خبر ⁄سياسي

100 يوم من حكم ترامب

100 يوم من حكم ترامب

"سحق الحكومة، وفرض سلطته على الحلفاء، وأشعل حروبا تجارية" الأحكام السابقة هي خلاصة تقرير موسع لوكالة أسوشيتد برس" عنوانه "100 يوم من حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

يقع التقرير في نحو 4 آلاف كلمة، وشارك فيه 13 محللا وخبيرا في التعليم والسياسة الداخلية والخارجية والاقتصاد والعسكرية والصحة الهجرة والبيئة والهجرة والسياسة والإعلام وحتى الثقافة والفنون.

تقدم الوكالة تقريرها بالقول إن ترامب مارس مهام منصبه خلال الـ100 يوم من حكمه على نطاق واسع يصعب مقارنته تاريخيا بمن سبقوه في المنصب.

وتستهدف أفعاله "هيكلة أميركا الجديدة لتصبح عظيمة"، لكنها لا تتوقف عند هذا الحد، كما أنه يعيد صياغة عقيدة الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان الجمهورية القائمة على التجارة الحرة والتحالفات الدولية القوية.

كل ذلك في خدمة تغيير جذري لدور الحكومة في الحياة الأميركية ومكانة الولايات المتحدة في العالم.

ولتنفيذ أجزاء من رؤيته كلف ترامب أغنى رجل في العالم وهو إيلون ماسك بتفكيك القوى العاملة الفدرالية، ولم يقرر إلا بعد وقوع الحادث ما إذا كانت التخفيضات قد تجاوزت الحد.

كما أعلن ترامب من جانب واحد عزمه إعادة تشكيل تحالف ما بعد الحرب العالمية الثانية مع أوروبا، والذي حافظ إلى حد كبير على السلام لما يقارب 80 عاما، فأصدر الرئيس الجمهوري إعلانات طوارئ استثنائية لإعادة صياغة قواعد التجارة العالمية، مما أثار حالة من الذعر في الأسواق والعواصم حول العالم، وأمر بنقل المهاجرين إلى سجن في السلفادور دون مراجعة قضائية.

إعلان

وأكثر من ذلك، استهدف الرئيس الجمهوري القانون والإعلام والصحة العامة والثقافة مباشرة، محاولا إخضاع الجميع بعد أن وعد بالعديد من إجراءاته خلال حملته الانتخابية، لكنه نفذها بقوة وحزم.

وفيما يلي نظرة على أهم 100 يوم من الرئاسة الأميركية في عهد ترامب:

الاقتصاد

حاول ترامب إخضاع الاقتصاد الأميركي لإرادته، معتبرا أن نتائج تعريفاته الجمركية ستكون "جميلة" في النهاية، لكن الأشهر الثلاثة الماضية كانت صعبة، حيث تراجعت ثقة المستهلك، وتذبذبت أسواق الأسهم، وفقد المستثمرون ثقتهم في مصداقية سياسات ترامب، ووجدوا أنفسهم يعيشون زمنا يسوده القلق بدلا من عصر ترامب "الذهبي المزدهر الموعود".

تمكن ترامب من إعادة تشكيل الاقتصاد من خلال السلطة التنفيذية متجاوزا إلى حد كبير الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون إلى حد كبير، ففرض رسوما جمركية بمئات المليارات من الدولارات، بما في ذلك على أكبر شريكين تجاريين لأميركا وهما المكسيك وكندا، ناهيك عن فرض ضرائب على السلع الصينية بنسبة 145%.

وأدت العقوبات التجارية إلى تفاقم التوترات مع الاتحاد الأوروبي، ودفعت اليابان وكوريا الجنوبية إلى الإسراع في التفاوض.

وعلى الرغم من الأدلة الواضحة على التفوق الاقتصادي الأميركي فإن ترامب ادعى أن الولايات المتحدة تعرضت للخداع التجاري.

