خبر ⁄سياسي

دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية يثير مخاوف الليبيين

دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية يثير مخاوف الليبيين

فتحت التحقيقات الجارية بشأن دهس سيارة كان يستقلها عنصر بـ«جهاز الدعم المركزي» في العاصمة الليبية، ملف إدماج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفجرت تساؤلات عن مدى تأثير سلوك عناصر تلك التشكيلات على باقي أفراد المؤسسات التي باتت تحتويهم خلال السنوات الماضية.

وسارعت السلطات الأمنية في طرابلس باعتقال سائق السيارة، فيما أمرت النيابة العامة بحبسه احتياطياً على ذمة القضية، لكن الانتقادات الموجهة للتشكيلات المسلحة، والمخاوف من «سلوكياتهم الخطرة» لم تتوقف، خاصة في ظل حوادث سابقة ارتكبها عناصر آخرون، من بينها اتهام رئيس مركز شرطة في مدينة جنزور غرب العاصمة بـ«الاستغلال الجنسي».

الحديث عن دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية بات يثير مخاوف الليبيين (إ.ب.أ)

وجددت تصريحات النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، الأسبوع الماضي هذه المخاوف، بعد تأكيده أنه تبين للنيابة أن «الكثير من العناصر المنضوية في الأجهزة الأمنية صدر بحقها أحكام قضائية».

ويرى عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» بالبرلمان الليبي، على التكبالي، أن حادث الدهس، الذي وقع الأسبوع الماضي، «ينم عن سلوك ميليشياوي فوضوي لا يخشى العقاب»، كما «يثبت أيضاً صحة تحذيرات كثير من السياسيين من تداعيات دمج التشكيلات في المؤسستين الأمنية والعسكرية». وقال بهذا الخصوص: «حتماً سيطغى السلوك الفوضوي المائل للعنف على غيره».

وأضاف التكبالي لـ«الشرق الأوسط» موضحاً أنه «ليس من المنطقي دمج عنصر ميليشياوي اعتاد على إشهار سلاحه عند مواجهة أي مشكلة في أجهزة الشرطة، التي تتعامل مع المواطنين»، لافتاً إلى أن هذه العناصر «تحتاج إلى دورات تدريبية قد تمتد لسنوات لضمان انضباطهم، وعدم تأثر سلوك زملائهم في المؤسسات الأمنية بهم».

ويرى التكبالي أن «غياب العقاب» سبب تكرار مثل هذه الحوادث، وقال إن «قيادات التشكيلات المسلحة كثيراً ما وفرت الحماية لعناصرها عند ارتكابهم أي تجاوز؛ ومع انتقال تلك القيادات للأجهزة الأمنية وتوليهم مناصب عليا بها، تكرر سيناريو الحماية والتغطية والتبرير».

وانتقد البرلماني «صمت النائب العام خلال السنوات الماضية عما ذكره في مؤتمره الأخير من حقائق حول خضوع مراكز الإصلاح للميليشيات؛ وتأكيده على أن الأجهزة التي تضطلع بمهام استيفاء الأدلة باتت خائفة؛ لأن بعض الأطراف الخاضعة أمامها تتمتع بنفوذ أو محسوبة على أجهزة (موازية) أو مجموعات مسلحة».

ووثقت مشاهد «فيديو» متداولة للحادث، الذي اتهم فيه عنصر «بجهاز الدعم المركزي» التابع لحكومة «الوحدة»، بدهس عدد من مشجعي كرة القدم خلال خروجهم من ملعب طرابلس.

النائب العام الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

وألقى وزير الدفاع الليبي الأسبق، محمد البرغثي، بالمسؤولية على «قادة تشكيلات مسلحة، تم تصعيدهم ومنحهم رتباً ومواقع عليا خلال السنوات الأخيرة بتلك الوزارة البالغة الأهمية، دون امتلاكهم المؤهلات والخبرات المطلوبة». وقال البرغثي لـ«الشرق الأوسط» إن مسؤولية القيادة «ينبغي أن تمنح لأصحاب الشهادات العلمية المتخصصة والخبرات المهنية، ممن يمتلكون القدرة على وضع الخطط لتأمين الفعاليات الجماهيرية، كالمباريات والتعامل مع المواطنين».

وبدأت سياسة دمج عناصر التشكيلات المسلحة في مؤسسات الدولة عقب «ثورة 17 فبراير» 2011، ثم توسعت هذه الإجراءات تباعاً بمنح وتكليف قيادات تلك التشكيلات مناصب قيادية في المؤسستين العسكرية والأمنية.

وأشار البرغثي إلى بيان متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، منسوب لبعض قيادات بوزارة الداخلية، تطالب فيه رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، بإقالة وزيره المكلف عماد الطرابلسي، وشقيقه عبد الله، الذي يترأس «جهاز الأمن العام»، وأرجعوا ذلك «لتظلمهم من التهميش، في ظل دأب الوزير وشقيقه منح الرتب والترقيات والمزايا للمقربين منهم»، وهو البيان الذي لم تؤكده أو تنفه الوزارة.

من جانبه، دعا وزير الداخلية الأسبق، عاشور شوايل، إلى «ضرورة الالتزام الدقيق بمعايير الانتساب المتعارف عليها عالمياً بالكليات والمعاهد الشرطية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر لا يتعلق بتجنيد وتخريج دفعات بالمئات والآلاف سنوياً، دون النظر لخلفيتهم التعليمية، ومراجعة صحيفة سوابقهم الجنائية، ومستوى اللياقة البدنية والحالة الصحية».

ليبيون طالبوا الرئيس عبد الحميد الدبيبة بإقالة وزير الداخلية عماد الطرابلسي (الوحدة)

ويعتقد الوزير الأسبق أن أولى خطوات علاج هذه الأوضاع «تبدأ بمراجعة معايير القبول للضباط وضباط الصف، إلى جانب فحص سجلات وأوضاع المقيدين حالياً كعناصر عاملة بالوزارة، من حيث تطبيق كشوف تعاطي المخدرات والخمور، أو وجود أحكام قضائية».

ورغم إدانته لحادث الدهس، يرى شوايل، أن قائد السيارة المسرعة التي ظهرت بمقاطع الفيديو «ليس وحده الملام»، وانتهى إلى أنه «يفترض في تأمين أي فعالية جماهيرية وجود قيادات في المكان، يرجع إليها أي عنصر قبل اتخاذ أي خطوة، لكننا لم نشاهد تلك القيادات».

aawsat.com