ساس: الذكاء الاصطناعي يتوقع التحديات المستقبلية ويحسن عمليات الشركات

تمثل «رؤية السعودية 2030» خريطة طريق طموحة لتحقيق التنويع الاقتصادي وتعزيز الابتكار وبناء مجتمع رقمي متقدم. في قلب هذه الرؤية، يأتي دور التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتحليلات، التي تُعد أدوات حيوية لتحقيق الأهداف الوطنية. ومن خلال التعاون مع شركات رائدة في هذا المجال، تسعى المملكة إلى تعزيز قدراتها الرقمية وبناء مستقبل مستدام.
في هذا السياق، تبرز تجربة شركة «ساس» (SAS) حالةً مثيرةً للاهتمام حول كيفية مساهمة التقنيات المتقدمة في دعم التحول الرقمي.
يقول محمد كيكي، المدير العام لشركة « SAS» في السعودية، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن التقنيات الحديثة تمكِّن المنظمات من تحليل البيانات بشكل أعمق، «مما يدعم أهداف رؤية 2030 في بناء اقتصاد رقمي مزدهر وتحسين الخدمات العامة». ومن خلال تطبيقات مثل التنبؤ الذكي وإدارة المدن الذكية، يمكن لهذه التقنيات أن تسهم بشكل مباشر في تحقيق هذه الأهداف.
تعزيز التحول الرقمي
ويشرح كيكي خلال حديثه الذي جاء على هامش معرض «ليب 2025» الذي استضافته الرياض في شهر فبراير (شباط) الماضي، كيف يمكن أن تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الفيضانات من خلال تحليل بيانات المستشعرات والطقس لإنشاء نماذج تنبؤية. ويرى أن هذه التقنيات تُسهم في إدارة النفايات والحفاظ على نظافة المدن باستخدام الرؤية الحاسوبية والخرائط ثلاثية الأبعاد. هذه التطبيقات ليست مجرد تطورات تقنية، بل هي عوامل تمكين لتحقيق مدن أكثر استدامة ورفاهية.
بناء الكفاءات المحلية
يُعد تطوير الكفاءات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات عنصراً أساسياً في نجاح التحول الرقمي. ومن خلال برامج التدريب والتعليم، يجري تمكين الشباب السعودي ليصبحوا قادة في هذا المجال الحيوي.
يوضح كيكي أن «ساس» تستثمر في بناء الخبرات المحلية من خلال تعزيز التعاون مع الجهات الحكومية والأكاديمية. وتشمل هذه الجهود تنظيم «هاكاثونات» بالشراكة مع الجامعات، مثل جامعة جدة، لتعزيز الابتكار وخلق فرص للشباب. كما تُقدم برامج تدريبية مكثفة للطلاب والخريجين، حيث يجري تزويدهم بالمهارات اللازمة للعمل في مجال الذكاء الاصطناعي. ويُردف كيكي أن هذه البرامج تسمح للمشاركين بتطبيق مهاراتهم في مشاريع واقعية، مما يعزز فرصهم في سوق العمل. ومن خلال هذه المبادرات، يتم بناء قاعدة قوية من الكفاءات المحلية التي تدعم أهداف «رؤية 2030».
التوجهات الناشئة
مع ازدياد الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي، تبرز عدة توجهات تشكل مستقبل الخدمات والقطاعات في السعودية. من بين هذه التوجهات التحليلات التنبؤية، والأمن السيبراني، وتطوير المدن الذكية.
يرى كيكي أن هذه التقنيات الحديثة تساعد المنظمات على توقع التحديات المستقبلية وتحسين عملياتها. على سبيل المثال، تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة البنية التحتية، مثل التنبؤ باحتياجات صيانة الطرق والجسور. وفي مجال الأمن السيبراني، تُعد تقنيات الذكاء الاصطناعي أداة حيوية لمكافحة الجرائم الإلكترونية والاحتيال. ووفقاً لتقرير «إيكونوميست إمباكت»، يرى 50 في المائة من المشاركين أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حاسماً في تعزيز الأمن السيبراني. ومن خلال تحليل البيانات الضخمة، يمكن تحديد الأنماط المشبوهة والتصدي للتهديدات بشكل استباقي.
تعزيز كفاءة الحكومة
تتجه الجهات الحكومية بشكل متزايد إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين. من خلال تحليل البيانات، يمكن تخصيص الموارد بشكل أفضل وتقليل أوقات الانتظار. يشير كيكي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه التقنيات الحديثة تُستخدم لتحسين إدارة البنية التحتية والخدمات الاجتماعية». على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في إدارة حركة المرور وتقليل الازدحام، مما يعزز جودة الحياة في المدن.
مكافحة الجرائم المالية
يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال مكافحة الاحتيال وغسل الأموال من خلال تحليل البيانات الضخمة وتحديد الأنماط المعقدة. وحول ذلك يشدد كيكي على أن هذه التقنيات تمكّن من أتمتة عمليات الكشف عن الاحتيال، مما يجعلها أسرع وأكثر دقة. وتُظهر التقارير أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً متزايداً في تعزيز الأمن المالي. ومن خلال التعلم الآلي، يمكن للأنظمة أن تتعلم من الحالات السابقة وتتعرف على التهديدات الجديدة بشكل أكثر فاعلية.
تحديات تبني الذكاء الاصطناعي
على الرغم من الفوائد الكبيرة للذكاء الاصطناعي، تواجه المنظمات الحكومية تحديات مثل مقاومة التغيير ونقص الكوادر الماهرة. وينصح كيكي المنظمات بتعزيز ثقافة الابتكار واستثمار المزيد في التدريب والتطوير. ويشدد على أهمية إشراك الموظفين في تصميم وتنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي، مما يُعد أمراً بالغ الأهمية لضمان نجاح هذه المبادرات. ومن خلال كسر الحواجز بين الإدارات وتعزيز التعاون، يمكن التغلب على هذه التحديات.
تُظهر تجربة السعودية في تبني الذكاء الاصطناعي كيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تدعم التحول الرقمي وتحقيق الأهداف الوطنية. ومن خلال بناء الكفاءات المحلية وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، يمكن للمملكة أن تبني مستقبلاً رقمياً مستداماً. ويختتم كيكي حديثه بضرورة تمكين المنظمات والأفراد من خلال الذكاء الاصطناعي والتحليلات. ففي عالم يزداد اعتماده على البيانات، تُعد هذه الجهود خطوة مهمة نحو تحقيق «رؤية 2030» وبناء مجتمع أكثر ذكاءً ورفاهية.
aawsat.com