خبر ⁄منوعات

معلومات الوزراء: التوترات الجيوسياسية ستضغط على البنوك المركزية بالعالم

معلومات الوزراء: التوترات الجيوسياسية ستضغط على البنوك المركزية بالعالم

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً سلط من خلاله الضوء على تداعيات التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران، وحالة عدم اليقين بشأن نطاق وحدة وأمد هذا التصعيد، على الأسواق العالمية، مشيراً إلى الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط على الصعيد العالمي، حيث تشكل هذه المنطقة مركزًا استراتيجيًا يؤثر بشكل مباشر في استقرار الاقتصاد العالمي وأمنه السياسي، باعتباره يضم أكبر احتياطات النفط والغاز في العالم، وتعد دول مثل "السعودية وإيران والعراق والإمارات والكويت" من أبرز المنتجين والمصدرين للطاقة.

كذلك يُنقل عبر مضيق هرمز وحده نحو ثلث كميات النفط المنقولة بحرًا عالميًا، فيما تُعد قطر من أكبر مزودي العالم بالغاز الطبيعي المسال، ما يجعل المنطقة عنصرًا حاسمًا في تلبية الطلب العالمي على الطاقة، إلى جانب ذلك تضم المنطقة ثلاثة من أبرز الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم وهم، مضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي بالمحيط الهندي، ومضيق باب المندب الذي يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، وقناة السويس التي تربط الأحمر بالبحر المتوسط، وتعد هذه الممرات شريانًا حيويًا لحركة التجارة العالمية ونقل الطاقة، إذ تمثل مسارات رئيسة لمرور البضائع والنفط والغاز بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.

وقد سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الضوء على التداعيات المحتملة للتصعيد الإسرائيلي الإيراني في 6 قطاعات هي: الطاقة، والسياحة والطيران، والتجارة العالمية، والذهب، والأسواق المالية، والقطاع المصرفي.

أولًا: قطاع الطاقة

حمل التصعيد الإسرائيلي الإيراني تداعيات بالغة الخطورة على القطاع سواء من حيث أسعار النفط والغاز، أو من ناحية استقرار الإمدادات العالمية، ففي أعقاب الضربات الإسرائيلية على مواقع عسكرية ونووية إيرانية ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة تصل إلى 13% لتتجاوز 75 دولارًا للبرميل فيما ارتفعت أسعار الخام الأمريكي بنسبة 8% إلى 74 دولارًا، وقد جاءت هذه القفزة الكبيرة نتيجة تصاعد التوترات والمخاوف من تحول المواجهة إلى صراع إقليمي واسع وليس بسبب تضرر فعلي للبنية التحتية النفطية حتى الآن، ورغم عدم تسجيل خسائر مباشرة في الإمدادات فإن الأسواق في حالة ترقب لاحتمال فقدان صادرات النفط الإيرانية البالغة 1.7 مليون برميل يوميًا والتي تمثل نسبة مؤثرة في السوق، ويُقدر أن خسارة جزئية تقدر بنحو 600 ألف برميل يوميًا نتيجة تشديد العقوبات قد تؤدي إلى ارتفاع محدود في الأسعار يتراوح بين 5 و10 دولارات للبرميل.

وقد ترتفع الأسعار تدريجيًا إلى حدود 90 دولارًا وقد تتجاوز 120 دولارًا مع استهداف منشآت النفط أو موانئ التصدير الإيرانية الكبرى وتعطلها، بحسب تقديرات بنك "جي بي مورغان"، ومن ناحية أخرى يمثل مضيق هرمز أحد أبرز بؤر القلق في السوق إذ تمر عبره 30% من صادرات النفط المنقولة بحرًا عالميًا، و20% من الغاز الطبيعي المسال، وقد تزايدت المخاوف من احتمال إغلاق مضيق هرمز في حال اتسع الصراع وهو سيناريو يعد بالغ الخطورة رغم صعوبة تنفيذه عمليًا، وتُظهر التجربة التاريخية أن حتى تهديد الإغلاق للمضيق كان كفيل بإحداث اضطراب واسع في الأسواق وارتفاع كبير في الأسعار.

