خبر ⁄سياسي

الجيش السوداني ينفي اتهامات هيومن رايتس بقصف المدنيين في دارفور  

الجيش السوداني ينفي اتهامات هيومن رايتس بقصف المدنيين في دارفور  

الخرطوم، 4 يونيو 2025 ــ نفى المتحدث باسم الجيش السوداني، الأربعاء، صحة تقرير نشرته هيومن رايتس ووتش يتحدث عن شنه غارات جوية باستخدام قنابل غير موجهة على أحياء سكنية في نيالا بولاية جنوب.

وقال المتحدث باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، في بيان تلقته “سودان تربيون”، إن “الادعاءات الواردة في تقرير هيومن رايتس ووتش بشأن قصف المدنيين في نيالا غير صحيحة ومجافية للواقع”.

واعتبر التقرير ضمن مخطط دولي يستهدف السودان وشعبه، مشددًا على أن المنظمات تلتزم الصمت تجاه الفظائع والانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع بحق المواطنين.

وأضاف عبدالله: “نؤكد أن المليشيا ــ الدعم السريع ــ تقوم باستهداف مباشر وممنهج للمرافق العامة، بما في ذلك المنشآت الصحية ومصادر المياه والكهرباء، أمام أنظار المجتمع الدولي دون أي تحرك يُذكر”.

وأفادت هيومن رايتس ووتش، في التقرير، بأن الجيش قتل أعدادًا كبيرة من المدنيين في غارات جوية استخدم فيها قنابل غير موجهة على أحياء سكنية ومقار تجارية في نيالا في أوائل فبراير 2025.

وأوضح التقرير أن الجيش شنّ هجمات متكررة على نيالا، التي يقطنها أكثر من 800 ألف شخص، منذ سيطرة الدعم السريع عليها في أكتوبر 2023.

وشدد على أن هذه الهجمات اتسمت بالعشوائية، حيث إن القنابل المستخدمة لها آثار واسعة النطاق ودقة محدودة، ولا يمكن، في معظم الحالات، توجيهها إلى هدف عسكري محدد في مناطق مأهولة بالسكان.

وأكد أن شن هجمات عشوائية، عمدًا أو بتهور، هو جريمة حرب.

وقال الباحث الأول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش، جان باتيست غالوبان، إن الجيش قصف أحياء سكنية وتجارية مكتظة بالسكان في نيالا باستخدام قنابل غير دقيقة.

وأضاف: “قتلت هذه الهجمات عشرات الرجال والنساء والأطفال، ودمرت العائلات، وزرعت الخوف والنزوح”.
وتوقف الجيش عن شن غارات جوية على نيالا بعد إسقاط قوات الدعم السريع طائرة عسكرية في 24 فبراير السابق، حيث بات يلجأ إلى استخدام الطائرات المُسيّرة في قصف مواقع الدعم السريع في المدينة.

تفاصيل الهجمات

وقالت هيومن رايتس ووتش إنها تلقت تقارير موثوقة عن غارات جوية عديدة بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025 على نيالا، فيما أجرت تحقيقات مفصلة في 5 غارات شُنت في 3 فبراير السابق أوقعت قتلى مدنيين.

وأوضحت أنها أجرت مقابلات مع 11 شخصًا من الضحايا والشهود، وثلاثة أشخاص من الطواقم الطبية التي عالجت الضحايا، كما حللت صورًا فوتوغرافية وفيديوهات من وسائل التواصل الاجتماعي، منها ما يُظهر بقايا ذخائر من ثلاث غارات.

وبيَّنت أنها راجعت صورًا لبقايا ذخيرة لتحديد الأسلحة المستخدمة في الغارات الثلاث، وخلصت إلى استخدام قنبلة من طراز “أوفاب-250” (OFAB-250) في الغارة التي وقعت أمام “مستشفى مكة للعيون”، وهي قنبلة غير موجهة شديدة الانفجار ومتشظية.

