الجارديان: زعيم التحالف المسيحى المحافظ يستخدم لهجة ملحة فى الدعوة للاستقلال الأوروبى عن أمريكا

قالت صحيفة (ذا جارديان) البريطانية إن زعيم التحالف المسيحي المُحافظ فريدريش ميرتس، احتفل بانتصار تحالفه في الانتخابات الألمانية، بحث أوروبا على جعل نفسها أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي سيلقى صدى لدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولكنه قد يتوقف على ما إذا كان ميرتس قادرًا على بناء أغلبية في البوندستاج لرفع ما يسمى بكوابح الديون التي تُبطئ الزيادات في الإنفاق الدفاعي.
ومن بين الاحتمالات المتاحة لزعيم تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الذي من المقرر أن يصبح المُستشار المقبل لألمانيا، أن يزعم أن البلاد في حالة طوارئ، في محاولة لفرض التغيير من خلال البوندستاج قبل حله.
وتُظهِر تصريحات ميرتس، وهو من أنصار الأورو-أطلسية طيلة حياته، مدى السرعة التي يتوصل بها الزعماء الأوروبيون إلى استنتاج مفاده أن رئاسة دونالد ترامب تتطلب من القارة أن تصبح أكثر مسؤولية عن أمنها.
وقالت الصحيفة إنه صحيح أن أنجيلا ميركل، المستشارة السابقة (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، تكهنت في عام 2017 بوجود فجوة متزايدة بين الولايات المتحدة وأوروبا بعد قمة مجموعة السبع المرهقة خلال ولاية ترامب الأولى، لكن ميرتس ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث أخبر الجمهور عبر التلفزيون مساء أمس عن محادثاته مع الزعماء الأوروبيين من أجل تعزيز أوروبا في أسرع وقت ممكن، حتى يحقق الأوروبيون الاستقلال عن الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن ميرتس قوله في التصريح التليفزيوني "بعد تصريحات دونالد ترامب الأسبوع الماضي، من الواضح أن الأمريكيين، والأمريكيين في هذه الإدارة، لا يهتمون كثيرًا بمصير أوروبا".
وقالت الجارديان إن ميرتس استخدم نبرة ملحة عندما قال: "إنه غير متأكد مما إذا كان الزعماء المجتمعون في قمة حلف شمال الأطلسي في يونيو سيظلون يتحدثون عن الحلف في شكله الحالي أو ما إذا كان علينا أن ننشئ قدرة دفاعية أوروبية مستقلة بسرعة أكبر".
وأضافت أنه ليس من المُستغرب، بالنظر إلى وجهات نظر ماكرون الراسخة بشأن الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي، أن يسارع الرئيس الفرنسي إلى الحديث عن احتمال أن يصبح المحرك الفرنسي الألماني، الذي توقف في ظل النهج الحذر للمستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس، فجأة قادرًا على الإصلاح.
وقال ماكرون أثناء توجهه إلى واشنطن للقاء ترامب الاثنين: "نحن نشهد لحظة تاريخية. ويمكن أن تؤدي إلى اتفاق فرنسي ألماني غير مسبوق".
وأوضحت الصحيفة أن ميرتس وماكرون، وكلاهما من المغامرين بطبيعتهما، يرغبان في اختبار إلى أين يمكن أن تقود الشراكة النشطة.
ورأت الصحيفة أن ميرتس وماكرون يحتاجان أيضا إلى التقييم المشترك حول ما إذا كانت المملكة المتحدة، وهي شريك طبيعي لواشنطن، بدأت في استنتاج أن أمنها يكمن في أوروبا، وإذا كان الأمر كذلك، ما إذا كان يتعين إزالة بعض الخطوط الحمراء لحكومة ستارمر بشأن السوق الموحدة من أجل تحفيز التعاون الدفاعي الأوروبي الأوسع.
وقالت الصحيفة إن ميرتس ألمح قبل الانتخابات، إلى تطرفه عندما قال: "نحن بحاجة إلى إجراء مناقشات مع كل من البريطانيين والفرنسيين -القوتين النوويتين الأوروبيتين- حول ما إذا كان التقاسم النووي، أو على الأقل الأمن النووي من المملكة المتحدة وفرنسا، يمكن أن ينطبق علينا أيضا".
ورأت الصحيفة أن ميرتس سيحتاج أيضا إلى اتخاذ قرارات بشأن توريد صواريخ توروس إلى أوكرانيا، وما إذا كانت الروابط الدفاعية الأوروبية المشتركة فكرة تستحق المتابعة. وقالت الصحيفة إن القيود المفروضة على تمويل الدفاع في الاتحاد الأوروبي ستناقش في قمة خاصة للاتحاد الأوروبي في السادس من مارس.
كما رأت الصحيفة أنه على المدى القريب، من غير المتوقع أن توفر ألمانيا قوات للمشاركة في قوة طمأنة أوروبية مُقترحة في أوكرانيا. وقد رفض شولتس، الذي أصبح الآن خارج الصورة، الفكرة بغضب باعتبارها سابقة لأوانها الأسبوع الماضي، ولكن باريس ولندن تعملان على مقترحات مشتركة لنشر قوات على الأرض، بعيدا عن خط المواجهة، في سياق وقف لإطلاق النار.
وتعتقد فرنسا أن ليتوانيا وفنلندا وإستونيا من المرجح أن تنضم إلى هذه المهمة، ولكن هناك جهود تُبذل أيضًا لإقناع السويد وهولندا. وتعتقد فرنسا والمملكة المتحدة أن هذه القوة ستتطلب "دعمًا" أمريكيًا، وخاصة فيما يتعلق بالنقل والاستخبارات والغطاء الجوي. وحتى الآن، تصر إدارة ترامب على أنها لن تلعب دور الدعم.
وعلى الصعيد المحلي، سيتعين على ميرتس أن يرى ما إذا كانت هناك أغلبية الثلثين في البوندستاج لرفع كوابح الديون، وهي قاعدة مكرسة دستوريًا تحد من العجز الهيكلي في الميزانية الألمانية إلى 0.35٪ من الناتج الوطني.
وتنطبق نفس القاعدة على إنشاء صندوق خاص خارج الميزانية العمومية مثل الصندوق البالغ 100 مليار يورو (83 مليار جنيه إسترليني) الذي أعلن عنه شولتس في عام 2022 لتمويل إصلاح القوات المسلحة الألمانية.
ومن المحتمل أن يصوت حزب شولتس الديمقراطي الاجتماعي لإنهاء الكوابح، كما سيفعل حزب اليسار، إذا تم ربطها بالبنية التحتية بدلاً من الإنفاق الدفاعي.
وقالت الصحيفة إن ميرتس قد يزعم أنه لا يحتاج إلى رفع الكوابح لأنه قادر على خلق الحيز المالي من خلال خفض الرعاية الاجتماعية، أما حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي جاء في المركز الثاني في انتخابات أمس بنحو 21% من الأصوات، فهو يعارض تسليح أوكرانيا أو تعديل الكوابح، وهي واحدة من القضايا التي أدت إلى الانهيار المبكر للائتلاف السابق.
youm7.com