كما أن استمرار التصعيد أو تحويله إلى مواجهة إقليمية مفتوحة من شأنه أن يؤدي إلى تزايد المخاطر التي قد تتعرض لها ناقلات النفط في مضيق هرمز وباب المندب مما قد يرفع كلفة الشحن والتأمين ويُريك حركة التجارة، وفي حال تطور الأزمة وامتدت تداعياتها الجغرافية فقد تصل أسعار النفط إلى مستويات تتراوح بين 100 و150 دولارًا للبرميل خاصًة إذا تعطلت الملاحة أو طالت الهجمات منشآت إنتاج رئيسة.

وبناءً على ذلك، يتضح أن قطاع الطاقة العالمي يعد من أكثر القطاعات عرضة للاضطراب نتيجة تصاعد الصراع الإسرائيلي الإيراني سواء عبر التأثير على الإمدادات أو من خلال تداعيات السوق وردود الفعل الجيوسياسية المحيطة مما يجعل مستقبل استقرار أسواق الطاقة العالمية رهينًا بمسار التصعيد في المنطقة.

ثانيًا: قطاع السياحة والطيران

شكل الهجوم الإسرائيلي الواسع النطاق على إيران ضربة مزدوجة لصناعة الطيران العالمية إذ أدى إلى اضطرابات فورية في مسارات الرحلات الجوية بسبب المخاوف الأمنية بالتزامن مع قفزة مفاجئة في أسعار الوقود وبات على شركات الطيران تعديل مساراتها لتفادي الأجواء الخطرة فوق إيران والعراق ودول الخليج، وهو ما يُفضي إلى زيادات في وقت الرحلة وتكاليف التشغيل، وتعد هذه الأزمة بمثابة اختبار جديد لشركات النقل الجوي التي لم تتعاف بعد بالكامل من آثار جائحة "كوفيد-19".

وبالفعل أُجبرت العديد من شركات الطيران بما في ذلك الخطوط السنغافورية والتركية على تغيير مسارات رحلاتها أو تعليقها مؤقتًا، لا سيما تلك المتجهة إلى أوروبا أو القادمة منها، وهذا التحول في مسار الرحلات يعني أن الرحلات أصبحت أطول زمنيًا وتستهلك وقودًا أكثر وتتكبد نفقات إضافية في الأجور ورسوم التحليق، وقد شمل إغلاق المجال الجوي مناطق شاسعة امتدت من إيران إلى العراق وسوريا ما أثر على كثافة الحركة الجوية في واحد من أكثر الممرات ازدحامًا في العالم.

بالإضافة إلى ذلك، شكلت الزيادة المفاجئة في أسعار النفط عبئًا مباشرًا على ميزانيات شركات الطيران حيث تتوقع جهات استشارية أن ترتفع أسعار تذاكر الطيران بنسبة تتراوح بين 7% و15% على بعض الخطوط طويلة المدى، في حال استمر ارتفاع أسعار النفط وتواصلت عمليات تغيير المسارات، وصرحت شركات أن هذه الضغوط تجعل من الصعب الحفاظ على هوامش ربح مستقرة دون رفع الأسعار على المستهلكين.

تأتي هذه التحديات في وقت لا تزال فيه شركات الطيران تحاول ترميم أوضاعها المالية وسط ارتفاع تكاليف الصيانة وأجور الطواقم ورسوم التأمين، كما عبرت شركات عن قلقها من عودة سيناريوهات عام 2019 حيث تسببت التوترات الإقليمية في تحويل رحلات بعشرات آلاف الكيلومترات سنويًا، مما أضاف عبئًا بيئيًا واقتصاديًا كبيرًا، وأشارت بعض التقارير إلى أن شركات الطيران قد تضطر إلى تقليل عدد الرحلات أو تعديل جدولتها بما يتناسب مع الوضع الأمني الجديد.

على الجانب الآخر استفادت بعض الدول مثل مصر والسعودية من تحول حركة الطيران نحو أجوائها الآمنة مما أدى إلى زيادة العائدات من رسوم التحليق وارتفاع في الطلب على الممرات الجوية البديلة، غير أن هذه الفوائد تصاحبها تحديات تشغيلية مثل الضغط على أنظمة إدارة الملاحة الجوية وضرورة رفع كفاءة البنية التحتية خاصًة في حال استمرار الأزمة لفترة طويلة، وبشكل عام فقد أسفر التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران عن اضطرابات كبيرة في المجال الجوي الإقليمي حيث أغلقت إسرائيل مطار بن غوريون في تل أبيب بشكل كامل كإجراء احترازي تحسبًا لهجمات إيرانية فيما أوقفت إيران جميع الرحلات الجوية المدنية وأغلقت مجالها الجوي جزئيًا.