ويقول ترامب إن رسومه الجمركية ستخلق وظائف محلية في المصانع، وتغطي تكلفة خطة خفض ضريبة الدخل التي قد تتجاوز 5 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات، وتسدد الدين الوطني البالغ 36 تريليون دولار، كما ستشكل رافعة لإعادة التفاوض على التجارة بشروط تصب في مصلحة الولايات المتحدة.

لكن رسومه الجمركية قد تقلل الدخل المتاح للأسرة المتوسطة بمقدار 4900 دولار، وفقا لـ"مختبر الميزانية" في جامعة ييل الأميركية، واستخدم ترامب منصبه للترويج لإعلانات استثمارية لم تحدث تأثيرا اقتصاديا يذكر بعد.

إعلان

وأشاد ترامب باستثمار 500 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي، كما دعا مسؤولي هيونداي إلى البيت الأبيض للإعلان عن مصنع صلب جديد في لويزيانا، لكن بناء المصانع تراجع في فبراير/شباط، وزادت التوقعات الخارجية احتمالية حدوث ركود اقتصادي هذا العام.

كما كافأ ترامب قطاعي الفحم والنفط بمهاجمة الطاقة البديلة، لكن رسومه الجمركية رفعت أسعار الصلب والمواد الأخرى التي يحتاجها قطاع الطاقة لزيادة الإنتاج.

ترامب وماسك والمديح المتبادل

وعد ترامب بمواجهة ما سماه الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام في الحكومة، واختار ماسك لقيادة هذه الجهود، وحوّل ماسك خطته لإنشاء وزارة كفاءة الحكومة إلى واحدة من أكثر النقاط استقطابا وتأثيرا في أول 100 يوم من ولاية ترامب.

تعامل رجل الأعمال الملياردير مع المهمة بروح "قطب التكنولوجيا" منطلقا من شعار "أصلح ما تريد، ثم انظر إلى ما تريد إصلاحه"، فكانت عمليات الفصل من العمل العشوائية واسعة الانتشار ألغيت البرامج بتحليل محدود، وتركت العواقب الإنسانية للآخرين ليحلوها.

اخترق فريق ماسك قواعد بيانات حساسة، وتوغل في إدارات غير معروفة تعنى بإدارة القوى العاملة الحكومية والممتلكات الفدرالية.

لطالما حلم الجمهوريون بتقليص البيروقراطية، لكن حتى المخضرمين في معارك الميزانية في واشنطن صدموا من سرعة وضراوة عمل ماسك.

وأخطأت وزارة المالية أيضا، ولم تصدق مزاعم الوفورات الضخمة، وبالغ ماسك بشكل كبير في تقديرات حجم أموال دافعي الضرائب المفقودة بسبب الاحتيال، وأثارت انتقاداته اللاذعة للضمان الاجتماعي قلق المتقاعدين.

ومن المستبعد أن يحقق ماسك أهدافه الكبرى، وتم تقليص خططه لخفض تريليون دولار من الميزانية إلى تريليون دولار.

يغدق ترامب وماسك المديح على بعضهما البعض، لكن فترة ماسك في الإدارة محدودة، وقد بدأ ترامب يتحدث عن عمل ماسك بصيغة الماضي، وقال ترامب خلال اجتماع وزاري عقد مؤخرا "لقد قام هذا الرجل بعمل رائع".

إعلان

الهجرة

كانت مكافحة الهجرة غير النظامية شعار حملة ترامب الانتخابية، وقد نفذ بعضا من أكثر سياسات الهجرة صرامة في التاريخ الأميركي، فاستخدم ترامب قانون "الأعداء الأجانب" لعام 1798 لترحيل المهاجرين، ثم استخدمه لإرسال مئات من أعضاء العصابات الفنزويلية المزعومين إلى سجن كبير في السلفادور، في تحدٍ لأمر قضائي.

