اليمنيون يفيقون على دمار كامل لمطار صنعاء ومنشآت الطاقة

أفاق اليمنيون، الأربعاء، على دمار شامل لمطار صنعاء ومحطات الكهرباء، ومصنع إسمنت عمران، إثر الضربات الإسرائيلية الانتقامية من الحوثيين في موجتها السابعة، وذلك بعد يوم من تدمير ميناء الحديدة وإخراجه من الخدمة، وكذا تدمير مصنع إسمنت باجل بالمحافظة الساحلية نفسها.
وكان الحوثيون أطلقوا، الأحد، صاروخاً باليستياً سقط بجوار «مطار بن غوريون»، في أقوى تهديد لإسرائيل منذ بدء التصعيد، بعد إخفاق الدفاعات في اعتراضه؛ مما دفع بتل أبيب إلى ردها الانتقامي.
ووفق مسؤولين في الجماعة الحوثية، فقد أدت الضربات الإسرائيلية في صنعاء والحديدة إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة 94 آخرين.
وأقرت الجماعة بتدمير مطار صنعاء بالكامل، حيث نسفت الضربات جميع صالات المطار وجميع منظوماتها، وكذا المدارج، فضلاً عن تدمير 7 طائرات مدنية؛ بينها 3 طائرات من أسطول «الخطوط الجوية اليمنية»، كانت الجماعة احتجزتها قبل نحو عام.
كما دمرت الضربات محطتَي كهرباء حزيز وذهبان، ومصنع إسمنت عمران، الواقع على بعد 50 كيلومتراً شمال صنعاء؛ مما يعني خسائر اقتصادية ضخمة، يحتاج اليمنيون إلى عقود من أجل تعويضها.
وطبقاً لما صرح به خالد الشايف، مدير مطار صنعاء، المعيّن من قبل الحوثيين، فقد بلغ حجم الخسائر الأولية التي لحقت بالمطار نحو 500 مليون دولار، مع استمرار عملية تقييم الأضرار.
وأوضح أن «القصف العنيف دمر الصالات في مطار صنعاء بكل ما تحويه من أجهزة ومعدات، ومبنى التموين سُوِّيَ بالكامل» بالأرض، مشيراً إلى تعليق كل الرحلات من المطار وإليه.
وقبل الضربات، كان الجيش الإسرائيلي وجه إنذاراً إلى سكان المنطقة المحيطة بمطار صنعاء الدولي في اليمن بالإخلاء بشكل فوري؛ مما ساهم في تقليل الخسائر البشرية.
وفي حين سبق أن استهدفت إسرائيل المطار ومنشآت الطاقة في موجات سابقة، فإنها لم تدمرها كلياً، كما حدث في الهجوم الأخير.
ويُشغّل الحوثيون رحلة يومية وحيدة من مطار صنعاء إلى العاصمة الأردنية عَمّان، في سياق تخفيف القيود على سفر المدنيين من قبل الحكومة الشرعية، ولم تتبقَّ سوى طائرة واحدة من أصل 4 طائرات احتجزها الحوثيون من أسطول شركة «الخطوط الجوية اليمنية».
وكانت الطائرة الرابعة في مطار عَمّان تستعد للعودة إلى صنعاء قبل ضرب المطار؛ ما أدى إلى إلغاء الرحلة.
وعيدٌ باستمرار الهجمات
على الرغم من الدمار الواسع الذي تسبب فيه القصف الإسرائيلي على صنعاء والحديدة، فإن قادة الجماعة الحوثية توعدوا باستمرار هجماتهم، في حين أعلن أفيخاي أدرعي، المتحدث للإعلام العربي باسم الجيش الإسرائيلي، اعتراض مسيّرة، الأربعاء، لم يتبنَّ تسييرها الحوثيون على الفور.
وقال أدرعي، في منشور على منصة «إكس»: «قبل قليل اعترض سلاح الجو طائرة مسيّرة أطلقت من جهة الشرق؛ حيث تم تفعيل (إنذارات) وفق السياسة المتبعة»، دون إيراد مزيد من التفاصيل.
