خبر ⁄سياسي

عثمان ميرغني يكتب: كامل ادريس..

عثمان ميرغني يكتب: كامل ادريس..

بعد طول يأس، وانتظار لأربع سنوات، خطا رئيس مجلس السيادة الفريق أول البرهان الخطوة التي وعد بها منذ صباح 25 أكتوبر 2021.. بيان صدر أمس من مجلس السيادة أعلن تعيين الدكتور كامل ادريس رئيسا للوزراء بصلاحيات كاملة.. ثم أتبعه قرار آخر ينهي اشراف أعضاء مجلس السيادة على الوزارات.
الخطوة وان تأخرت؛ لكنها خير من أن لا تأتي.. تفتح الآن الطريق نحو عدة مسارات ظلت مغلقة.
تعيين رئيس الوزراء يعني تشكيل حكومة بقيادة مدنية، و يجدر التمييز بين عبارتين “حكومة مدنية” و “حكم بقيادة مدنية” فهناك فرق كبير.. هذه الحكومة تبتدر استعادة مؤسسات الدولة وعلى رأسها المجلس التشريعي.
كما أن تعيين رئيس الوزراء مستقل في أعماله، يفتح الباب للتعافي مع الاتحاد الأفريقي واستعادة العضوية المجمدة، حال اقتنع بأن تشكيل الحكومة بقيادة مدنية هو استجابة مناسبة لشروط العودة.
و الأهم في تقديري أن تعيين كامل ادريس يعني فتح الباب واسعا مع المجتمع الدولي الذي ظل صابرا على توعكات الأزمة السودانية دون القدرة على التعامل المنتج مع هياكل ومؤسسات دولة حقيقية. إذ ظل البرهان وحده يدير دفة الحكم بتفاصيلها كافة مما يضعف التعاون الدولي مع السودان في الملفات الأمنية والسياسية والانسانية والاقتصادية .
وللتذكير، كانت هناك فرصة كبيرة لإنهاء الحرب و القفز بعلاقات السودان الخارجية إلى مستوى رفيع في أغسطس 2024 الماضي لو شاركت الحكومة في مفاوضات سويسرا التي رعتها أمريكا و السعودية وشاركت فيها مصر والامارات والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
كانت خيبة المجتمع الدولي كبيرة في عدم قدرة السودان الانخراط في جهود السلام مما جر على السودان كثيرا من التبعات على رأسها العقوبات الأمريكية التي وجهت مباشرة لتطال رأس الدولة البرهان نفسه.
من الحكمة أن يبدأ كامل ادريس في تفكيك المشهد السياسي الداخلي؛ أكثر ما أهدر فرص الخروح من نفق الحرب كان ضعف القطاع السياسي. في ظل استقطاب وانقسام -عبثي- بين القوى السياسية السودانية . والأن هناك فرصة ذهبية في وجود شخصية غير منتمية حزبيا مثل الدكتور كامل ادريس يستطيع ادارة حوار واسع يفتح الأفق لتوافق سياسي على تشكيل مؤسسات الدولة..
الأولوية الآن لانهاء الحرب بمفاوضات تسمح بالتسوية السياسية التي تجعلها آخر الحروب وتفتح الباب نحو وطن مستقر مزدهر. ولكن ذلك لا يعني اهمال البدء فورا في بناء الدولة السودانية الحديثة.
ونثق أن لدى كامل ادريس رؤية مكتوبة قابلة للتطوير بمزيد من الأخذ والرد عبر منابر مفتوحة وأخرى متخصصة.

Bajnews.net