أيهما أنسب للسودان: المكتب الإفريقي أم مكتب الشرق الأوسط في الإيكاو بقلم: إبراهيم عدلان

في سياق سعي السودان لإعادة بناء منظومة الطيران المدني بعد الحرب، يبرز سؤال استراتيجي على درجة من الأهمية: هل الأنسب للسودان الاستمرار ضمن نطاق مكتب الإيكاو للشرق الأوسط (MID)، أم الانضمام للمكتب الإفريقي (AFI)، الذي يُعد الذراع الرئيسي للإيكاو في القارة؟
السودان تاريخيًا ظل ضمن دائرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط الذي يتخذ من القاهرة مقرًا له، لكن تطورات الواقع الراهن، واحتياجات السودان الهيكلية في قطاع الطيران، تقتضي مراجعة هذا الوضع من منظور الاستفادة الفعلية من البرامج والدعم الإقليمي الموجه من الإيكاو.
أولاً: ماذا يقدم المكتب الإفريقي (AFI)؟
يعد مكتب AFI منصة استراتيجية شاملة للدول الإفريقية لتعزيز قدراتها في مجال الطيران المدني، ويضم تحت مظلته عدة برامج محورية:
أبرز برامج AFI:
1. AFI Plan: برنامج شامل لتطوير السلامة الجوية، يركز على تدريب الكوادر، تطوير التشريعات، ودعم الدول التي تعاني من ضعف البنية
2. AFI SECFAL Plan: برنامج خاص بالأمن والتسهيلات، يساعد في تطوير أنظمة أمن الطيران وتحديث إجراءات المطارات.
3. AFI-CIS: نظام تفتيش تعاوني بين الدول الإفريقية لتقوية الرقابة دون تحميل الدول عبئًا ماليًا كبيرًا.
4. SAATM: المبادرة الكبرى لتحرير الأجواء الإفريقية ودمج النقل الجوي في السوق القارية.
5. مراكز التدريب الإقليمية: تقدم برامج معتمدة من الإيكاو لتأهيل الفنيين والمفتشين والمراقبين.
نقاط القوة:
• دعم فني مباشر للدول ذات الإمكانيات الضعيفة.
• تعاون وثيق مع الاتحاد الإفريقي.
• تصميم البرامج بناءً على فجوات الأداء الفعلية في الدول الإفريقية.
• تقديم التمويل أو تغطية جزء كبير من التكاليف من خلال شراكات مع المنظمات المانحة.
ثانياً: تقييم أداء مكتب الشرق الأوسط (MID)
رغم أن مكتب MID يقدم نموذجًا إقليميًا ناجحًا خاصة على مستوى دول الخليج، إلا أن الواقع يشير إلى محدودية استفادة السودان منه، للأسباب التالية:
تحديات ومساوئ ارتباط السودان بـ MID:
1. تفاوت الأداء بين الدول:
• الدول الخليجية تقود المكتب بموارد متقدمة، بينما دول مثل السودان، اليمن وسوريا، تظل على هامش التأثير والتمويل.
2. تركيز المكتب على الدول ذات الأداء العالي:
• معظم برامج MID موجهة لتحسين الأداء الإقليمي العام وليس لبناء القدرات من الصفر كما هو حال السودان بعد الحرب.
3. غياب الدعم التنموي المباشر:
• لا توجد مبادرات خاصة بإعادة الإعمار أو البناء المؤسسي كما هو الحال في برامج AFI.
4. محدودية فرص التمويل والتدريب المجاني:
• البرامج التدريبية تعتمد غالبًا على التمويل الذاتي أو الشراكات التجارية، ما يحد من فرص السودان للمشاركة.
5. تضارب الهوية الجغرافية:
• السودان يقع جغرافيًا في إفريقيا، ما يجعل ارتباطه بمكتب MID أقرب للمجاملة السياسية منه للتخطيط الاستراتيجي.
ثالثًا: لماذا يجب على السودان التحول رسميًا نحو مكتب AFI؟
في ضوء ما سبق، فإن استمرار السودان ضمن نطاق MID لا يحقق له أفضلية واقعية، خصوصًا في ظل حاجة السودان إلى:
• دعم فني عاجل لإعادة بناء الطيران المدني.
• تطوير التشريعات الوطنية لتتماشى مع المعايير الدولية.
• تدريب الكوادر في ظل غياب مركز وطني متكامل بعد الحرب.
• تمويل مشروعات إعادة تأهيل المطارات ومراكز المراقبة.
الانضمام الفعلي والفعّال لمكتب AFI يمنح السودان:
• أولوية تلقائية ضمن برامج المساعدات.
• إمكانية الاستفادة من البرامج الإفريقية دون الحاجة للتمييز الجغرافي.
• منصة تعاون مع الدول الإفريقية ذات التحديات المشابهة (مثل تشاد، النيجر، جنوب السودان).
التوصية:
ينبغي أن تتقدم سلطة الطيران المدني السودانية بطلب رسمي للإيكاو لإعادة تصنيف السودان ضمن المكتب الإقليمي الإفريقي (AFI)، مع توضيح مبررات ذلك على أساس:
1. الموقع الجغرافي والإقليمي.
2. التحديات التنموية التي يواجهها السودان بعد الحرب.
3. الحاجة للاستفادة من برامج إعادة الإعمار الموجهة لإفريقيا.
إن التحول نحو المكتب الإفريقي ليس قرارًا جغرافيًا فقط، بل هو خيار استراتيجي يُمكِّن السودان من بناء طيران مدني آمن، حديث، وفعّال في بيئة إفريقية متضامنة تنموية لا تنافسية اقتصادية بحتة.
تابعنا على الواتساب لمزيد من الاخبار
azzapress.com