وأرسل ترامب قوات إلى الحدود الأميركية المكسيكية، ورحّل المهاجرين باستخدام رحلات جوية عسكرية، ومنع المهاجرين الواصلين إلى الحدود الجنوبية من طلب اللجوء في الولايات المتحدة.

وقبل السلفادور، أرسلت إدارة ترامب المهاجرين إلى خليج غوانتانامو في كوبا، وألزمت الكنديين أيضا بالتسجيل عند عبورهم إلى الولايات المتحدة، كما ضغط المسؤولون في إدارته على مصلحة الضرائب الأميركية لتسليم بيانات حساسة لمئات الآلاف من الأشخاص الموجودين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، مما يسهّل العثور عليهم.

انخفضت عمليات عبور الحدود غير القانونية بشكل حاد في مارس/آذار الماضي، وأظهر استطلاع رأي أن 46% من البالغين الأميركيين يوافقون على تعامل ترامب مع قضية الهجرة، في حين يرى نحو النصف أنه "تجاوز الحدود" في ترحيل المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.

وعلى الرغم مع ذلك فإن الإدارة الأميركية تدرس تفعيل قانون التمرد لعام 1807، والذي يسمح للرئيس بنشر الجيش على الأراضي الأميركية للمساعدة في احتجاز المهاجرين.

القصاص

تولى ترامب منصبه متعهدا بـ"القصاص" لمؤيديه، وقد أوفى بوعده في يومه الأول، وفي كل أسبوع تقريبا منذ ذلك الحين يتخذ إجراءات تستهدف المدعين العامين الذين حققوا معه ومكاتب المحاماة التي وظفتهم.

وطارد مسؤولين سابقين انتقدوه أو زعموا عن حق أنه خسر الانتخابات الرئاسية لعام 2020 أمام سلفه الديمقراطي جو بايدن.

إعلان

وأمر أيضا بتعليق التصاريح الأمنية لأكثر من 40 مسؤولا استخباراتيا سابقا وقّعوا على رسالة خلال حملة 2020 تفيد بأن قصة جهاز الحاسوب المحمول الخاص بهانتر نجل بايدن تحمل بصمات حملة نفوذ روسية.

طردت وزارة العدل التابعة لترامب المدعين العامين الذين حققوا معه كجزء من فريق المستشار الخاص جاك سميث، وطالبت بأسماء عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي الذين شاركوا في التحقيقات في أعمال الشغب التي وقعت في 6 يناير/كانون الثاني 2021 في الكابيتول.

القضاء وسيادة القانون

لطالما صرح ترامب بأنه سيلتزم بأوامر القضاة الفدراليين، لكن ذلك لم يمنع الحديث عن أزمة دستورية محتملة بسبب تحدي المحاكم.

وتواجه أوامره التنفيذية التي تعيد تشكيل الحكومة الفدرالية أكثر من 150 دعوى قضائية تتعلق بقضايا تتراوح بين تسريح الموظفين الفدراليين والهجرة وحقوق المتحولين جنسيا.

وأصدر القضاة أحكاما ضد الإدارة عشرات المرات، مما عرقل أجزاء من جدول أعماله في الوقت الحالي، وجادلت الإدارة بأنه لا ينبغي أن يكون للقضاة الأفراد الحق في إصدار أوامر قضائية على مستوى البلاد.

دعا ترامب إلى عزل قاض فدرالي حكم ضده في قضية المهاجرين الفنزويليين المتهمين بالانتماء إلى عصابات، وأثار ذلك توبيخا نادرا من رئيس القضاة جون روبرتس الذي لم يذكر الرئيس ترامب بالاسم، لكنه قال إن العزل ليس ردا مناسبا على الخلافات بشأن قرارات المحكمة.

كما ردت الإدارة في المحكمة، واستأنفت بسرعة أوامر متعددة أمام المحكمة العليا ذات الأغلبية المحافظة.

