بذرة الحياة .. وفاء جميل تكتب : كان لازم تحصل حرب 1

سبحان الذي غرس في هذا البلد بِذرة الحرب (2003) ثم السلام (2020) ثم الحرب ( 2023)
فهذه الأخيرة حتماً ستقلب الموازين و ستعيدُ بناء و تشكيل ما هدمتهُ القلوب المُتسخة بالعُنصرية و التمييز الجهوي، و الأخلاق المذمومة المليئة كذباً و ضلالاً، و النفوس المشحونة حِقداً و كراهيةً و حسداً و نفاقاً ..
فقد قصّ لنا الإسلام عن خروج خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا םבםב رسول ٱɑɺɺﷺ عندما خرج قسراً لا رغبةً منهُ، بُعداً عن بلدهِ و وطنه، و قبل أنّ تتوارى بيوت البلد نظر إليها صاحبها مُودعاً متألماً ، نعم (هي مكة) !! ما أطيبك مِن بلد ..!! و ما أحبَبكِ إليّ و لولا أنّ قومي أخرجوني منك، ما سكنتُ غيركِ ..!!
و في هذا دلالةٌ على مدى الحُب الذي تملَّك على نفسِ سيدنا םבםב ﷺ أقطارها، و على مدى الحُب الذي إستغرق مشاعرهُ و وجدانهُ وفوادهُ ، و ما إستقر قلبُ الحبيب إلاّ بعد أنّ سمع الوحي يتلو عليه :
{ إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍۢ ۚ قُل رَّبِّىٓ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍۢ}
إنّها بشارةٌ لكونّهُ النبي םבםב ﷺ سيعودُ إلى بلدهِ قاهراً لأعداهِ منتصراً عليهم ..
فيا أيها الشعب السوداني : وقفةٌ مع النفسِ و محاسبتُها، لأن حُبُكَ لِوطنك يتطلبُ منك أنّ تعلو فوق النزاعات، و فوق السياسات الحزبية العقيمة، و فوق المصالح الشخصية البغيضة، و أنّ تُحقق مع جميع أفراد وطنك وحدة تعاون و تكاتف و حُب و وئام، حتى لا يحدُث شرخٌ بسبب التنازع و التضامن و التفرُّق، فيضعُف الوطن بِضعفِك، و القرآن الكريم صريحٌ في آياتهِ ، حيثُ نهى عن التنازعِ الذي يؤدي إلى الإختلاف، تأملوا التصوير القرآني :
{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}
تذهب قوتهم، تذهب جماعتك، تذهب دولتكم، بسبب التنازع الذي يؤدي إلى الفشل، و هذا أمرٌ يعملُ لهُ أعداء السودان و يخططُ لهُ، إثارة النزاعات، و الخِلافات، و النعرات المذهبية و الطائفية و القبلية و الجهوية ليتفتت الوطن، فيُصبح أمام العدو لُقمةٌ مستساغة، و القرآن الكريم في موطنٍ آخر يحُثنا و يأمُرنا أمراً أكيداً في تصوير بلاغي :
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ..}
إنّها وحدةٌ الأمة، وحدةٌ الجماعة، الإعتصام بِحبلِ الله بِكلمةِ الله بالأمانة التي منحناها لِمن يتولى الأمر فيقود الوطن إلى بَرِ الأمان بِكتاب الله بسنةِ رسوله ﷺ ..
لِتكونوا جماعةً مُؤتلِفةٌ مُتحابةً قويةً ، بهذا التآلف تكون العِزةٌ و تكون الكرامةٌ، تُصانُ الأعراض، تُحمى الديار، تُحفظٌ الأموال، تُكرّمٌ الأنفس، و يحمى الكِبار و الصغار، تُرفعُ راية الوطن عالية خفاقة، و تسمو الأخلاق غالية خلاقة ..
أيها السودانيون..