كما أغلقت العراق مطاراته مؤقتًا وأوقفت العمليات الجوية وامتد التأثير إلى شركات الطيران العالمية التي اضطرت إلى إلغاء أو إعادة توجيه الرحلات حيث ألغت شركة "الاتحاد للطيران" رحلاتها من وإلى تل أبيب، بينما حولت شركات أخرى مثل "طيران الإمارات" و"لوفتهانزا" و"طيران الهند" مساراتها إلى وجهات بديلة مثل إسطنبول والشارقة مما زاد من الضغط على الممرات الجوية البديلة ورفع تكاليف التشغيل بشكل عام، وتشير التقديرات إلى أن الآثار بعيدة المدى للنزاع بين إسرائيل وإيران ستنعكس على قطاع السياحة العالمي لعدة أشهر قادمة، فمن المرجح أن تؤدي الاضطرابات في حركة الطيران إلى ارتفاع أسعار التذاكر الجوية مما قد يُثني السائحين الدوليين عن زيارة المناطق التي تعتمد على الرحلات منخفضة التكلفة، بالإضافة إلى أن القيود المتزايدة على المجال الجوي ستجبر شركات الطيران على تعديل مسارات رحلاتها نحو طرق أطول وأكثر تكلفة ما يرفع التكاليف التشغيلية التي ستُحمل في نهاية المطاف على المستهلكين، وقد تتأثر السياحة إلى وجهات مثل إسرائيل وإيران والمنطقة الأوسع في الشرق الأوسط بسبب المخاوف الأمنية وارتفاع التكاليف، ومع استمرار تطورات النزاع قد يختار المسافرون تأجيل أو إعادة النظر في خطط السفر إلى تلك المناطق مما يؤدي إلى انخفاض في حجوزات شركات الطيران ومقدمي خدمات السياحة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تشهد الوجهات القريبة جغرافيًا من مناطق الصراع مثل تركيا واليونان تراجعًا في أعداد الزوار نتيجة القلق بشأن سلامة الطيران وعدم الاستقرار الإقليمي الذي يؤثر على قرارات السياح، ومن ناحية أخرى قد تشهد بعض الوجهات الأخرى زيادة في الطلب السياحي إذ يعيد المسافرون توجيه خططهم لتجنب الشرق الأوسط.

إن الضربات الصاروخية المتبادلة بين إسرائيل وإيران تسببت في اضطرابات ملحوظة في حركة الطيران العالمية لم تقتصر على شركات الطيران العاملة في الشرق الأوسط بل امتدت آثارها إلى أوروبا وآسيا ومناطق أخرى، وقد بدأت تأثيرات إغلاق الأجواء وتغيير المسارات وارتفاع التكاليف تنعكس بالفعل على المسافرين وشركات الطيران ومع استمرار تطور الأوضاع ستحتاج صناعة السفر العالمية إلى الحفاظ على قدرتها على التكيف مع المشهد المتغير في ظل التحديات التشغيلية المتزايدة من جهة وارتفاع التكاليف واحتمالات التأخير من جهة أخرى، ومع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط ينبغي على المسافرين متابعة آخر التطورات والاستعداد لإجراء تعديلات محتملة على خططهم وعلى الرغم من أن الآثار طويلة الأمد على قطاع السياحة لا تزال غير مؤكدة إلا أن من الواضح أن التصعيد بين إسرائيل وإيران سيستمر في تشكيل مستقبل السفر الجوي العالمي سواء من ناحية الاقتصاديات المرتبطة به أو من حيث سلوك المسافرين الدوليين.

ثالثًا: التجارة العالمية

مع تصاعد التوترات تتزايد المخاوف العالمية بشأن استقرار التجارة الدولية خاصًة من حيث العمليات اللوجستية والبحرية وتكاليف الشحن وتدفق البضائع، وتؤدي هذه الأوضاع إلى اضطرابات محتملة قد تؤثر سلبًا في سلاسل التوريد العالمية لا سيما في قطاع الطاقة والنقل البحري، ومن بين أبرز التداعيات المحتملة للصراع الإيراني الإسرائيلي يأتي خطر اضطراب حركة النقل البحري الذي يشكل ما بين 80% و85% من حجم التجارة العالمية.

