الحكومة المصرية تكثف خطط التنمية في سيناء للرد على ادعاءات التهجير

في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة المصرية عن مزايا وتسهيلات لإقامة مشروعات استثمارية وتنموية وخدمية تشمل التعليم، عَدَّ خبراء أن تلك «خطوات رسمية وعملية لتكذيب ادعاءات إخلاء سيناء وتهجير سكانها منها؛ من أجل التمهيد لاستقبال الفلسطينيين فيها مقابل مزايا اقتصادية».
وفي بيان صادر، السبت، عن الجهاز الحكومي المصري لتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أكَّد الرئيس التنفيذي للجهاز، باسل رحمي، أن «الجهاز يحرص على تقديم مختلف أوجه الدعم المالي والفني لقطاع المشروعات الصغيرة في سيناء، والعمل على استغلاله في توفير فرص عمل للشباب».
وأوضح رحمي أن ذلك يأتي «تنفيذاً لتوجيهات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس إدارة الجهاز بالعمل وفقاً لرؤية القيادة السياسية التي تسعى بكل جهد لدفع معدلات التنمية الشاملة في سيناء، وإتاحة مزيد من فرص العمل الجديدة لأبنائها، خصوصاً من شباب الخريجين والمرأة».
جاء هذا البيان بعد يوم واحد من حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الذكرى الـ43 لتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث شدَّد على «رفض تهجير الفلسطينيين من غزة، وتمسك بلاده بكل شبر من أرض سيناء، بصفتها جزءاً لا يتجزأ من مصر، وتقديم الشعب والجيش التضحيات في سبيل ذلك على مر التاريخ».
أستاذ الاقتصاد الدولي، علي الإدريسي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن بيان «جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر يعكس التزام الدولة المصرية بالاستثمار المكثف في سيناء، اقتصادياً وتنموياً، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تثبيت سكانها، وتعزيز اندماجهم الكامل في التنمية الوطنية، وتلك الرؤية تعدّ تنمية سيناء جزءاً من الأمن القومي المصري».
وأوضح الإدريسي أن «هذه الجهود تتسق مع المشروعات القومية الأخرى الجارية في سيناء، مثل مشروع أنفاق قناة السويس، وشبكات الطرق العملاقة التي تجاوز حجم الاستثمارات فيها أكثر من 15 مليار جنيه، إلى جانب مشروعات الإسكان الاجتماعي، وزيادة عدد محطات تحلية المياه والمراكز الصحية، بما يؤكد أن الدولة لا تتعامل مع سيناء بوصفها مجرد أرض قابلة للاستثمار، بل مكون أساسي في الخريطة السكانية والتنموية المصرية».
وشدد على أنه «في ضوء هذه المعطيات، يصبح من الواضح أن حجم الاستثمارات، ونوعيتها، والاهتمام بتوفير الخدمات الأساسية والبنية التحتية، يؤكد أن هناك إرادة سياسية صلبة لدمج سيناء بصورة كاملة في المشروع الوطني المصري، بما يتعارض جذرياً مع أي طروحات أو شائعات تتحدث عن فكرة الإخلاء أو استقبال سكان من خارج الحدود»، لافتاً إلى أن «التنمية المُكثفة تترجم عملياً إلى تمسك سياسي وسيادي قوي بالأرض والسكان معاً، وترسل رسالة واضحة بأن سيناء ليست موضع مساومة أو تغيير ديموغرافي بأي حال».
ووفق البيانات الرسمية تمكّن جهاز تنمية المشروعات خلال السنوات القليلة الماضية من ضخ تمويلات تجاوزت 2.8 مليار جنيه في مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر داخل سيناء، ما أسهم في تمويل أكثر من 126 ألف مشروع، وتوفير ما يقارب 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وتوزعت هذه التمويلات بين قروض للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بالإضافة إلى منح فنية ودورات تدريبية لبناء قدرات الشباب والمرأة.
عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع»، أحمد أبو علي، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بكل تأكيد تأتي تلك الخطوة في إطار اهتمام قوي تبذله الدولة المصرية في معركة البناء والتنمية لسيناء، والتي بدأتها منذ أكثر من 10 سنوات، وهي خطوة تؤكد مدى تمسك الدولة المصرية بسيناء بصفتها جزءاً أصيلاً من مقدرات البلاد».
وأشار إلى أن هذه الخطوة «تنطلق من فكرة رئيسية مفادها استغلال الفرص والمزايا النسبية في كل منطقة جغرافية، وهي خطوة تعكس حرصاً شديداً للتعجيل بعملية التنمية في سيناء، وذلك لما تمتاز به سيناء من مقومات بيئية واقتصادية وبشرية وإمكانات اقتصادية تُعزز من تنافسية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما أن تلك الخطة تُعدّ رداً قاطعاً وصريحاً وقوياً من قبل الدولة على أي مزاعم تتحدث عن إخلاء سيناء، وكذلك الرفض التام لفكرة تهجير الفلسطينيين إليها».
وفي السياق نفسه، أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بياناً، السبت، جاء فيه أن «الدولة المصرية تولي اهتماماً كبيراً لتنمية شبه جزيرة سيناء ومدن القناة، في ظل الدعم الكبير الذي يقدمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، من خلال تنفيذ مشروعات قومية وتنموية كُبرى، تؤكد وضع سيناء في مقدمة خريطة التنمية الشاملة والمُستدامة وفقاً لرؤية مصر (2030)، ونفذت الدولة عدة مشروعات في مجال التعليم العالي بسيناء، بتكلفة إجمالية بلغت 23 مليار جنيه».
تجدر الإشارة إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، ظهرت «شائعات» تُفيد بأن مصر جهّزت مدينة رفح الجديدة بجوار قطاع غزة لاستقبال الفلسطينيين، لكن السلطات المصرية كلَّفت مسؤولاً بارزاً وقتها بزيارة المدينة، وإظهار تسكين المصريين بها ليكون رداً عملياً على تلك «الشائعات».
وقال محافظ شمال سيناء، اللواء خالد مجاور، عبر منصة «إكس»، حينها: «أقول لمن يدّعي أن مدينة رفح الجديدة لم تعمل وخُصصت لـ(التهجير)، إنني أبلغت نائبي بالمرور على المواطنين في منازلهم وتوثيق الحدث، لنبرهن أن ما يُقال مجرد ادعاءات مغرضة، ولا أساس لها من الصحة».
aawsat.com