ما أحوجنا و نحنُ نعيشُ مُعتركاً لا يُخفى على أحد، تتآلبُ علينا قوى الشّر مِن كل حدبٍ و صوب ، كشَّروُا عن أنيابهم فلا يقيمون لنا وزناً ، ولا يبالون بِقيمنا و أخلاقياتنا و ديننا و شرعنا، فعلينا أنّ ننهض و نصحو مِن غفلتنا و نعُدُ العُدة و نستعين بالله و نستعد، فمتى قُويت الأمة بالله و إعتصمت به، كان النصرُ حليفها، و مَن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم، لا يغرنكم تقلب الذين غزو البلاد، و قتلوا الأبناء و شردوا الأطفال، و إنتهكوا أعراض النساء، فمتاعُ قليل، ثم إلى جهنم وبئس المصير ..
رسالتي إلى الشعب السوداني :
كونوا على قلبِ رجلٍ واحد، حققوا معنى حُبِ الوطن في نفوسِكم، و هُبوا للدفاع عنه، و إلتفوا حول قيادتكم ليتحقق لكم النصر الكامل بِحول الله تبارك و تعالى..
نعم شرع الله الجهاد و أذِن بالقتال، مِن أجلِ ماذا ..؟؟
مِن اجلِ الدفاع عن الوطن ، ففي دفاعك عن وطنك حمايةٌ لدينك، و مالك، و نفسك، و عِرضك، و عقلك، لانّه متى ما ضاعت الأوطان لا سمح الله، أين تُحفظ الضرورات الخمس ..؟؟!!
إنّه الوطن أيها السادة ، و عندما شُرع الله القتال ، ليس لأجلِ الاستيلاء على مقدراتِ الشعوب ، ولا لأجلِ تهجير أبناءها، ولا لأجلِ إخراجه مِن ديارهم، و التأريخ أصدقُ مُحدث ، ما قال التأريخ يوماً إنّ أهل الله عندما أرادوا دخول بلد هجروا أبناءها، و أخرجوا منها أصحاب الأرض الأصليين، حاشا لله و كلَّا ، لأن (الإسلام دينٌ السّلام) ، دينٌ الأمن، دينٌ يحترم قيم الإنسانية، و يحافظ على حضاراتها و تُراثها و بيئاتها و بياناتها، إنما شُرع الاقتتال في الإسلام مِن أجل أنّ يُحافظ على جميع ذلك ..
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}
إنّ ما حدث في أهلنا الصامدين الصابرين، المرابطين في وطننا السودان ، يندى لهُ جبين الإنسانية، إنه على بني البشر عارٌ ، و عارٌ على أمة םבםב ﷺ ، فهؤلاء الذين يُقتلون و يُجوعون في السودان و يُسحقون و تُعدم بيوتهم ، على مرأى و مسمع مِن بني جلدتهم إنّه عارٌ، و جرائمُ مُكتملة الأركان، فأين الضمير الإنساني؟ و أين وحدة الأمة السودانية ، إنه يجب على كل إنسان إنساني أنّ يحافظ على وطنهِ و يعمل على تحييد الأعداء و الوقوف صفاً واحداً مع القيادة، و أنّ يعمل على تضميد جراح إخوتهِ بالرِفقة عليهم و الاشفاق ..
نسألك اللّهم أنّ تهلك الأعداء، و نسأل اللّهم أنّ تُلحِق بِنا النصر الكامل، نسألك اللّهم أنّ ترحم الشهداء و تشفي الجِراح، اللّهم نسألك أنّ تهلك الملاعين، اللّهم أحصيهم عددا، ولا تُبقي منهم أحدا، اللّهم إنتقم منهم و مِمن يعاونهم، و مِمن يرضى بصنيعهم يا رب العالمين، نسألك اللّهم أنّ تحفظ السودان مِن كيد الكايدين، و أحفظهُ مِن حِقد الحاقِدين، و أحفظهُ مِن طمع الطامعين، كما نسألك اللّهم أنّ توفق ولاة أمورنا لِما تحبّهُ و ترضاهُ يا ربّ العالمين ..
للحديث بقيّة
azzapress.com