العمالة الإندونيسية تدفع ثمنا باهظا للتوسع فى إنتاج النيكل باستثمارات صينية
هز انفجار ضخم في 25 أكتوبر الماضي أرجاء "مجمع موروالي للمعادن" الواقع في منطقة نائية شرقي إندونيسيا، والذي أصبح مركزاً لإنتاج النيكل، ذلك المعدن الحيوي لصناعة الحديد والصلب وبطاريات السيارات الكهربائية.
وأمسكت صحيفة "فاينانشيال تايمز" بتفاصيل هذا الانفجار لفتح قضية تصنيع النيكل في البلاد وتداعياتها وأبعادها خصوصا على سلامة العمالة الإندونيسية، مشيرة إلى أن الحادث وقع في مصنع للصلب مملوك لإحدى شركات "مجموعة تسينجشان القابضة" الصينية العملاقة المتخصصة في تصنيع المعادن.
ويضم مجمع "إميب" حوالي 50 وحدة تشغيل، معظمها تابعة لـ"مجموعة تسينجشان"، من بينها مصانع لإنتاج النيكل ومنتجات الحديد الاستينليس، إضافة إلى مصانع تعمل بطاقة الفحم.
وتشير الصحيفة البريطانية في تقرير نشرته اليوم ، إلى أنه منذ فرض إندونيسيا حظرها على تصدير النيكل ودخوله حيز التنفيذ في 2020، أرغمت الشركات على إقامة العديد من المنشآت والمصانع لتشغيل الخام في داخل البلاد، ما قاد إلى اتساع سريع وواسع النطاق لصناعة النيكل في إندونيسيا لكي تصبح منتجاً مهيمناً على المعدن.
ونقلت "فاينانشيال تايمز" انطباعات العاملين في قطاع استخراج وتصنيع النيكل في إندونيسيا، إذ قالوا في مقابلات خاصة معها إن النجاح الذي تحقق جاء كان له كلفة باهظة، فما يقرب من 25 عاملاً لقوا حتفهم في تسع شركات تابعة لـ"مجمع موروالي الإندونيسي الصناعي" (إميب)، وادعوا أن أسباب الوفاة تعود إلى الافتقار للأمن الصناعي، ونقص معدات الحماية، وضعف التواصل بين العمال الإندونيسيين ونظرائهم الصينيين، ما يتسبب في إشاعة أوضاع عمل غير آمنة وتكرار للحوادث في مواقع العمل.
وأحجمت وزارة القوى العاملة الإندونيسية عن الرد لاستفسارات وجهتها صحيفة "فاينانشيال تايمز" حول بيانات الحوادث التي جرت في مجمع "إميب" وغيره من مرافق استخراج النيكل وتصنيعه.
وجذبت مسألة أوضاع العاملين في قطاع النيكل في إندونيسيا، اهتمام دوائر رسمية أمريكية. ففي سبتمبر الماضي، أدرجت وزارة العمل الأمريكية النيكل الإندونيسي إلى قائمة البضائع التي يجري إنتاجها في بيئة عمل قسرية، واستشهدت بتقاريرأصدرتها أطراف ثالثة حول سوء معاملة العاملين الصينيين المهاجرين، ووجود مؤشرات على انتهاكات وسوء معاملة وأجواء عمل قسري، وفق تعريفات "منظمة العمل الدولية"، التابعة للأمم المتحدة.
واتهمت الحكومة الأمريكية نظيرتها الإندونيسية بانتهاك معايير وتدابير العمل، وإهمالها لتوفير معايير الأمان الصناعي، وذلك في أعقاب حادث انفجار مصنع "أي تي إس إس".
وطرأ تحول على اقتصاد مقاطعة موروالي في جزيرة سولاويزي، التي تحتضن مجمع "إيميب" الصناعي بسبب التوسع في إنتاج النيكل، ما قاد إلى إنشاء العشرات من التجمعات السكانية لاستقبال العمالة المهاجرة، التي تحصل على 3.8 مليون روبية شهرياً (بما يعادل 240 دولاراً أمريكياً) كأجر أساسي.
غير أن هناك مخاطر كثيرة تحيط بالعاملين نظراً لافتقارهم لمعدات السلامة اللازمة فضلاً عن عدم حصولهم على راحات من العمل.
وقال عضو في الفريق الطبي بأحد العيادات في مجمع "إميب"، لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن هناك إصابات تراوح بين طفيفة وحرجة "تحدث في الغالب بصفة يومية". كما أن التركيز على عناصر الصحة ومعايير الأمان ليست كافية، فيما يقول بعض العاملين في "مجموعة ريزان" لإنتاج الفحم، داخل مجمع "إميب"، إن أفراداً من طواقم العمل يخفون إصاباتهم ووقوع حوادث لهم خشية تعرضهم للجزاءات بخصم رواتب أو خطابات إنذار.
وتشير أوضاع العمل في مواقع إنتاج النيكل في إندونيسيا إلى الافتقار الواضح للتواصل بين العمالة الصينية، التي عادة ما تمسك بالمناصب الإشرافية، مما يتسبب في وقوع حوادث.
من جانبه، قال المتحدث باسم مجمع "إميب"، ديدي كورناياوان، إن المجمع الصناعي يلتزم بكافة القوانين واللوائح الإندونيسية وبذل الكثير من الجهود لتقليص الحوادث.
وأكد أن أوضاع العمالة في المجمع "تختلف تماماً" عما صورته وزارة العمل الأمريكية.
وقد رفضت كل من مجموعة "تسينجشان الصينية القابضة"، ووزارة العمل الإندونيسية، ووزارة الاستثمار والسلاسل الإنتاجية، وشركة إترنال تسينجشان، المشرفة على مصنع "آي تي إس إس"، و"شركة روبو لسبائك النيكل والكروم" الإندونيسية"، الرد على تساؤلات الصحيفة البريطانية وتجنبوا التعليق على ما ورد من بيانات.
youm7.com