في ظل هذا التصعيد بدأت شركات التأمين تراقب عن كثب الأوضاع في مضيق هرمز وخليج عدن حيث رفعت قيادة القوات البحرية المشتركة مستوى التحذير إلى "خطير" فيما حثت السلطات البريطانية واليونانية السفن على تسجيل تحركاتها وتجنب المناطق عالية الخطورة.

وبحسب وكالة بلومبرج يعد مضيق هرمز ممرًا حيويًا لتجارة النفط العالمية، ففي عام 2024 تم نقل نحو 16.5 مليون برميل يوميًا من الخام والمكثفات بواسطة ناقلات النفط من دول الخليج عبر هذا المضيق، كما يعد المضيق مسارًا بالغ الأهمية للغاز الطبيعي المسال إذ تم عبره أكثر من خمس الإمدادات العالمية معظمها قادمة من قطر، وهذه الأرقام تسلط الضوء على هشاشة التجارة في ظل التوترات الأمنية فحتى دون إغلاق تام للمضيق قد تكفي حادثة واحدة -مثل انفجار لغم أو هجوم بطائرة مسيرة- لدفع شركات التأمين إلى تصنيفه منطقة مرتفعة الخطورة، ما قد يؤدي إلى تغيير مسار الناقلات إلى طرق أطول وأكثر تكلفة.

ورغم استمرار حركة الملاحة فإن أي تصعيد طفيف قد يدفع شركات التأمين إلى إعادة النظر في شروط تغطية السفن والبضائع أو حتى تعليق الاكتتاب لبعض الرحلات المتجهة إلى الخليج وتشير التقديرات إلى أن أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب التي كانت في السابق ضئيلة قد تتجاوز 0.5% من قيمة السفينة لكل رحلة وبالنسبة لناقلات النفط العملاقة (VLCC) قد تصل تكلفة الرحلة الواحدة إلى مئات الآلاف من الدولارات، وعلى صعيد الاضطرابات في الشحن واللوجستيات البحرية فقد بدأت شركات التأمين بالفعل في رفع أقساط التأمين على السفن التي تمر بالخليج كما يضغط المستأجرون لإضافة بنود تصعيدية في عقود الشحن.

وفي ضوء هذا التهديد تدرس شركات تشغيل السفن إعادة توجيه مساراتها وهو خيار مكلف يزيد من مدة الرحلة واستهلاك الوقود، فعلى سبيل المقال فإن الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح يضيف حوالي 6 آلاف ميل بحري وما يصل إلى 14 يومًا إضافيًا مما يرفع تكاليف الوقود والطاقم ويزيد من مخاطر ازدحام الموانئ والقنوات البديلة، ووفقًا لتقرير صادر عن (S&P Global Commodity Insights)، فإن تصاعد الصراع في المنطقة قد يؤدي إلى زيادة إضافية في أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب، رغم استقرار القسط الإضافي في الخليج منذ 18 شهرًا عند 0.05% - 0.07% أسبوعيًا من قيمة السفينة، فإن تصنيف المنطقة كمنطقة عالية الخطورة يدفع المستوردين في شمال آسيا إلى دفع ما يصل إلى 50 ألف دولار إضافية لكل رحلة وهي تكاليف تُحمل في النهاية إلى المستأجرين.

رابعًا: الذهب

شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا منذ اندلاع الضربات العسكرية الإسرائيلية على إيران واستمرار تبادل الهجمات بين الطرفين، وقد دفع التصعيد المتسارع في الصراع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الذهب كملاذ آمن في ظل تزايد المخاوف من اتساع رقعة النزاع وتداعياته الاقتصادية.

وفي يوم بداية الهجوم (13 يونيو 2025) ارتفع سعر أونصة الذهب بنسبة 1.3% ليصل إلى 3435.35 دولار مقارنًة بـ 3391.4 دولار في 12 يونيو، متجاوزًا بذلك أعلى مستوى سُجل منذ بداية العام والذي بلغ 3433.55 دولار للأونصة في 22 أبريل 2025، هذا، وقد أشارت منصة (FXEmpire) إلى ان تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران دفع المتداولين إلى تعزيز الطلب على الذهب مما دفع السعر الفوري نحو