كيف تؤثر خسائر الرهائن في مفاوضات هدنة غزة

وصول السلطات الإسرائيلية إلى مكان رابع رهينة في قطاع غزة، خلال نحو 3 أيام منذ تعثر مفاوضاتها غير المباشرة مع «حماس»، فتح تساؤلات بشأن مستقبل ذلك على مسار التهدئة وتأثيراتها في إمكانية إقرار هدنة مؤقتة دون شروط كما تريد حكومة بنيامين نتنياهو، أو شاملة كما ترغب الحركة الفلسطينية.
تلك التطورات تأتي في ظل تأكيد مصر استمرار جهودها للتوصل إلى اتفاق هدنة، ويراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها لا تحمل تأثيراً فارقاً في ظل تمسّك «حماس» بموقفها، وكذلك نتنياهو بعدم وجود أولوية لديه لإطلاق الرهائن مع إصراره على استمرار الحرب.
وتوقعوا أن تستمر محاولات الوسطاء لإحياء مسار المفاوضات وبقاء أمل ضئيل بالتوصل إلى هدنة مؤقتة وليست شاملة، في مقابل تصعيد عسكري إسرائيلي أكبر قبل التوسع في الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية في مؤتمر دولي برعاية سعودية وفرنسية خلال 17 يونيو (حزيران) في الأمم المتحدة.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الأحد، عن قائد فريق التفاوض السابق بالجيش دورون هدار قوله: «نخشى العجز في الاختيار بين الحرب وإعادة الرهائن»، لافتاً إلى أن «الضغط الدولي قد يدفع الولايات المتحدة إلى إجبار إسرائيل على وقف الحرب (...) خصوصاً أنه من الواضح أن الضغط على (حماس) لا ينفع».
وتأتي تصريحات المصدر الإسرائيلي، رغم نجاح إسرائيل خلال 3 أيام في استعادة 3 جثث ومعرفة مكان رهينة رابعة. وأعلنت «حماس»، في بيان السبت، أن الجيش الإسرائيلي يفرض حصاراً على مكان احتجاز رهينة في قطاع غزة يٌدعى متان تسنغاوكر، وأضافت: «إذا قُتل هذا الأسير خلال محاولة تحريره، فإن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق جيش الاحتلال، لا سيما بعد أن حافظنا على حياته طوال عام وثمانية أشهر».
وكان الجيش الإسرائيلي قد استعاد جثة الرهينة التايلاندي ناتابونغ بينتا، وفق بيان لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، السبت، بعد يومَيْن من إعلان نتنياهو إعادة جثتَي رهينتين إسرائيليين - أميركيين، هما: جودي واينستين - هاغاي وغاد هاغاي، في عملية استخباراتية خاصة بخان يونس في قطاع غزة، متوعداً باستمرار تلك العمليات.
وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن «حماس» لا تزال تحتجز 56 رهينة بعد استعادة الجثتَيْن، ويُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة، حسب «رويترز».
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن الرهائن مهما كان عددهم فهم لدى نتنياهو ليسوا أولوية، ويعدّهم من ضمن الخسائر منذ وقت مبكر، مشيراً إلى أن نتنياهو يهمه فقط القضاء على «حماس».
ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي المطاوع، على أن ورقة الرهائن لدى «حماس» لم تعد ذات تأثير كبير على نتنياهو، وباتت العمليات الحالية تفكك أوراق الضغط عليه، لافتاً إلى أن الحركة الفلسطينية تواصل إنكار الواقع، وبالتالي تزيد من تعقيد المشهد التفاوضي.
ووسط تعثر المفاوضات، أطلع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، نظيره التركي هاكان فيدان، على «الجهود التي تبذلها مصر لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والأسرى»، خلال اتصال هاتفي، حسب ما أورده بيان صحافي لـ«الخارجية» المصرية.
تلك التأكيدات المصرية على وجود جهود تُبذل لوقف إطلاق النار تأتي غداة مطالبات جديدة من عائلات الرهائن للمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بأن يسعى لوضع حد لمخطط نتنياهو في إطالة أمد الحرب والتوصل إلى اتفاق شامل، مؤكدين أن «إنهاء الحرب باتفاق يصب في مصلحة إسرائيل».
وانهارت الهدنة الثانية في 18 مارس (آذار) الماضي بعد شهرَيْن من انطلاقها، ولم تحقق مفاوضات مباشرة بين «حماس» وواشنطن في الدوحة مؤخراً أي اختراق. وأضيف إلى هذا المشهد التفاوضي المتعثر، استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو)، الأربعاء، ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب «بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار» في غزة، بعد تصويت 14 دولة في المجلس لصالح مشروع القرار.
وبررت القائمة بأعمال المندوبة الأميركية، دوروثي شيا، ذلك الموقف بالقول في تصريحات صحافية، آنذاك، بأن واشنطن تعمل مع شركاء مثل مصر وقطر للتوصل إلى اتفاق متكامل يشمل إطلاق الرهائن ووقف إطلاق النار.
ويرى رخا حتمية استمرار جهود الوسطاء لإنهاء ما يحدث في غزة، مشيراً إلى أن مطالبات وقف الحرب لا سيما من عائلات الرهائن لا تمثّل تأثيراً كبيراً، ولا تمثّل أغلبية لدى الرأي العام، وبالتالي لن تستجيب لها حكومة نتنياهو.
ويتوقع أن تزداد الضغوط الدولية مع المؤتمر الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مرجحاً سيناريوهَيْن؛ أحدهما استمرار نتنياهو في العناد والتصعيد أو القبول بهدنة مؤقتة لتخفيف أي ضغوط محتملة خلال المؤتمر الدولي المرتقب بشأن فلسطين.
ويرى مطاوع أن مطالبات عائلات الرهائن لن يُستجاب لها من نتنياهو؛ لأنها خلاف أهدافه الرئيسية في استمرار الحرب، لا سيما بعد الضوء الأخضر الأميركي الأخير بالفيتو في مجلس الأمن، مرجحاً أن أقصى ما يمكن له في ظل استمرار جهود الوسطاء هدنة مؤقتة.
aawsat.com