خبر ⁄سياسي

زواج المصلحة القاتل: الجيش والإسلاميون ومستقبل السودان

زواج المصلحة القاتل: الجيش والإسلاميون ومستقبل السودان

 

ياسر عرمان

إلى اين تتجه قيادة الجيش وهي لم تخرج بعد من لجة الحرب وفترة النقاهة بعد استعادة الخرطوم والقيادة العامة؟ هل تتجه إلى وجه الشعب الذي لا غالب له ام لمشروع إنقاذي قديم قوامه الاستبداد برتوش جديدة؟
معادة ثورة ديسمبر بلساتك او بدون لساتك هل هي في مصلحة الجيش؟متى وكيف ينتهي زواج المصلحة بين قيادة الجيش وقيادة الاسلاميين حتى يتم بناء جيش وطني ومهني؟
الجيش في مأزق ومأزقه الحقيقي ناتج عن علاقته بتنظيم سياسي على حساب مصالح الشعب والدولة ولا مخرج له إلا بالتراجع عن زواج المصلحة الذي ادخله في اشكاليات لا تعد ولا تحصى، واذا أراد ان يتمسك بالعروة الوثقى عليه ان يختار طريقاً جديداً ومشروع وطني نهضوي قائم على الحرية والسلام والعدالة لان هذا هو طريق الشعب الذي يسعى لبناء جيش مهني حتى يحافظ على وحدة الوطن ويفتح طريقاً لضوء النهار، وبناء جيش مهني توفره شوارع ثورة ديسمبر لا كتائب البراء التي تسعى للسلطة واعادة انتاج النظام القديم، طال الزمن ام قصر لابد من الخروج من جلباب الحزب لجلباب الوطن.
القوى التي تحارب مع الجيش بعضها إسلامي إنقاذي وهو طويل اللسان قليل المنفعة وأخرى قاعدتها الاجتماعية قبلية وحركات هامش فقدت بوصلة الهامش وطاشت لبوصلة السلطة واخطرها الأولى رغم قلتها.

ماذا يعني تعيين دفع الله الحاج وعمر صديق:

سبق التعيين تعديات على الوثيقة الدستورية أولها الانقلاب ثم الحرب والتعديلات الأخيرة التي أحكمت قبضة السلطة عند قيادة الجيش ووضعت أساساً دستورياً جديداً لزواج المصلحة بين الإسلاميين وقيادة الجيش بعد ان قامت ثورة ديسمبر بخلخلة أسس هذه العلاقة، وقيادة الجيش تعمل على التحالف مع جناح ناعم من المؤتمر الوطني يمكن ان يجد القبول ويمر من غربال المجتمع الإقليمي والدولي دون شكوك، وهنالك فكرة غير صحيحة عند بعض الأطراف الخارجية قائمة على ان هناك إسلاميين أخيار وآخرين أشرار ويجب الاستفادة من بيروقراطية الإسلاميين في السلطة وهو معيار سيؤدي لمكافأة الإسلاميين على حربهم دون الإعلان عن ذلك وعودة الأشرار والأخيار معاً وبذر بذور حروب جديدة.
لا حاجة للدخول في نقاش حول هل عمر صديق إسلامي أم لا، أم امن شعبي ام غيره، وهل دفع الله الحاج في جناح كرتي/ علي عثمان ام جناح نافع/ علي محمود، فهم بالقطع من جماعات المصالح التي ضمها الكارتيل الكبير لحزب المؤتمر الوطني ولم يكن بإمكانهم احتلال المواقع التي عيّنوا فيها إلا بالولاء والفحص والتدقيق من أجهزة الإسلاميين وحزبهم.
ان ما حدث في تعيين دفع الله الحاج وعمر صديق مختلف ونوعي وهو تدشين لعلاقة مع جناح من أجنحة المؤتمر الوطني وتقديمه على أساس انه جناح ناعم لتحييد الاسلاميين ومواصلة الحرب والتحالفات الخارجية. والصحيح ان ما تم هو لمواصلة الاستبداد والطريق القديم ولن يحل أزمة الجيش او الوطن.

