إعادة تصور تورورو: دعوة جريئة لإنشاء مقاطعات جديدة كمحركات للتنمية الاقتصادية

أوغندا بالعربي – أنديبننت أوغندا – بقلم: اوكومو كادوتيك
في قلب شرقي أوغندا، تتألق مقاطعة تورورو؛ منطقة عريقة بتاريخها، ثرية بتنوعها الثقافي، ومتميزة بموقعها الاستراتيجي.
تورورو ليست مجرد مقاطعة حدودية، بل هي بوابة سانحة للفرص، ومع ذلك، ورغم إمكاناتها الكامنة، لا تزال تعاني من عبء إداري مفرط وتفاوت ملحوظ في مستوى التنمية.
بينما تواصل أوغندا تبني اللامركزية كاستراتيجية لتحقيق نمو شامل، فقد آن الأوان لطرح تساؤل جريء: هل ينبغي تقسيم تورورو إلى مقاطعات جديدة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن لهذا التحول أن يحفز تغييرًا اقتصاديًا حقيقيًا، ويولد فرص عمل، ويمكّن سكانها؟.
إن هذه المقالة ليست طرحًا سياسيًا، بل هي رؤية تنموية؛ منفتحة الأفق، محورها الإنسان، وترتكز على قناعة راسخة بأن تقريب الخدمات من المواطنين سيجلب الازدهار إلى عتبة ديارهم.
دواعي منطقية لإنشاء مقاطعات جديدة في تورورو
* اللامركزية محركًا للتنمية الشاملة:
استحداث مقاطعات جديدة من مقاطعة تورورو الحالية سيؤدي إلى تقريب الخدمات الحكومية من القاعدة الشعبية. فمن الرعاية الصحية إلى التعليم، ومن الإرشاد الزراعي إلى برامج الدعم المالي، وتعمل الوحدات الإدارية اللامركزية على جعل تقديم الخدمات أكثر استجابة، وكفاءة، وخضوعًا للمساءلة.
غالبًا ما يضطر سكان الوحدات الفرعية النائية إلى قطع مسافات طويلة للحصول على الخدمات الإدارية الأساسية – وهو عبء لوجستي واقتصادي يعيق تحقيق الفرص.
* خلق فرص العمل وتمكين الشباب:
يستتبع إنشاء كل مقاطعة جديدة استحداث مناصب إدارية، ووظائف في قطاعي الصحة والتعليم، وخدمات دعم، وفرص في قطاع البناء والتشييد.
مع وجود شريحة شبابية متعطشة للعمل، لا سيما الخريجين وحملة الدبلومات، يمكن أن يكون إنشاء المقاطعات استجابة عملية لأزمة البطالة.
بالإضافة إلى وظائف القطاع العام، يشمل التأثير المضاعف المزيد من المعلمين، والمقاولين المحليين، والبائعين، والناقلين المستفيدين من الأسواق الناشئة.
* ازدهار البنية التحتية والاستثمار المحلي:
تستلزم المقاطعات الجديدة بنى تحتية جديدة: طرق، ومبانٍ مكتبية، ومدارس، ومراكز صحية، وشبكات مياه، ومراكز لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهذا يطلق العنان للاقتصادات الريفية، ويجذب استثمارات المانحين والمنظمات غير الحكومية، ويدعم نمو الأعمال التجارية المحلية. كما تجذب المقار الإدارية للمقاطعات البنوك، وخدمات الاتصالات، والمنظمات غير الحكومية، مما يحفز التجارة المحلية بشكل أكبر.
* التوزيع العادل للموارد:
في ظل الهيكل الحالي لتورورو، تشعر بعض المناطق بالتهميش؛ مهمَلة في التخطيط وغير ممثلة بشكل كافٍ في التمويل. ويضمن تقسيم المقاطعة توزيعًا عادلًا للأموال والاهتمام الحكومي. ويمكن للقادة المحليين في الوحدات الإدارية الأصغر فهم الاحتياجات الفريدة لمجتمعاتهم بشكل أفضل وتحديد أولوياتها، بدءًا من مشاريع الشباب وصولًا إلى خدمات صحة الأمومة.
* الهوية الثقافية والمجتمعية:
تتمع تورورو بفسيفساء من المجتمعات المتنوعة؛ الجوباذولا، والإيتييسو، والباجويري، والبانيولي، والباسوجا، وغيرهم. وبينما تظل الوحدة أمرًا حيويًا، فإن الاعتراف بالمجتمعات وتمكينها من خلال الحكم الذاتي يعزز الشمولية والاعتزاز الثقافي. وستوفر المقاطعات الجديدة منصات للاحتفاء بالثقافات المحلية، والحفاظ عليها، والاستفادة منها في مجالي السياحة والتعليم.
