خبر ⁄سياسي

كتب شريف ربيع : ارتباك في المشهد السياسي.. السودان يعين رئيسا جديدا لحكومته

كتب شريف ربيع : ارتباك في المشهد السياسي.. السودان يعين رئيسا جديدا لحكومته

أصدر الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني يوم الاثنين الماضي مرسومًا دستوريًّا بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسًا جديدًا للحكومة، وأصدر كذلك مرسومًا بتعيين سلمى عبد الجبار المبارك ونوارة محمد طاهر عضوتين في “مجلس السيادة” ممثلتين عن وسط وشرق السودان. وقد وجّه البرهان الأمانة العامة لمجلس السيادة والجهات المختصة بالدولة بوضع المرسوم الدستوري حيز التنفيذ.

يأتي قرار تعيين إدريس بعد مرور نحو 3 أسابيع من تعيين السفير دفع الله الحاج علي رئيسًا للوزراء لكنه لم يباشر مهامه، وجاء إعلان الحكومة السودانية بعد أسابيع من تعبير مجلس الأمن الدولي في مارس الماضي عن قلقه البالغ بسبب ميثاق حول تشكيل حكومة جديدة وقعته مليشيا “الدعم السريع” المتمردة وحلفاؤها، وحذر من أنه قد يفاقم الحرب ويزيد الأزمة الإنسانية في السودان.

نصت التعديلات الجديدة على الوثيقة الدستورية على أن يتكون تشكيل “مجلس السيادة” من 11 عضوًا؛ 6 منهم تُعينهم القوات المسلحة، و3 ترشحهم الأطراف الموقعة على “اتفاق جوبا للسلام”، مع تمثيل المرأة وأقاليم السودان.
و”منحت الوثيقة الفريقَ البرهان حق تعيين رئيس الوزراء وإعفائه بعد توصية من السلطة التشريعية الانتقالية”.
وجرى تمديد الفترة الانتقالية لمدة لا تتجاوز 39 شهرًا ما لم يُتَوَصل لتوافق وطني أو إجراء انتخابات.

وبخصوص الصراع المسلح الدائر، فقد أعلن “مني أركو مناوي” حاكم إقليم دارفور يوم الأحد الماضي أن الجيش السوداني سيطر على منطقة عطرون بصحراء شمال دارفور. في حين كثفت مليشيا “الدعم السريع” هجماتها وقصفها على غرب وشرق السودان؛ ونتج عن قصف سوق في مخيم للنازحين بإقليم دارفور يوم الأحد الماضي مقتل ما لا يقل عن 14 شخصًا بحسب مصادر إغاثية. وقالت غرفة طوارئ معسكر “أبو شوك” بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور: “إن القصف طال سوق نيفاشا وأجزاءً أخرى من داخل المعسكر كالمساجد والمنازل القريبة من المرافق العامة في المخيم الذي يشهد تفشيًا للمجاعة”؛ مؤكدة أن “حجم الخسائر كبير، لكن بسبب سوء الأوضاع الأمنية كانت هناك صعوبة في حصر كل الضحايا والمصابين”.

ترددٌ وارتباك

في هذا الصدد، قال عمار العركي، الكاتب والمحلل السياسي السوداني: إن تعيين الفريق أول عبد الفتاح البرهان للدكتور كامل الطيب إدريس رئيسًا للحكومة بعد أسابيع فقط من إعلان تعيين دفع الله الحاج- يحمل دلالات على حالة من التردد والارتباك في إدارة المشهد السياسي؛ ما يعكس غياب رؤية واضحة أو توافق داخلي حول المرحلة الانتقالية، كما قد يُقرأ القرار كمحاولة لتقديم وجه مدني مقبول دوليًّا في ظل ضغوط خارجية متزايدة.

وأضاف العركي لـ”الفتح”: أما إعادة تعيين سلمى عبد الجبار المبارك في مجلس السيادة بعد إقالتها قبل نحو ثلاث سنوات، إلى جانب تعيين نوارة محمد طاهر- فيُشير إلى مسعى رمزي لتحقيق التوازن الجهوي والتمثيل النسوي، دون أن يغير ذلك من طبيعة السلطة القائمة أو موازين القوة الفعلية، خاصة في ظل استمرار الحرب.

وأردف: رغم أن هذه التعيينات لن تؤثر ميدانيًّا على مجريات المعركة المسلحة، لكنها قد تُستخدم كأداة سياسية في مسار التفاوض الخارجي لإظهار أن مؤسسات الدولة لا تزال قائمة، وأن القيادة العسكرية تسعى إلى ملء الفراغات الدستورية بشكل مرحلي.

حكومة مدنية

أما عيسى مضوي، الكاتب السياسي السوداني، فيرى أن تعين الدكتور كامل إدريس رئيسًا لمجلس للوزراء بصلاحيات تشكيل وزراء مجلسه لإدارة الحكومة المدنية وهو من “التكنوقراط” وهو ليس بديلا للسفير دفع الله الحاج؛ لأن الأخير كُلف بوزارة مجلس الوزراء؛ وهي الوزارة المعنية بتنسيق عمل الوزراء وجزء من مكونات مجلس الوزراء الذي الآن يترأسه إدريس، وقد يُبقي عليه أو يستبدله حسب رؤيته.

وأضاف مضوي لـ”الفتح”: أما بخصوص إرجاع سلمى عبد الجبار إلى مجلس السيادة بعد إقالتها الفترة الماضية؛ فهو ناتج عن أنهه خلال الفترة السابقة كانت الحكومة حكومة حرب يجب أن تكون ذات طابع عسكري بعيدًا عن التمثيل النسبي، والطابع العسكري تشكله القوات المسلحة وحركات سلام جوبا؛ فبعد السيطرة الميدانية للقوات المسلحة على أكثر من 75% من الدولة، ومن خلال حرب استمرت لأكثر من عامين رأت قيادات مجلس السيادة ضرورة وضع مجلس على شكل الحكم في السودان، وهو أقرب إلى الشكل الفيدرالي؛ مجلس سيادة يمثل رأس الدولة، ومجلس وزراء اتحادي يمثل السلطة التنفيذية المدنية، وحكومة ولايات تشكل 18 ولاية في السودان؛ وبما أنه لا بد من رسم ملامح الحكم فلا بد من الوجود النسبي النسوي في مجلس السيادة.

لتلك الخطوات تأثيرات في سير المعارك؛ تتمثل في تفرق القادة العسكريين لإدارة مرحلة الحسم مع المليشيا ميدانيًّا؛ فإدارة الدولة المدنية أرهقت القادة العسكريين كثيرًا وأخرتهم عن هذه المرحلة رغم التقدمات الكبيرة التي تحققها القوات المسلحة، وكذلك تعد تلك الخطوات كنوع من إسكات الأصوات المساندة للمليشيا المتمردة التى تدعو لتشكيل حكومة مدنية من خلف فوهة بندقية “الدعم السريع”.

azzapress.com