الاقتصاد السياسي للحرب واقتسام السلطة:

الطرفان المتحاربان وقائع حربهما ويومياتها بكاملها على حساب الشعب والمدنيين والقيادات المتسيدة في الحرب ومسرحها ومصالحها في الحفاظ على نظام لا يحارب الفساد او الاستبداد ويصالح بالإفلات من العقاب ويفتح الطريق لنهب الموارد و إشباع نهم السلطة، مع وجود بعض الأطراف الخارجية المتسرعة للحلول وأخذ الصور التذكارية، وتسرب الإسلاميين في داخل معسكري الحرب سوف يزيد من امكانية الاتجاه نحو اقتسام السلطة بعيداً عن حل الازمة الوطنية التاريخية مما يستدعي مواصلة النضال واستعادة روح الثورات السودانية وبناء سلطة الشعب بديلاً لقسمة السلطة.

معسكرات الحرب تحالف الوادي المتصدع:

معسكر الجيش والمتابعين لتصريحات حلفاءه الكثيرة سرعان ما يستنتجون مدى هشاشة هذا التحالف والتصدع والاختلافات داخله، ربما لا يقطع هذا التحالف (فرقة) الحرب وان قطعها سوف ينتهي العزاء بانتهاء مراسم الحرب ودخول جناح من الإسلاميين الآن سيفاقم التناقضات بين أطرافه.
اما معسكر (تأسيس) فانه يقف في حلبة الصراع على تقاسم السلطة بعيداً عن البرنامج المعلن ويتم ترجمة الشعارات لقسمة محضة للسلطة.

محور مصر والسعودية وقطر والأفارقة والمجتمع الدولي والإشكاليات مع الاسلاميين:

تجربتنا الطويلة مع الاسلاميين انهم مجموعة إسفنجية رخوة يمكن تجفيفها وبمجرد ان ترتوي بماء السلطة ستعود لممارساتها القديمة وقيادة الجيش تحتاجها في تحكم الاستبداد وهم يحتاجونها للقفز بزانة الجيش للسلطة، على المجتمع الاقليمي والدولي ان لا يهدر تضحيات السودانيين وزمنهم في تجريب المجرب، ومن المؤكد انهم سيهددون الاستقرار الاقليمي والدولي ولن نكل او نمل في شرح ذلك لجوارنا الاقليمي وجيراننا الاقربين والمجتمع الدولي.

الدولة والجيش:

السودانيون المخلصون كثير منهم يجتهدون في التفريق النظري والعملي بين الدولة والجيش، واختطاف الاسلاميين الطويل للدولة وقيادة الجيش، لمصلحة تأسيس الدولة وبناء جيش مهني ولكن اليد الواحدة لا تصفق لانهم لا يجدون استجابة من قيادة الجيش وان بناء الكتلة الثالثة كتلة القوى الوطنية الديموقراطية هي وحدها التي بامكانها النهوض بالإجابة على هذه الأسئلة الهامة التي تطرحها الحرب حول مستقبل الدولة والجيش واستعادة الق وروح ثورة ديسمبر في الوصول لدولة الوطن ومواجهة دولة الحزب.

أخيراً نحو بناء كتلة ثالثة:

ان مستقبل السودان وحل الأزمة الوطنية الشاملة ووقف الحرب أولاً ثم إنهائها بمخاطبة جذور الأزمة، والبداية هي التصدي للكارثة الإنسانية والانتهاكات وحماية المدنيين. كل ذلك يستدعي التعجيل ببناء الكتلة المدنية الثالثة كتلة القوى المدنية الديمقراطية المرجحة والوازنة والتي تحمل روح الثورة في مواجهة الحرب باستقلالية وحزم في الخطاب والممارسة واختبار إرادة طرفي الحرب تجاه الحرية والسلام العادل والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والمواطنة بلا تمييز هو التحدي والمهمة التي تواجه الحركة الوطنية والديمقراطية السودانية.

sudantribune.net