المال العام في مرمى النار.. من يتستر على تريليوني جنيه في القضارف

متابعات- نبض السودان
في أجواء مشحونة بالاهتمام الشعبي وتغطية إعلامية مكثفة، واصلت محكمة القضارف اليوم جلسات محاكمة مدير مكتب والي القضارف السابق، جيفور ضو البيت، في قضية مثيرة للجدل تشغل الرأي العام المحلي، وشهدت الجلسة حضورًا قانونيًا مكثفًا من هيئتي الدفاع والاتهام، ما يعكس الأهمية المتزايدة للقضية التي بدأت تفاصيلها تتكشف تباعًا.
الدفاع يطلب الإفراج بالضمانة ويؤكد نزاهة القضاء
تقدم رئيس هيئة الدفاع، الأستاذ الدكتور علي الشايب أبو دقن، بطلب إلى المحكمة للإفراج عن موكله بالضمانة العادية، مستندًا إلى غياب أي بينة قوية من جانب الاتهام، مشيرًا إلى أن المستندات التي قُدمت لا تدين موكله بل تعزز موقفه القانوني. وأكد الشايب ثقته الكاملة في نزاهة القضاء السوداني واستقلاله، معتبرًا أن التهم الموجهة لموكله لا تستند إلى صلة مباشرة بالفعل المجرّم.
الشاكي يعترف: المستندات موقعة من الوالي والمدير المالي
في تطور لافت، أقر الشاكي – مدير إدارة الموارد البشرية بوزارة المالية – خلال الجلسة أن كافة المستندات المقدمة للمحكمة تحمل توقيعات وتصديقات رسمية من الوالي السابق، إلى جانب توقيعات المدير المالي والمراجع الداخلي والمراقب المالي. وأوضح أن من يوقع الشيكات فعليًا هم المدير المالي والمحاسب والصراف، مما دفع هيئة الدفاع لطرح تساؤلات حول سبب عدم فتح بلاغ ضد هؤلاء المعنيين طالما أنهم أصحاب التوقيع الفعلي على الشيكات.
بلاغ بحماية المال العام يعود لتفويض قديم
كشف الشاكي أن فتح البلاغ تم بناءً على تفويض رسمي من وزارة المالية منذ ثلاث سنوات، يخول له الإبلاغ عن أي تجاوز يخص المال العام. وبيّن أن التصديقات محل القضية تمت بين عامي 2022 و2023، وتشمل 166 شيكًا باسم المتهم لم يُثبت حتى الآن وصولها إلى المستفيدين، وفقًا لبياناته.
الدفاع يبرز انتفاء مسؤولية موكله القانونية
خلال استجواب مكثف للشاكي، سعت هيئة الدفاع لتسليط الضوء على أن المتهم جيفور ضو البيت لا يملك سلطة التصديق أو الصرف أو استخراج الشيكات قانونًا، وأشارت إلى أن المسؤولية القانونية تقع على عاتق المراجع الداخلي والمحاسب والوالي، وهو ما يعزز دفوع الدفاع بانتفاء المسؤولية المباشرة عن موكله.
الصرف من بند الأمن السياسي بلا ضوابط واضحة
أفاد الشاكي بأن الصرف في القضية تم من بند “التيسير والأمن السياسي” المدرج ضمن ميزانية وزارة المالية، والذي يشمل بنودًا أخرى مثل الدعم الاجتماعي والمساهمات. وأقر بأن هذا البند لا يخضع للوائح صارمة، وهو ما دفع الدفاع إلى التساؤل حول ما إذا كانت الأموال المخصصة لهذا البند تحت تصرف الوالي الحالي أيضًا، وهو ما أكد عليه الشاكي، ليفتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول ضوابط الإنفاق العام.
الدفاع يسأل: أين دور وزارة المالية في المراجعة؟
وجهت هيئة الدفاع أسئلة مباشرة إلى الشاكي حول سبب غياب المراجعة السنوية لحسابات مكتب الوالي من قبل وزارة المالية، رغم استمرار الإنفاق لثلاث سنوات متتالية دون إزالة العهدة. وقد أقر الشاكي بأن هذا يُعد مخالفة مالية، فبادر رئيس هيئة الدفاع إلى سؤاله عن سبب عدم فتح بلاغ ضد مدير وزارة المالية بموجب التفويض، طالما أن هناك مخالفة موثقة، ليُرجع الشاكي الأمر إلى عدم علم الوزارة بالتجاوزات إلا بعد صدور تقرير المراجع العام، الذي أشار إلى تجاوزات مالية بأكثر من تريليوني جنيه خلال الفترة من 2022 إلى 2024.
المتهم سلّم مبالغ نقدًا لمستحقين لكن دون توثيق شامل
قال الشاكي إن المتهم جيفور ضو البيت سلم بعض المستحقين أموالهم نقدًا، وفقًا لمستندات موجودة بالمحكمة، لكنه لم يستطع تأكيد ما إذا كانت كافة الأطراف المعنية قد تسلمت أموالها فعليًا. واعتبرت هيئة الدفاع هذا التضارب دليلاً على غياب اليقين وعدم دقة الاتهامات الموجهة للمتهم.
طلب خاص من الدفاع وتمديد للجلسات
اختتمت الجلسة بتقديم هيئة الدفاع طلبًا للمحكمة لتمكين المتهم من أداء امتحاناته الجامعية، بالإضافة إلى طلب الإفراج عنه بضمانة عادية، في ظل تعاونه التام مع جهات التحقيق والمحكمة طوال فترة الإجراءات.
وقد قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى يوم الثلاثاء الموافق 29 أبريل، للاستماع إلى شهادة الشهود، وسط ترقب واسع لاحتمالات صدور قرارات مفصلية قد تؤثر على مسار المحاكمة.
nabdsudan.net