وقالت المنظمة الحقوقية إنه جرى استخدام قنبلة من طراز “فاب” (FAB) متعددة الأغراض وغير موجهة أُلقيت جوًّا، أصابت طريقًا يبعد حوالي 140 مترًا شمال غرب المستشفى، في غارة أخرى.

وشددت على عدم إمكانية توجيه قنابل أوفاب والقنابل غير الموجهة الأخرى من سلسلة أوفاب أو فاب نحو هدف عسكري محدد، حيث إنها لها تأثيرات واسعة النطاق ودقة محدودة.

وأضافت: “لذلك، من المرجح أن تصيب أهدافًا عسكرية ومدنيين أو أهدافًا مدنية بدون تمييز عند استخدامها في منطقة مأهولة بالسكان، مثل الأحياء السكنية المكتظة في نيالا، ما يجعل الهجوم عشوائيًا”.

وذكر شهود عيان لـ “هيومن رايتس ووتش”، إن غارات 3 فبراير أصابت مناطق سكنية وتجارية مزدحمة في حيّي الجمهورية والسينما بوسط المدينة في تتابع سريع، إضافة إلى شارع الكونغو، وهو طريق رئيسي في المدينة.

وأشاروا إلى أن غارة جوية أصابت متجرًا للبقالة قرب مستشفى مكة للعيون في شارع يعج بالناس والمركبات، ما أوقع عددًا كبيرًا من القتلى.

ونُقل التقرير عن مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة أنه بين 2 و4 فبراير السابق قُتل ما بين 51 و74 مدنيًا وأُصيب العشرات، فيما أفادت أطباء بلا حدود عن مقتل 25 شخصًا وإصابة 21 آخرين في غارات جوية في 4 فبراير على مصنع لزيت الفول السوداني.

وقال عامل يومي نجا من غارة أودت بحياة أخته وابن أخيه في 3 فبراير، وفقًا للتقرير، إن الطائرة كانت “تحلق على ارتفاع كبير جدًا جدًا. لم يكن الوقت الفاصل بين الغارتين طويلًا، ربما دقيقة أو دقيقتين – قصفت الطائرة، ثم انعطفت، ثم قصفت ثانية بعد فاصل زمني قصير جدًا”.

وأضاف: “الغارات الجوية هي الأسوأ، لأنها تدمر كل شيء. في حالة الأعيرة النارية، يستطيع الناس تجنبها والاحتماء منها، لكن لا يمكننا الاحتماء من الغارات الجوية. إنها قوية جدًا”.

أهداف مشروعة

سجّل مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة 41 يومًا من الغارات الجوية بين ديسمبر 2024 وفبراير 2025، أصابت العديد منها أحياء شرق نيالا، التي تضمّ تمركزًا كثيفًا لمقاتلي الدعم السريع في مواقع عديدة، بما في ذلك مطار نيالا ومحيطه، وهو مركز رئيسي للقوات.

وأوضحت هيومن رايتس ووتش أن هذه الغارات تزامنت مع تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع بدأت باستخدام مطار نيالا كقاعدة للطائرات المسيّرة، وأن طائرات شحن كبيرة كانت تهبط فيه.

وذكرت أن استخدام قوات الدعم السريع المطار لأغراض عسكرية يجعله هدفًا مشروعًا، حيث إن الهجمات الموجهة ضد مقاتلي قوات الدعم السريع والأهداف العسكرية كالمطار متوافقة مع قوانين الحرب طالما أنها لا تُلحق بالمدنيين أضرارًا عشوائية أو غير متناسبة.

وتابعت: “لا يحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات على المناطق الحضرية في حال وجود أهداف عسكرية، ولكن الهجمات الموجهة ضد المدنيين أو التي تُسبب أضرارًا عشوائية أو غير متناسبة محظورة دائمًا، وقد تُشكل جرائم حرب”.
وطالبت هيومن رايتس ووتش قوات الدعم السريع بتجنب وضع أهداف عسكرية قرب المناطق المكتظة بالسكان، والسعي إلى إبعاد المدنيين عن محيط الأنشطة العسكرية.

sudantribune.net