنا نملك الفاكهة والدجاج والخضراوات، كل شيء كان متوفراً. لم نكن نشعر بالجوع قط. الآن نتوق للأكل، للدجاج - أي شيء. كل ما نستطيع أكله الآن هو ما يقدمه لنا مطبخ الحساء».
يأتي ذلك وسط جمود في محادثات وقف إطلاق، وقد شددت إسرائيل حصارها وزادت من حدة حربها. وتشرد مؤخراً أكثر من 400 ألف فلسطيني مجدداً مع توسيع إسرائيل للمنطقة العازلة داخل غزة، وهدمها المنازل لإنشاء «منطقة أمنية». ويُعد هذا بالنسبة إلى الفلسطينيين «استيلاءً على الأراضي».
ونقلت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية أن مستقبل الفلسطينيين لم يسبق أن يكون أكثر قتامة. فهم محاصرون، مُهجّرون، يُكافحون من أجل الغذاء والماء وخدمات الصرف الصحي الأساسية، ويبحثون باستمرار عن الأمان.
وقد أدت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 51 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. ودمرت الحرب أجزاءً واسعة من غزة ومعظم قدراتها الإنتاجية الغذائية. ونزح نحو 90 في المائة من السكان، ويعيش مئات الآلاف منهم في مخيمات ومبانٍ مُدمرة، وفق وكالة «أسوشيتد برس».
aawsat.com