تحقيق صحافي حول التسليح المصري يثير انتقادات

أثار تحقيق صحافي بشأن تسليح الجيش المصري انتقادات، لا سيما أن نشره يتزامن مع «قلق» إسرائيلي من تنامي القدرات العسكرية للقاهرة، تحدثت عنه وسائل إعلام عبرية عدة خلال الفترة الأخيرة.
ونشرت الإعلامية المصرية رشا قنديل، تحقيقاً صحافياً تناولت فيه صفقات السلاح التي أبرمتها القاهرة في السنوات العشر الأخيرة، وقالت إنها «استغرقت ثلاثة أشهر في البحث وتتبع الصفقات»، التي عدتها «هائلة» بالنظر إلى ظروف مصر الاقتصادية.
وطرحت قنديل سؤالاً رئيساً في تحقيقها بشأن أسباب سعي القاهرة من أجل امتلاك «ترسانة ضخمة»، لا سيما أنه «لا دلائل على حرب وشيكة ستخوضها السلطة أو القوات المسلحة باسم مصر إقليمياً أو دولياً»، على حد قولها.
وأثار التحقيق والتساؤلات التي طرحها، انتقادات وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت حد توجيه اتهامات حادة لقنديل، مع الإشارة إلى حملها الجنسية البريطانية، وزواجها من السياسي المصري المعارض أحمد الطنطاوي، المسجون حالياً عقب إدانته بـ«تزوير توكيلات شعبية» خلال الانتخابات الرئاسية الماضية.
ورشا قنديل إعلامية مصرية، قدمت أكثر من برنامج حواري وسياسي في قناة «بي بي سي» العربية، أبرزها برنامج «بلا قيود».
وتساءل الإعلامي أحمد موسى عن أسباب اهتمامها بالجيش المصري وتسليحه، بدلاً من تركيز بحثها على الجيش الإسرائيلي. وقال في منشور عبر حسابه على منصة «إكس» إن «مصر لن تتوقف عن امتلاك قدرات عسكرية متطورة وحديثة لحماية شعبها وثرواتها وأرضها، وردع من تسول له نفسه مجرد التفكير في تنفيذ مخطط أطماعه التوسعية»، وعدّ التحقيق «عملية تشويش ضد الجيش المصري الوحيد الصامد في المنطقة».
... رشا قنديل زوجة المزور والمدان فى جريمة مخلة بالشرف ، التى عملت سنوات فى التليفزيون البريطانى بى بى سى ، قالت انها اجرت بحثا عن أسباب تسليح الجيش المصرى ، ولا اعرف أسباب اهتمامها بمصر وجيشها ولم تفكر ولو لمرة واحدة فى اجراء بحث عن جيش الاحتلال الصهيونى وما يحصل عليه من تسليح...
— أحمد موسى - Ahmed Mousa (@ahmeda_mousa) May 4, 2025
وقفزت معدلات التسليح بمصر بنسبة 136 في المائة بين عامي 2016 و2020، مقارنة بالفترة ما بين 2011 و2016؛ وفقاً لما ذكره التحقيق المنشور نقلاً عن «معهد استوكهولم للدراسات».
وسخر المدون المصري لؤي الخطيب من السؤال الذي طرحته رشا قنديل بشأن أسباب تسلح الجيش المصري. وقال ساخراً في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»: «لا توجد أي مؤشرات على قلق في المنطقة ولا اضطرابات تدفعنا للاستعداد!».
الأستاذة رشا قنديل كاتبة مقال طويل وعميق وبذلت فيه مجهود كبير جدا، علشان تحصر حجم الأسلحة اللي مصر اشترتها خلال السنين اللي فاتت، لكنها وقفت عاجزة قدام سؤال بدأت المقال ونهته بيه، وهو سؤال محير فعلا: "لماذا تبني مصر هذه الترسانة الضخمة؟"..اه فعلا لماذا؟مفيش أي مؤشرات يعني على...
— Loay Alkhteeb (@LoayAlkhteeb) May 3, 2025
وتساءلت الكاتبة والباحثة شيرين هلال عن «سبب عدّ تسليح مصر رفاهية، وليس ضرورة في ظل الحروب والكوارث التي أدت إلى سقوط دول في المنطقة». وقالت في منشور عبر منصة «إكس»: «التقرير أغفل حاجة مصر للدفاع عن حدودها الشاسعة، وحقها في الحاجة إلى الردع إذا تجاوزت إسرائيل، وحاجة القاهرة لتحقيق التوازن الإقليمي في التسليح».
الرد على تقريرأ/رشا قنديلالمعارضة المرة دي عايزة تخرجك من الفطرة الطبيعية للبني آدمين، مش بس من الفطرة المصرية للاشياء.تقرير رشا قنديل مذيعة الBBC المعروف توجهها وزوجة المرشح اللي محتملش أحمد الطنطاوي المروج للمصالحة السياسية مع الاخوان والمحبوس علي ذمة قضية التوكيلات، بيربط... pic.twitter.com/7fxBqpObId
— Sherin Helal (@sherinhelal555) May 3, 2025
وأبدى الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج «دهشته» من التساؤل الذي طرحته رشا قنديل. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مصر تقع في منطقة مليئة بالأزمات، التي تحيط بحدودها الاستراتيجية من إسرائيل إلى ليبيا إلى السودان، إلى جانب التهديدات في منابع النيل». وأضاف: «أي دولة من المهم أن يكون لها جيش قوي لحماية أمنها ومواجهة أي تهديدات»، داعياً إلى «تجاهل التحقيق» الذي «لا يستهدف سوى تحقيق التريند»، على حد تعبيره.
واتفق معه الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري، مؤكداً أن «مصر تواجه مخاطر على الاتجاهات الاستراتيجية كافة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إثارة تساؤلات بشأن تسليح الجيش المصري يخدم الأهداف الإسرائيلية، ويستهدف إضعاف مصر وقيادتها التي تسعى إلى حماية الأمن القومي».
وزاد من حدة الانتقادات الموجهة للتحقيق وكاتبته، تزامن ذلك مع تقارير إعلامية إسرائيلية عدة انتقدت «تسليح الجيش المصري»، وتساءلت عن أسبابه، معربةً عن «قلقها»، مما وصفته بـ«حشد عسكري مصري غير مسبوق بالقرب من الحدود».
ووفق ما تداولته وسائل الإعلام العبرية في وقت سابق، فإن «تل أبيب وجّهت تحذيراً رسمياً للقاهرة بسبب هذا الحشد العسكري»، الذي عدّته «انتهاكاً لاتفاق السلام بين البلدين عام 1979».
وبين الحين والآخر يثار موضوع تسليح الجيش المصري، وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ما قال إنه «بعض التساؤلات التي كانت تطرح حول أهمية وضرورة شراء أسلحة خلال السنوات العشر الماضية». وقال: «لن أجيب عن هذا السؤال، ويجب أن يعرف الجميع أن الحفاظ على قوة الدولة الشاملة بكل معانيها، سواء العسكرية أو الاقتصادية أو الثقافية أو قوة الوعي، أمر مهم جداً، ولا بد أن يكون كل من القوات المسلحة والشرطة في أعلى جاهزية وقدرة لحماية البلد».
وسبق أن أكد الرئيس المصري، في إطار الاحتفالات بمرور 51 عاماً على حرب 6 أكتوبر 1973: «القوة التي تتمتع بها القوات المسلحة، هي قوة رشيدة تتسم في تعاملها بالتوازن الشديد، وليست لديها أجندة خفية تجاه أحد».
aawsat.com