خبر ⁄سياسي

5 أسئلة تشرح وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان ومصيره

5 أسئلة تشرح وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان ومصيره

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس السبت على نحو مفاجئ في منشور عبر منصته تروث سوشيال أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار "شامل وفوري"، وهو الأمر الذي أكده الجانبان، وذلك بعد 4 أيام من قصف مدفعي وصاروخي متبادل أودى بحياة 60 شخصا من الجانبين، مما أثار مخاوف من وصول الأمور إلى حرب شاملة بين القوتين النوويتين.

لكن بعد أقل من 24 ساعة على إعلان هذا الاتفاق تبادلت الدولتان الجارتان الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار الذي يبدو أنه هش للغاية، فهل يصمد وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان؟

نحاول هنا توضيح أبرز ما يتعلق بهذا الاتفاق:

كيف تم التوصل إلى هذا الاتفاق؟ ومن الذي بادر؟

تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان -الذي أُعلن عنه يوم أمس السبت- من خلال مزيج من الاتصالات العسكرية المباشرة والوساطة الدولية المهمة.

ووفقا لما جرى، فقد بادر المدير العام للعمليات العسكرية الباكستانية بإجراء مكالمة هاتفية مع نظيره الهندي بعد ظهر أمس، وخلال هذه المحادثة الحاسمة اتفق القائدان العسكريان على الوقف الكامل لجميع عمليات إطلاق النار والأعمال العسكرية برا وجوا وبحرا اعتبارا من الساعة الخامسة مساء بتوقيت الهند المحلي في ذلك اليوم.

إعلان

وفي حين أن المكالمة المباشرة من المدير العام للعمليات العسكرية الباكستانية كانت بمثابة المحفز الفوري فقد صرح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن الاتفاق جاء بعد مفاوضات مكثفة أجراها هو وجيه دي فانس نائب الرئيس مع رئيسي الوزراء الهندي ناريندرا مودي والباكستاني شهباز شريف ومسؤولين كبار آخرين لتهدئة الوضع المتدهور بسرعة.

هل تضغط واشنطن على باكستان والهند للالتزام بالاتفاق؟

تشارك واشنطن بنشاط في تشجيع كل من الهند وباكستان على الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، والذي جاء بعد 4 أيام من المناوشات العسكرية المكثفة التي أثارت مخاوف عالمية، وقد لعبت الولايات المتحدة دورا مهما في التوسط في الهدنة كما أسلفنا.

وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة حثت على خفض التصعيد، حيث أشار البعض إلى أن واشنطن "أمرت عمليا" باكستان باستخدام الخط الساخن العسكري لتهدئة التوترات بعد رصد رسائل إنذار قصوى تتعلق بالأصول الإستراتيجية الباكستانية.

وعلاوة على ذلك، ذكرت تقارير أن الولايات المتحدة ربطت الإفراج المؤقت عن قرض من صندوق النقد الدولي لباكستان بقبولها وقف إطلاق النار فورا.

ونظرا لهشاشة الوضع والتقارير عن انتهاكات أولية من كلا الجانبين بعد وقت قصير من الإعلان فمن المرجح جدا أن تواصل واشنطن جهودها الدبلوماسية للضغط على البلدين للحفاظ على وقف إطلاق النار ومنع المزيد من التصعيد، وتشجيع الحوار بشأن قضايا أوسع نطاقا.

هل قبلت الهند بهذا الاتفاق خشية الهزيمة بعد إسقاط عدد من طائراتها؟

في حين وردت تقارير -ولا سيما من مصادر باكستانية- بتكبد الهند خسائر في الطائرات خلال الاشتباكات العسكرية الأخيرة لا يوجد دليل قاطع يشير إلى أن قبول الهند اتفاق وقف إطلاق النار يعود إلى خشيتها من الهزيمة نتيجة هذه الخسائر المفترضة.

