فى مشهد لم يحدث.. عمر الشريف وجها لوجه مع جيل الدراما الجديد

في زمن متخيل لا يخضع لقواعد الواقع، وقف النجم العالمي عمر الشريف، الوجه الذي حمل ملامح الشرق إلى العالم، يواجه جيلًا جديدًا من نجوم الفن المصري.، كانت لحظة عابرة للزمن، كأنما انحنت السنوات كي تسمح للخبرة أن تلتقي بالحلم، وللماضي أن ينظر بعين الفخر إلى المستقبل، لم يكن هناك ديكور ولا كاميرا، فقط طاقة حقيقية أحاطت بها رهبة اللحظة.
عمر الشريف وأحمد مالك
وقف الشريف بشموخ من اعتاد الوقوف أمام الكبار، من ديفيد لين إلى فاتن حمامة. لم يتكلم أولًا، بل راقب، عيونه حملت تساؤلات خفية، وتقديرًا صامتًا لمن اختاروا أن يخوضوا معركة الفن في زمن الصورة السريعة والتعليقات القصيرة، أمامه تقدّمت جيهان الشماشرجي، بطلت مسلسل "إخواتي"، بملامح هادئة وصوت يشبه النبض المنتظم. تأملها عمر قبل أن يقول، بصوته العميق الذي خفت لكنه لم يفقد أثره: "جمالك مصري جدًا.. أنتِ بتفكري كتير قبل كل مشهد.. ده حلو، بيدّي أداءك وزن، بس سيبي شوية مساحة للقلب... أوقات المشهد محتاج إحساس سابق للتفكير".
عمر الشريف وجيهان الشماشرجي
في الركن المقابل، بدا عصام عمر متوترًا قليلًا. هو نجم فيلم "سيكو سيكو"، صاحب الحضور الخفيف والروح السريعة، اقترب وكأنه طفل يقترب من أيقونة عاش معها دون أن يراها، رآه يقترب بروح طفل عاشق، فابتسم بعين الأب الذي يرى نفسه في الجيل الجديد، وقال له: "أنت شبهي شوية في شبابي، نفس الحماسة، نفس اللمعة في العين، بس طريقتك أسرع مني شبه جيلك، عمري ما دخلت دور إلا وأنا بسأل نفسي: أنا مين المرة دي؟.. خفّف السرعة يا عصام، اسمع أكتر، وفكر قبل ما تستقر على شخصية جديدة".
عمر الشريف وطه دسوقي
ثم جاء الدور على عصام السقا، نجم فهد البطل في رمضان 2025، لم يبدُ عليه التردد، بل وقف بثبات واضح، بدا في حضوره شيء من خشبة المسرح، من الوقوف في مواجهة جمهور حقيقي لا يعرف المونتاج. حدّق فيه عمر الشريف طويلًا، وقال بنبرة ناصحة: "فيك نَفَس ممثل المسرح... ودي كانت بدايتي في فيكتوريا كوليدج. بس خلي بالك، الكاميرا غير الجمهور... الشاشة عايزة منك تطور أدواتك طول الوقت، متوقفش، خليك دايمًا في حالة تمرين".
عمر الشريف وعبد الرحمن محمد
كان المشهد يزداد حميمية مع دخول طه دسوقي. بوجه يحمل طرافة تلقائية، حاول أن يكسر رهبة الموقف بنكتة سريعة. ضحك عمر، لكن ضحكته كانت مختلفة، محمّلة بخبرة سنوات طويلة من لعب أدوار الكوميديا دون أن يفقد الهيبة. قال له: "الضحك أصعب من البكاء يا طه... الناس تضحك لما تصدقك، مش لما تستنى الإفيه. حافظ على ده، بس أوعى تتحول لنُكتة تمشي على رجلين. أنا في 'إشاعة حب' عملت دور كوميدي، وما قلتش جملة واحدة مقصود بيها الضحك.. كانت المواقف اللي بتضحك، مش الكلمات، اسلوبك في الضحك نضيف، حافظ عليه، هتكسب عمر فوق عمرك الفني".
عمر الشريف وأحمد عصام السيد
ثم جاء أحمد عصام السيد، الذي بدا أكثر توازنًا في حضوره. بحكم تجربته مع دنيا سمير غانم في مسلسل "عايشة الدور"، تكلم عنها بوعي واضح. استمع له عمر بإنصات، ثم قال: "الذكاء واضح في اختياراتك... وده شيء يحترم. بس خليك دايمًا صادق قبل ما تكون ذكي، لأن الجمهور ممكن يعجب بذكائك، بس ما يفتكرش دورك إلا لو صدّقه".
من بعيد، جاء عبد الرحمن محمد، نجم مسلسل "النُص"، شاب لا يحمل ملامح النجم الكلاسيكي، لكن صوته له طابع لا يُنسى، فيه ضحكة داخليّة لا تَغيب، راقبه الشريف ثم قال: "صوتك فيه ضحك جميل... حتى لما ما بتتكلمش، حافظ على النغمة دي، بس متبقاش كاراكاتر، في ناس تحب تحصر الفنان في لون معين علشان يريحهم... ارفض ده يا عبد الرحمن، لازم تحتفظ بحريتك، ولو على حساب بعض الفرص".
عمر الشريف وعصام السقا
أخيرًا، اقتربت ياسمينا العبد. ابتسامتها كانت واثقة، لكن عينيها كان فيهما بريق أحلام لم تخفت بعد، نظر إليها عمر بعين مختلفة، ربما رأى فيها شيئًا من شباب فاتن، أو من بنات جيله اللاتي حلمن دون حساب. قال لها: "أنتِ من جيل بيحلم من غير خوف... وده أجمل ما فيكم، حافظي على ده، لأن أول عدو للفن هو الخوف، أول ما تخافي، هتقدمي للناس شخصيات مش حقيقية". وعندما أخبرته بدورها في مسلسل "لام شمسية"، انبهر بالجرأة، بالاختيار، وبالصدق في التقديم، ثم قال لها: "أنتم جيل محظوظ... الزمن بيقدم لكم فرص حقيقية أهم من الشهرة، الفرصة اللي بتختبرك كممثلة".
عمر الشريف وياسمينا العبد
مرّ الوقت كأنه مشهد طويل بلقطة واحدة، لا قطع فيه ولا تصنّع. ثم، بصمت مفاجئ، نظر عمر الشريف إلى الجميع، تنقّل ببصره ما بين الوجوه التي تمثل حاضر الشاشة، وأرواح تبحث عن ذاتها وسط الزحام، تمتم بكلمات خافتة، لكنها حملت حنينًا حقيقيًا: "لو الزمن جمعنا فعلًا.. كنتوا هتخلّوني أرجع أُمثل تاني يا ولاد".
عمر الشريف وعصام عمر
ثم تلاشى كل شيء كما بدأ، لا صوت إلا أصداء النصائح، ولا ظلّ إلا لرجل مصري وقف مرات في مهرجانات العالم يحمل الروح المصرية كأنها وسام، ومضى منذ عشر سنوات ليبقى أثره في كل ممثل يبحث عن نفسه في كل مشهد.
عمر الشريف وأحمد غزي
youm7.com