#عاجل قبل قليل اعترض سلاح الجو طائرة مسيرة أطلقت من جهة الشرق حيث تم تفعيل انذارات وفق السياسية المتبعة
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) May 7, 2025
وهدد عدد من قادة الجماعة بعد ضربات إسرائيل الانتقامية بمواصلة الهجمات التي يقولون إنها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات.
وقال محمد علي الحوثي، وهو ابن عم زعيم الجماعة، في تغريدة على منصة «إكس»: «الإسناد لغزة مستمر، والرد آت». في حين قال مهدي المشاط، رئيس مجلس حكم الجماعة، إنه «لا تراجع عن إسناد غزة مهما كان الثمن، وما حصل يثبت أن ضرباتنا مؤلمة وستستمر».
ونقل الإعلام الحوثي عن المشاط قوله: «ردّنا بإذن الله سيكون مزلزلاً، مؤلماً (...) وسيُدرك المعتدي أن الثمن الذي سيدفعه باهظ، ولن يثنينا أي عدوان عن قرارنا المحق في مساندة إخواننا في فلسطين، حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة».
من جهته، قال محمد عبد السلام، المتحدث باسم الجماعة الحوثية ووزير خارجيتها الفعلي المقيم في سلطنة عُمان: «عمليات اليمن المساندة لغزة لا يمكن أن تتوقف».
ومنذ استأنفت الجماعة الحوثية هجماتها في 17 مارس (آذار) الماضي، أطلقت 20 صاروخاً باليستياً وعدداً من المسيّرات، اعترضتها إسرائيل جميعها باستثناء الصاروخ الأخير، ولم تتسبب في أي خسائر بشرية.
وأطلق الحوثيون منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أكثر من 200 صاروخ وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكنها لم تحقق أي نتائج مؤثرة، باستثناء مقتل شخص بطائرة مسيّرة ضربت شقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) 2024.
وتعدّ الضربات الإسرائيلية الجديدة الموجة السابعة من الغارات الانتقامية ضد الحوثيين. وكانت الأولى في 20 يوليو (تموز) 2024، وكلها ضربت موانئ ومستودعات وقود ومحطات كهرباء في صنعاء والحديدة، كما طالت مطار صنعاء الدولي.
قلق أممي
في ظل هذه التطورات، أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن قلقه إزاء التصعيد الإسرائيلي - الحوثي، محذراً من مخاطر ذلك على الحالة الإنسانية المتدهورة في اليمن.
وقال المبعوث، في بيان نشره حساب مكتبه على منصة «إكس»، إن الهجوم الجوي الحوثي على «مطار بن غوريون» في إسرائيل، وما أعقبه من ضربات شنتها إسرائيل على مطار صنعاء وميناء الحديدة في اليمن رداً على ذلك، يمثل «تصعيداً خطيراً في سياق إقليمي هش ومتقلب».
ان الهجوم الجوي التي نفذتها أنصار الله على مطار بن غوريون في إسرائيل، وما اعقبتها من ضربات شنتها إسرائيل على مطار صنعاء وميناء الحديدة في اليمن رداً على ذلك، تمثل تصعيداً خطيراً في سياق إقليمي هش ومتقلب. أجدد دعوتي لجميع الأطراف المعنية إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي...
— @OSE_Yemen (@OSE_Yemen) May 6, 2025
وجدد غروندبرغ دعوته جميع الأطراف المعنية إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي أعمال تصعيدية قد تُفاقم معاناة المدنيين.
وقال المبعوث: «من الضروري أن يلتزم جميع الفاعلين بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. العودة إلى الحوار تظل السبيل الوحيد المستدام لضمان السلامة والأمن الدائمين لليمن والمنطقة بأسرها».
ويحمل المجلسُ الرئاسي اليمني الجماعةَ الحوثية مسؤولية هجماتها، التي يقول إنها لا تفيد الفلسطينيين بقدر ما تدفع إسرائيل إلى تدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.
ويتهم مجلس الحكم اليمني الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، والهروب من استحقاقات السلام التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع الدامي المستمر منذ انقلاب الجماعة على التوافق الوطني في 2014.
aawsat.com