جبل أولياء.. ساحة حرب تتحول إلى معرض للسيارات المنهوبة

الخرطوم ـ على امتداد نحو 3 كيلومترات من الطريق المؤدي إلى جسر جبل أولياء جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، تنتشر مئات السيارات المهجورة وبقايا الأمتعة في مشهد صارخ يجسد آثار الحرب المتواصلة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتعد منطقة جبل أولياء إحدى آخر الجبهات التي شهدت معارك ضارية داخل الخرطوم، وذلك قبل نحو 3 أسابيع، عقب إعلان الجيش استعادته السيطرة على العاصمة، وقد أظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي انسحابا جماعيا لعناصر الدعم السريع عبر الجسر، تاركين وراءهم عشرات السيارات والأمتعة التي غص بها مدخل الجسر.
ورصدت الجزيرة نت وجود أنواع مختلفة من المركبات، بعضها تعرض للنهب أو التدمير، بينما حافظت قلة منها على هيئتها الأصلية، إلى جانب أكوام من الأمتعة المتناثرة على جانبي الطريق.
وفي ظل هذا المشهد، شوهد عدد من المواطنين وهم يجوبون المنطقة بحثًا عن سياراتهم المفقودة، بعضهم حالفه الحظ في العثور عليها، وآخرون ما زالوا يواصلون بحثهم بين الأنقاض والسيارات المتناثرة.
"كلمة سر"
خالد حسين الجوبعي، أحد المواطنين الذين استعادوا سياراتهم، قال للجزيرة نت إنه عثر على حافلته من نوع "بايك" بعد أكثر من عام على فقدانها من مدينة الكدرو شمال الخرطوم.
إعلانوأوضح أن أحد أصدقائه تعرف عليها من خلال صورة نُشرت في مجموعة "بايك" على تطبيق واتساب، وذلك عبر عبارة "الله المستعان" المكتوبة على الزجاج الخلفي، وهي الكلمة التي كانت مفتاح استعادة المركبة.
وتحولت مجموعة واتساب، التي أنشئت أساسًا للتواصل الاجتماعي بين أصحاب هذه الفئة من السيارات، إلى شبكة تعاونية تهدف إلى توثيق السيارات المفقودة والعثور عليها.
ويقوم الأعضاء بمشاركة صور ومعلومات السيارات المتروكة في الطرقات، مما ساهم في استعادة 12 سيارة حتى الآن، بحسب ما أفاد به أبو بكر محمد علي، أحد أعضاء المجموعة، والذي ساهم في نشر صورة سيارة الجوبعي وحضر لحظة استلامها.
بحث بين السيارات
بدوره، استعاد عبد الرحمن محمد أحمد الضي شاحنته التي اختفت يوم 24 أغسطس/آب 2023 من منطقة الكلاكلة، بعد أن تعرف عليها بين السيارات المهجورة بجبل أولياء، حيث سلّمتها له الشرطة كاملةً وفق الإجراءات الرسمية.
وأوضح مساعد الشرطة صلاح أحمد محمد بخيت، للجزيرة نت، أن استعادة السيارة تتم بعد تقديم شهادة بحث تثبت الملكية، أو توكيل رسمي، إضافة إلى الرقم الوطني، ومن ثم تتم مطابقة الهيكل (الشاصي) مع البيانات المقدمة، لتسليم المركبة مباشرة في حال التطابق.
أكثر من 150 ألف مركبة مسروقة
لا يوجد حتى الآن حصر دقيق لعدد السيارات المنهوبة أو المفقودة في السودان، إلا أن الشرطة كانت قد أطلقت في يونيو/حزيران 2023، بعد أشهر من اندلاع الحرب، منصة للإبلاغ الإلكتروني لمواجهة الجرائم المتزايدة، بما فيها السرقات والاختطاف.
وفي يونيو/حزيران 2024، أعلنت الشرطة السودانية أن عدد السيارات المسروقة من ولاية الخرطوم وحدها بلغ 153 ألفا و572 مركبة، وهو رقم يعكس حجم الانفلات الأمني في ظل الحرب المتواصلة.
إعلانوأكدت الشرطة السودانية في تصريحات سابقة، نقلتها وكالة السودان للأنباء (سونا)، أنها تعمل على استعادة السيارات المنهوبة التي جرى تهريبها إلى دول الجوار بالتعاون مع الشرطة الدولية "الإنتربول".
شاهد على الخراب
تحوّل الطريق المؤدي إلى جسر جبل أولياء إلى معلم بارز من معالم الحرب في الخرطوم، حيث تُجسد السيارات المتناثرة وبقايا الأمتعة قصص الفقد والفوضى والانهيار الذي ألمّ بالمرافق العامة والنظام الأمني.
ورغم الدمار، فإن محاولات المواطنين والشرطة لاستعادة ما يمكن استعادته، تشكل بارقة أمل في خضم واقع بالغ التعقيد، يعكس حجم المعاناة التي يعيشها السودانيون يوميا في ظل النزاع المحتدم.
aljazeera.net