مصر: الدورات الرمضانية تكشف عن مواهب مدفونة

هدف عالمي على طريقة «رابونا»، وفرحة جنونية من اللاعبين والجماهير... مشهد جاء بعيداً عن أضواء المستطيلات الخضراء الشهيرة، وكاميرات القنوات الرياضية ومتابعيها، شهدته دورة رمضانية شعبية مصرية، ليصبح حديث جماهير الكرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الهدف «العالمي»، الذي جاء بأقدام لاعب مغمور يُدعى تهامي سعيد، سُجل بإحدى الدورات الرمضانية الكروية في قرية بمحافظة الشرقية (80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة)، ووثقته كاميرات الجوال، بعدما راوغ اللاعب لاعبين منافسين، ثم سدد الكرة بقدمه العكسية، من خلف قدمه الأخرى بمهارة متقنة، لتسكن الكرة الشباك.
تهامي سعيد لاعب المجد السكندري
— Hesham Omran22 (@HeshamOmran23) March 24, 2025
وبزغ نجم الدورات الرمضانية بوصفها منافسات كروية شعبية، واكتسبت جماهيرية كبيرة على مدى عقود؛ حيث تنظم في كثير من الأحياء والقرى المصرية خلال شهر رمضان، وخلال السنوات الماضية تطورت أجواء هذه الدورات من اللعب بالكرة «الشراب»، ليضاهي تنظيمها البطولات الكبرى؛ حيث لجأ منظموها إلى الاستعانة بطواقم تحكيم رسمية، إلى جانب إدخال التقنيات الحديثة من بث مباشر للمباريات، وصولاً إلى استعانة بعضها بتقنية الفيديو (فار).
وعلى مدار سنوات، أفرزت هذه الدورات عدداً من أشهر نجوم الكرة المصرية السابقين، الذين التقطتهم الأندية الجماهيرية، لتبدأ رحلتهم من مواهب «مدفونة»، حتى أصبحوا نجوماً لامعين، من بينهم أحمد الكاس، ورضا عبد العال، وسعيد الشيشيني، وفاروق جعفر، وناصر محمد علي، ووليد صلاح الدين، وحمادة عبد اللطيف، وحمدي نوح.
وخلال الساعات الماضية لفت هدف «رابونا» أنظار رواد «السوشيال ميديا» على نطاق واسع، كما تداول روادها أجمل أهداف الدورات الرمضانية.
وسحبت هذه الأهداف البساط من المنافسات الرسمية في مصر، وقارن عدد من الرواد بين مستوى أصحابها، ولاعبي القطبين؛ الأهلي والزمالك.
اتفضل ياعم، والعيال بتوع الاهلي مش عارفين يباصوا لبعض. https://t.co/5vIypRApJS
— ahmedbahieg (@ahmedbahieg) March 24, 2025
وحفَّز هدف الـ«رابونا» البعض للبحث عن سيرة محرزه تهامي سعيد، وتداولها، لافتين إلى أنه لعب لقطاع الناشئين بالنادي الإسماعيلي، ثم وقع عقداً مع الزمالك، لكن لم يتم استكمال قيده، لينضم لنادي البنك الأهلي، ومن بعده لاعب نادي المجد السكندري، أحد أندية القسم الثاني.
الولد ده اسمه تهامي الشافعي من الشرقيه ، أكاد أجزم أن مفيش ولا لاعب في مصر يعمل كوره او يجيب جون زي ده الا لو كان حد تاني فى دوره رمضانيه ، وسلملي ع اللي بيدفعوا للميتين ١٠٠ مليون في السنه و اخونا الاسطوره والمكهرب والحراق pic.twitter.com/qLnqqMLAxA
— Ah med (@Ahmed3703E) March 24, 2025
وعدَّ رئيس الاتحاد العربي للثقافة الرياضية الناقد أشرف محمود، الدورات الرمضانية في مصر «كنزاً مدفوناً للمواهب الكروية؛ حيث تحتضن لاعبين يمتلكون قدرات فنية عالية، لكنهم لم يحصلوا على فرصتهم الكاملة في الأندية الكبرى».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أسباب كثيرة لظهور هذه المواهب في الدورات الرمضانية، منها أن بعض اللاعبين يلعب للمتعة فقط، دون طموح احترافي، وكذلك عدم حصول البعض على فرصة الانضمام إلى الأندية لظروف مختلفة، إلى جانب الظروف الاقتصادية، إذ يفضل بعضهم العمل الذي يضمن لهم دخلاً ثابتاً، على حساب احتراف كرة القدم».
وأشار الناقد الرياضي إلى أن غياب «الكشّافين» عن الدورات الرمضانية يعد مشكلة، حيث يتم إهدار عدد من المواهب بسبب «المحسوبية والمجاملات في الأندية»، وفق قوله. مؤكداً أن «هناك عدداً من المواهب تستحق فرصة الظهور في الأندية الكبرى، مثل صاحب هدف الـ(رابونا)، لكنها لم تحصل على هذه الفرصة بسبب عدم التوفيق أو غياب العين الخبيرة».
ووصف متابعون على «السوشيال ميديا» موهبة لاعبي الدورات الرمضانية بـ«الخيال»، وأن أقل موهبة بها يمكن أن تحرز أهدافاً عالمية.
تخيل ده هدف ف دوره رمضانيه امبارح ♥️ وزيزو قال عايز 80 مليون ف السنه .. لاعبيه الدورات الرمضانيه ف منتهي الخيال والله ♥️ pic.twitter.com/eKkYk8MoJX
— Doma (@Doma532) March 24, 2025
في حين طالب قطاع آخر بأهمية متابعة هذه الدورات من جانب مسؤولي الأندية، التي يمكنها أن ترفد قطاعات الناشئين بها بالموهوبين، وأن تكون بديلاً للأكاديميات الكروية الرسمية التي تتبع الأندية ومراكز الشباب.
بدوره، قال الناقد الرياضي المصري، أيمن هريدي، لـ«الشرق الأوسط»: «الهدف الذي تم تسجيله خلال إحدى الدورات الرمضانية ولقي اهتماماً كبيراً، بعدما أحرز الهدف بطريقة الـ(رابونا)، وجَّه الأنظار مرة أخرى إلى الدورات الرمضانية التي تقام بهدف التسلية فقط، وسلَّط الضوء على مواهب دفينة كثيرة تلعب كرة قدم بمستوى عالٍ، وحال منحها الفرصة قد تتوهج وتنافس وتصنع الفارق».
وتابع: «إذا اهتمت الأندية بمتابعة المشاركين في الدورات الرمضانية فيمكنها أن تكتشف مواهب كثيرة، وتمنحهم الفرصة للانخراط في قطاعات الناشئين لإثبات وجودهم، وخوض التدريبات بشكل احترافي وأكثر تنظيماً».
روبرتو كارلوس المصري في دورة رمضانية pic.twitter.com/1xqtWyBT6G
— Hashem هشام عيد Eid (@Eidhashem7) March 19, 2025
وحول ما أثاره البعض أن تكون هذه الدورات الرمضانية بديلاً للأكاديميات الكروية، يستبعد هريدي ذلك لأسباب؛ أولها أن مدة إقامة الدورات قصيرة، ودون إعداد بدني أو فني، كما أن معظم الفرق المشاركة تكون بلا مدرب أو توجيه فني، وتعتمد على الخبرة فقط، بعكس الأكاديميات التي يتم تدريب الناشئين فيها على أسس علمية، وتحت إشراف فني وبدني وطبي، فضلاً عن عمل تدريبات ومباريات بشكل مستمر.
aawsat.com