يتمتع ترامب حتى الآن بسجل متباين في المحكمة العليا في سلسلة من الطعون الطارئة، وأصدر القضاة بعض الأحكام الإجرائية إلى حد كبير منحازة إلى الإدارة.

كما رفضوا حجج ترامب العامة في العديد من القضايا، بما في ذلك القضية المتعلقة بالفنزويليين وأخرى في قضية أبريغو غارسيا.

إعلان

العلاقات الدولية

رفض ترامب نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي شكّل أساس الاستقرار والأمن العالميين، ورفض التحالفات طويلة الأمد وألمح إلى تقليص وجود القوات الأميركية في أوروبا، مما جعل حلفاء قدامى مثل ألمانيا وفرنسا يرون أنهم لم يعودوا قادرين على الاعتماد على واشنطن.

كما تعهد ترامب بإنهاء سريع للحروب في أوكرانيا وغزة، ولكن دون تأثير يذكر حتى الآن.

كما وضع معيارا جديدا لاستضافة زعيم دولة أخرى عندما وبخ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي علنا، وقد قال ترامب مرارا وتكرارا وبشكل غير دقيق إن أوكرانيا بدأت الحرب.

أدت أفعاله إلى تشكيك حلفاء في أوروبا إلى جانب كندا واليابان وكوريا الجنوبية في اعتمادهم على الولايات المتحدة، وما إذا كانت الالتزامات التي طال أمدها لا تزال سارية.

ووجّه ترامب وزير خارجيته ماركو روبيو بإجراء تخفيضات كبيرة في أعداد الموظفين والبرامج في وزارة الخارجية، فامتثل روبيو للأمر، وقال إن البعض في الوزارة اتبعوا أيديولوجية "متطرفة".

قلب ترامب موازين القوى في منظمات متعددة الأطراف أخرى رأسا على عقب، فانسحبت الولايات المتحدة فورا من منظمة الصحة العالمية وألغت مشاركتها في اتفاقية باريس للمناخ بشأن الاحتباس الحراري، واتخذت إجراءات ضد المحكمة الجنائية الدولية.

أغلق ترامب فعليا الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي لطالما اعتُبرت مثالا على أداة فعالة لتقديم المساعدات الإنسانية وبناء النوايا الحسنة على الرغم من أن بعض البرامج كانت غارقة في الفساد.

وفي الوقت نفسه، دعا ترامب مرارا وتكرارا الولايات المتحدة إلى ضم غرينلاند، وهي إقليم دانماركي، واستعادة السيطرة على قناة بنما، وجعل كندا الولاية الأميركية الـ51.

تسلل الاستبداد

يحاول ترامب جاهدا أن يثبت أن الكونغرس لا يضاهي البيت الأبيض، وبالتالي يختبر ترامب الكونغرس ويتحداه، بل ويتنمر عليه بطرق لا مثيل لها من خلال تقليص صلاحيات الوكالات الحكومية وترحيل المهاجرين غير النظاميين، والتحقيق في من ينظر إليهم على أنهم أعداء، وتعطيل الاقتصاد، ويكاد يجرد المشرعين من الاعتراض.

إعلان

ومع سيطرة الجمهوريين على كل من البيت الأبيض والكونغرس تتاح للحزب الجمهوري فرصة نادرة لفرض أجندة حزبية طموحة، لكن ترامب أظهر أنه لا يريد أو يحتاج بالضرورة إلى الكونغرس لتحقيق أهدافه.

وأصدر ترامب عددا من الأوامر التنفيذية يفوق ما أصدره الرؤساء الخمسة الأوائل مجتمعين بـ10 أضعاف تقريبا، متجاوزا الكونغرس.

وتخفض وزارة التعليم برامج ووظائف ووكالات بأكملها، بما في ذلك وزارة التعليم التي تتلقى تمويلا بموجب القانون من الكونغرس الذي يملك بموجب الدستور سلطة تخ