هدنة غزة بانتظار رد حماس على أمل إبرام صفقة جديدة

ترقب يتواصل انتظاراً لموقف نهائي من «حماس» بشأن «الأفكار الجديدة» التي شملتها اجتماعات بالقاهرة، وسط تسريبات إسرائيلية عن إرسال حكومة بنيامين نتنياهو وفداً خلال الأيام المقبلة لإجراء محادثات مع الوسطاء بمصر أو قطر.
تلك التطورات المتلاحقة منذ انهيار اتفاق التهدئة في 18 مارس (آذار) الماضي، مرتبطة بقرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، الشهر المقبل، بحسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدين أنه لا مفر من وجود تهدئة في أثناء وجوده، لا سيما من جانب إسرائيل حتى ولو لم تترجم ردود «حماس» باتفاق مؤقت أو شامل.
وأشاروا إلى أن منح إسرائيل الوسطاء فرصة أخرى يعد محاولة لنيل نفوذ وترضية أكبر لدى واشنطن لتفادي أي ضغوط حالية من جانبها لتحقيق التهدئة المحتملة.
واستعرض وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره الإيطالي، أنطونيو تاياني، في القاهرة، الخميس، «الجهود المصرية للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة البدء الفوري في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».
وانهار آخر اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي في حلحلة الأزمة.
وزار وفد من «حماس» القاهرة، الثلاثاء الماضي، لبحث «أفكار جديدة لوقف إطلاق النار في غزة»، وفق ما ذكره قيادي بالحركة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، تزامناً مع ما كشفه مصدر مطلع بالحركة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عن طرح قدمته الحركة في اجتماع بالقاهرة، تضمن 5 بنود، من بينها، صفقة شاملة وإتمام هدنة طويلة تصل إلى خمس سنوات مع اشتراط ضمانات إقليمية ودولية.
ولم تبلور «حماس» حتى، الخميس، رداً نهائياً أو تفصيلاً بشأن الأفكار الجديدة التي أثير أنها طرحت على طاولة محادثات بالقاهرة، والتي تأتي قبل زيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، بحسب إعلان البيت الأبيض.
فيما قدم الإعلام الإسرائيلي تسريبات بشأن موقف «حماس»، وذكرت قناة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية، الأربعاء، نقلاً عن مصدر سياسي مطلع، أن الحركة ترفض أي مقترح يتضمن وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار في قطاع غزة، مشيراً إلى أن هذا «يعقِّد جهود التوصل إلى اتفاق في الوقت الحالي».
وجاءت زيارة «حماس» للقاهرة بعد أخرى لتركيا، عقب لقاء وفد الحركة برئاسة القيادي محمد درويش، وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأحد الماضي، وأكد مصدران من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة»، في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».
وردت «حماس» على آخر مقترح إسرائيلي سلمته مصر للحركة بخطاب لرئيس فريق التفاوض، خليل الحية، الأسبوع الماضي، يرفض الصفقات الجزئية، ومطالب بصفقة واحدة تنهي الحرب».
ويرى المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور سعيد عكاشة، أن هناك غموضاً كبيراً بشأن موقف «حماس» بعد زيارة القاهرة لا يعطي دلالة حاسمة في الأمر، لكن الأقرب هو بذل الوسطاء مزيداً من الجهد لإقناع الحركة لقبول حلول وسط لمنع مزيد من الانفجار بالمنطقة والتدهور بقطاع غزة.
أما المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، فقال إنه «إذا كان رد (حماس) بنفس صيغة خطاب الحية، فلن يعزز ذلك الصفقة الجديدة، وأياً كانت ردود الحركة، فسقف نتنياهو يتحدث عن هدن مؤقتة وليس إنهاء الحرب؛ إلا لو صدر توجيه من ترمب، فهذا أمر آخر».
وستسهم زيارة ترمب، بحسب مطاوع، في «التوصل لهدنة مؤقتة بصورة أكبر من اتفاق شامل؛ إلا إذا كانت هناك موافقات أبدتها (حماس) بشأن آلية ضبط سلاحها، وهنا يمكن - لو توفر ضغط أميركي جاد - القول إن هناك إمكانية أن تتطور الصفقة من هدنة مؤقتة محتملة لصفقة شاملة جادة».
وأفادت «هيئة البث الإسرائيلية»، نقلاً عن مصادر لم تسمها، بأن «ترمب طلب من نتنياهو خلال محادثات هاتفية، الثلاثاء، تعجيل عملياته العسكرية؛ لأن الحرب طالت زيادة على الحد». ويفترض أن تنتهي باتفاق هدنة طويلة الأمد، يضمن فيها خروج «حماس» من الساحة، فيما أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن وزراء في الحكومة يدفعون نحو «تحديد موعد نهائي» للانتقال إلى «مرحلة الحسم»، في حين يتمسّك نتنياهو ووزير أمنه يسرائيل كاتس، بإظهار موقف مفاده أن «إسرائيل لا تزال تستنفد المسار التفاوضي» في هذه المرحلة.
وذكرت «الهيئة» أن إسرائيل قررت منح المفاوضات الجارية «فرصة أخرى» قبل الانتقال إلى توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة. وذكرت قناة «آي 24 نيوز»، الأربعاء، أنه من المتوقع أن ترسل إسرائيل وفداً خلال الأيام المقبلة لإجراء محادثات مع وسطاء، إما في مصر وإما بقطر، في إطار جهود التهدئة والتوصل إلى اتفاق.
وبتقديرات عكاشة، فإن تسريبات إسرائيل تريد مراعاة إتمام فترة تهدئة في أثناء زيارة ترمب للمنطقة، لكن الأمر يتوقف على تجاوب «حماس» وإدراكها أهمية تمرير رسائل إيجابية للرئيس الأميركي بالإفراج عن رهائن، خاصة أن التهدئة ستحدث سواء حدث اتفاق أم لا.
فيما يعتقد مطاوع أن «منح نتنياهو فرصة أخرى للتفاوض أو إرسال وفد لبدء محادثات لاحقة، رسالة للداخل الإسرائيلي لتبرير القيام بأي عملية عسكرية مستقبلية قد تمس حياة الرهائن، وإظهار أنه بذل كل الجهد للإدارة الأميركية، وأن (حماس) هي التي امتنعت عن إبرام الصفقة».
aawsat.com