ما الأسماء المقترحة للمقاطعات الجديدة؟
يجب أن يشمل أي نقاش حول إنشاء مقاطعات جديدة تسمية شاملة ومدروسة تحترم الجغرافيا والتاريخ والهوية. وفيما يلي بعض المقترحات:
* مالابا:
باعتبارها مرتكزًا لمنفذ الحدود الأوغندي الكيني، يمكن أن تصبح مالابا مركزًا لوجستيًا وتجاريًا وجمركيًا، مما يدمج التجارة عبر الحدود والنقل الإقليمي.
* غرب بوداما عمومًا:
تغطي وحدات فرعية مثل ناغونغيرا، وكيسوكو، ومولاندا، وإيولوا وغيرها، وتتميز هذه المنطقة بخصوبة أراضيها وحيويتها الثقافية. وبفضل شبكات الطرق التي تربطها ببوتاليجا، وناموتومبا، وتورورو، فإنها مهيأة لتصنيع المنتجات الزراعية والتصنيع الريفي.
* بلدية تورورو:
المنطقة الحضرية الحالية، تركز على التخطيط الحضري، والخدمات الرقمية، والتعليم العالي، والصناعات الخفيفة.
* مرتفعات أوسوكورو:
تشتهر بمواردها المعدنية وقربها من مصنع أسمنت تورورو، ويمكن أن تكون مركزًا للتعدين، والصناعات ذات القيمة المضافة، وجهود الحفاظ على البيئة.
* سهول كوابا-مولو:
بأراضيها المنخفضة وأسواقها المتنامية، يمكن أن تصبح هذه المنطقة مقاطعة زراعية وتجارية، تركز على تطوير زراعة الأرز والذرة والثروة الحيوانية.
* بايا وكيروا:
يمكن لهذه الوحدة أن تعطي الأولوية للمشاريع الريفية، وتنمية الحرفيين، وإصلاح نظم الحكم المحلي.
لنكن صريحين: ما هي المخاوف؟
يجادل المشككون بأن المزيد من المقاطعات يعني المزيد من التكاليف الإدارية، وتكرار الخدمات، والمحاباة السياسية. هذه مخاوف حقيقية، لكنها ليست عصية على الحل. فإذا استند إنشاء المقاطعات إلى بيانات دقيقة، وتخطيط محكم، واحتياجات تنموية حقيقية – وليس إلى اعتبارات قبلية أو سياسية – فإنه يمكن أن ينجح. وتعتبر الشفافية، ورقابة المجتمع المدني، والتخطيط التشاركي عناصر أساسية لضمان تحول هذه المقاطعات إلى محركات للتنمية، وليس أعباء بيروقراطية.
ما الذي يجب أن يتم إنجازه؟
* دراسة جدوى:
بقيادة وزارة الحكم المحلي بالشراكة مع القادة المحليين والمجتمع المدني والمواطنين.
* مشاركة مجتمعية:
عادة ما يكون للناس رأي في تحديد مواقع وأسباب وكيفية تشكيل المقاطعات الجديدة.
ما الذي يجب فعله؟
* وضع خطة للاستدامة:
تطوير خطة مرحلية تتضمن توقعات الميزانية، واحتياجات الموارد البشرية، وأولويات البنية التحتية.
* تطبيق المساءلة:
يجب محاسبة كل مقاطعة جديدة من خلال عمليات تدقيق منتظمة وآليات مشاركة عامة.
الخلاصة: تحويل الحدود إلى فرص
إن إنشاء مقاطعات جديدة في تورورو لا يتعلق بتقسيم الناس، بل بتوسيع الفرص. يتعلق بضمان حصول طفل في ميلا أو كيروا على نفس فرص الحصول على الخدمات التي يحصل عليها طفل في مدينة تورورو. يتعلق بتحويل المدن الحدودية إلى بوابات دولية، وتحويل المزارعين إلى قادة في مجال الأعمال الزراعية، ومنح شبابنا سببًا للاعتقاد بأن الوطن يمكن أن يكون مكانًا للأمل.
دعونا نحافظ على هذا الحوار مفتوحًا وشاملًا ومركّزًا على التنمية؛ لا على الانقسام. إن مستقبل تورورو لا يكمن في حدودها، بل في إمكانات كل مواطن يعيش داخلها.
مشاركة الخبر
ugandainarabic.com