كما أن الهند لم تؤكد رسميا خسائر الطائرات هذه، بل سلطت الضوء على عملياتها العسكرية -بما في ذلك "عملية سيندور"- باعتبارها إجراءات انتقامية ناجحة ضد البنية التحتية للإرهاب والقدرات العسكرية الباكستانية.

إعلان

ومن المرجح أن قبول الهند اتفاق وقف إطلاق النار جاء نتيجة عوامل عدة تشمل الرغبة في تهدئة وضع خطير ينذر بصراع أوسع بين دولتين نوويتين، إلى جانب جهود وساطة دولية كبيرة (لا سيما من جانب الولايات المتحدة)، أو تقييما من نيودلهي بأن أهدافها الانتقامية المباشرة للهجوم الإرهابي السابق في بهلغام قد تحققت بشكل كاف.

ما مصلحة واشنطن في هذا الاتفاق؟

من خلال وقف إطلاق النار فإن الولايات المتحدة تساهم في منع نشوب صراع أوسع نطاقا قد يكون نوويا في جنوب آسيا، وبالتالي تجنب عواقب إنسانية واقتصادية وبيئية كارثية، وهو ما يعد مكسبا أمنيا عالميا كبيرا.

وإلى جانب ذلك، فإن مساهمة الولايات المتحدة الواضحة في تحقيق هذا الاتفاق تسمح لها بتعزيز صورتها كجهة دبلوماسية فاعلة حاسمة قادرة على التدخل بفعالية في الأزمات الدولية المعقدة.

أضف إلى ذلك أن وقف إطلاق النار بين دولتين نوويتين يسهم في الاستقرار الإقليمي، وهذا الأمر بحد ذاته مصلحة إستراتيجية رئيسية للولايات المتحدة.

كما أن هدوء جنوب آسيا يتيح لواشنطن السعي بشكل أفضل لتحقيق أهدافها الجيوسياسية الأوسع، خاصة أن الولايات المتحدة تعتبر الهند لاعبا رئيسيا في إستراتيجيتها بمنطقة المحيطين الهندي والهادي، وثقلا موازنا للنفوذ الصيني المتنامي، ومن شأن نشوب حرب بين الهند وباكستان أن يعقد هذه الشراكة ويشتت تركيز الهند ومواردها.

هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان؟

يواجه اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان مستقبلا غامضا، إذ تعتمد متانته على عوامل عدة حاسمة، حيث يُظهر التاريخ أن اتفاقات وقف إطلاق النار بين الجارتين النوويتين غالبا ما كانت هشة.

وقد أشارت التقارير الصادرة مساء أمس السبت بعد ساعات فقط من الاتفاق إلى انتهاكات مزعومة من كلا الجانبين، بما في ذلك نيران المدفعية ورصد طائرات مسيرة، مما يسلط الضوء على التحديات الملحة.

إعلان

وفي حين أعلن كل من المسؤولين الهنود والباكستانيين التزامهم بوقف إطلاق النار لكن انعدام الثقة المتجذر وتعقيد القضايا الأساسية -ولا سيما فيما يتعلق بكشمير والإرهاب العابر للحدود- لا يزالان يشكلان عقبات كبيرة.

كما أن الخطاب القوي الذي سبق وقف إطلاق النار والتفسيرات المختلفة لنطاق الاتفاق -خاصة فيما يتعلق بالمحادثات المستقبلية- يمكن أن يسهم أيضا في هشاشته.

لكن من المرجح أن تواصل الجهات الدولية الفاعلة -خاصة الولايات المتحدة التي لعبت دورا رئيسيا في الوساطة- ممارسة الضغط الدبلوماسي من أجل صمود وقف إطلاق النار.

وبينما يسود شعور بالارتياح والأمل في تحقيق السلام بين المدنيين في المناطق الحدودية لا يزال الخبراء حذرين، إذ يعتبرون الهدنة "حلا مؤقتا" لعلاقة جريحة للغاية، مع بقاء احتمال اندلاع اشتباكات مستقبلية مرتفعا إذا لم تعالج القضايا الجوهرية.

aljazeera.net