شيء للوطن م.صلاح غريبة يكتب: إستئصال الطابور الخامس: معركة لا تقل ضراوة عن مواجهة المليشيا في السودان

تشتعل نيران الحرب في السودان، وتحرق الأخضر واليابس، وتزهق الأرواح بلا هوادة. وفي خضم هذه المعركة المصيرية، حيث يواجه الجيش السوداني ببسالة فلول المليشيا المتمردة في ساحات الوغى، يغفل الكثيرون عن جبهة أخرى لا تقل أهمية وخطورة، بل ربما تفوقها في تأثيرها طويل الأمد على وحدة البلاد واستقرارها: جبهة الطابور الخامس والمتعاونين.
إن الخطر الذي تمثله هذه الفئة الخبيثة لا يقل ضراوة عن رصاص المدافع وقذائف الهاون. فهم يعملون في الخفاء، يبثون سموم الفرقة والفتنة، يقوضون الروح المعنوية، ويزودون العدو بالمعلومات والتحركات، بل ربما يشاركون بشكل مباشر أو غير مباشر في تسهيل جرائمه وإطالة أمد الصراع. إنهم بمثابة الديدان التي تنخر في جسد الوطن من الداخل، وتستنزف قوته وتماسكه في أحلك الظروف.
لا يمكن النظر إلى هؤلاء المتعاونين على أنهم مجرد هامش أو تفصيل ثانوي في هذه الحرب. إنهم جزء لا يتجزأ من آلة الحرب التي تستهدف السودان، وأذرع خفية تسعى لتحقيق أهداف العدو وتقويض سيادة الدولة ووحدة أراضيها. التهاون معهم أو التقليل من شأن خطرهم هو بمثابة السماح للعدو بترسيخ أقدامه في الداخل، وتوسيع دائرة نفوذه وتأثيره.
إن المواجهة الحاسمة مع المليشيا في الميدان يجب أن تتوازى مع حملة شعواء لا تقل شراسة ضد هذا الطابور الخامس. يجب فضحهم وتعرية مخططاتهم أمام الرأي العام، وتجفيف منابع دعمهم وتمويلهم، وتطبيق القانون بحزم على كل من تثبت تورطه في الخيانة والعمالة. لا مكان لللين أو التسامح مع من يطعن الوطن في ظهره في هذا الظرف الدقيق.
وفي هذا السياق، يبرز الدور المحوري للإعلام الوطني. يجب أن يتحمل الإعلام مسؤوليته التاريخية في هذه المرحلة المفصلية، وأن يكون سداً منيعاً في وجه الشائعات والأخبار الكاذبة التي يبثها أعداء الوطن وعملاؤهم. يجب أن يعلي الإعلام من قيم الوطنية والانتماء، وأن يرسخ في وجدان المواطنين حب الوطن والتضحية من أجله.
إن تفعيل التربية الإعلامية في جميع ضروب الحرب يصبح ضرورة ملحة. يجب توعية المواطنين بكيفية التعامل مع تدفق المعلومات الهائل في زمن الحرب، وتمكينهم من تمييز الحقائق من الأباطيل، والمصادر الموثوقة من الصفحات المشبوهة. يجب تحصين الوعي الجمعي ضد محاولات التضليل والتحريض التي تستهدف زعزعة الثقة بين الشعب والجيش، وتأليب الرأي العام ضد المصلحة الوطنية العليا.
إن المعركة الحقيقية ليست فقط معركة سلاح، بل هي أيضاً معركة وعي وإرادة وصمود. الانتصار في الميدان لا يكتمل إلا باستئصال شأفة الخونة والعملاء من الداخل. إنها معركة وجود وبقاء، تتطلب منا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نواجه التحديات بكل قوة وحزم، وأن نضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. فلنكن صفاً واحداً في وجه العدو الظاهر والخفي، ولنحمِ سوداننا من كل من تسول له نفسه العبث بأمنه واستقراره ووحدته.
azzapress.com