رهف الاحساس - زاوية غناء

تحليل _ قصي بشير عباس
السَّاعَة تَجَاوَزَت مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ بتوقيت الْمَدِينَة الْمَحْظُورَة بِسَبَب الْجَائِحَةَ الَّتِي أَعَادَت لِلْمَدِينَة هُدُوّ لَيْلُهَا وَأَنَا اتلمس مؤشري الاثيري توقفته عَلِيّ مَحَطَّة تَبُثّ مُوسِيقِي عَلِيّ الخُماسِي تَعْتَمِد عَلِيّ حُنَيْن الْكُمَّان وترتكز فِي نَثَر نوتاتها عَلِيّ الايقعات والباص جيتار ، وَمَا بَيْنَ خَلْفِيَّة الْمُوسِيقِيّ وَأَدَاء الْمُغْنِي واللزمات والتحولات العحيبة ، تَكْتَمِل لَوْحَة (شجن)
مَع الْآلَات الْمُوسِيقِيّ الاخري لتمنحني لَوْحَة لحنية مُتَكَامِلَةٌ خَطِّي بازرعة كَلِمَاتِهَا لِعُثْمَان ، فَكَانَت شَجَن تَحْمِلُك إلَيّ الغيمات لتلامس رزازها وتعيدك للازاهر لتشتم عبيرها وتداعب قَطَرَات النّدِي فِي حَالَةِ دَهْشَة كَامِلَة .
لَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ مِنْ غَدَرَ اللَّيَالِي
أَخْشَى الْأَمَانِيّ تسيبو عِشْنَا يُبْقِي هَانِئ
مَرْحَلَة خَشْيَة وَخَوْف وَرَهْبَة مِنْ فِقْدَانِ ذَلِكَ الَّذِي يَسْتَوْطِن الزاكرة الْبَصَرِيَّة فِي لَحْظَةِ الِاسْتِمَاع ، لِيَجِيب عننا بازرعه
مَا حَصَلَ فَارَق عيونى
لَحْظَة أَو بَارَح خيالى . . .
متنقلاً بِنَا فِي تَفَاصِيل الْحَبِيب مابين خَشْيَةً مِنْ غَدَرَ اللَّيَالِي وَذَاكَرَه الْمَكَان ، وَقَبْلَ أَنْ يحين مَوْعِد الْتِفَاتِه مِنْك لِلْآخَرِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يعيدك بازرعة إلَيّ عُمْق الشَّجَن وَيَتَحَدَّث بِلِسَانِك ويجسد حَالَتِك الْآنِيَة وَيَغُوص بِك فِي عُمْقِ الشَّجَن متجولا فِي دَهَالِيز صورك الذهْنِيَّة لِتَرَدُّد وتَسْتَرْسِل مَع مُوسِيقِي وَصَوْت عُثْمَان حُسَيْن :
لِى مَتِينٌ يلازمك فِي
هَوَاك مَرّ الشَّجَن
وَيَطُول بايامك سَهِر
وَيَطُول عَذَابٌ
يَا قَلْبِى لوكانت
مَحَبَّتِه الثَّمَن
يَكْفِيك هُدِرَت عُمَر
حُرِّقْت عَلَيْه شَبَاب
وَيَقِف عَلِيّ تَفْصِيلٌ هَوِي الْمَحْبُوب بِكُلّ شَفّافِيَّة
لَكِن هَوَاه أَكْبَر
وَمَا كَانَ لَيَّة ثَمَن
وَالْحَسْرَة مَا بتنفع
وَمَا بجدى الْعِتَاب
وينصحك فِي وَسَطِ هَذَا الْإِبْدَاع النَّصِّيّ والموسيقي وَالصَّوْت المترف :
أَحْسَن تَخْلِيَة
لِى اللَّيَالِى وَالزَّمِن
يُمْكِن يُحَسّ ضَمِيرِه
وَيَهْدِيه لِى الصَّوَاب
وَفِي نُكْرَان لِلذَّات يَتَجَاوَز بِك الْأَنَا ويخشي عَلَيْهِ مِنْ غَدَرَ اللَّيَالِي ومشيب الْأَمَانِيّ وَوَهَن العش فِي نظارت الْحَبِيب :
لَكِنِّى أَخْشَى عَلَيْهِ
مِنْ غَدَرَ اللَّيَالِى
وَأَخْشَى الأَمَانِىّ تشيب
وعشّنا يَبْقَى خالى
وَهُو لُسِع فِي نُضَارُه
حَسَنَة فِى عُمَر الدوالى
مَا حَصَلَ فَارَق عيونى
لَحْظَة أَو بَارَح خيالى . . .
وَأَنْت لَم تبارح هَذَا الْإِيثَارُ فِي أَنَّ لَا يُصِيبُ الْمَحْبُوب مَا أَصَابَك يُعَمَّق فِيك الصَّوْت شَجَن وَرَجَاء مُخْتَلَفٌ بِطَلَب الْغُفْرَان لِلْمَحْبُوب وَهُوَ الَّذِي ظَلَمَك :
اغْفِرْ لَهُ يَا حنيِّن
وَجَاوَز لَو ظَلَم
مَا أَصْلُهَا الْأَيَّام مَظَالِم
وَالْعُمْر غَمْضَة ثَوَانِي . . .
مطالبك بِالصَّبْر فَمَا الْحَبّ إلَيّ صَبَر عَلِيّ ظَلَم الْحَبِيب حَتَّي تَعُود مَرَاكِب الشَّوْق لتدمل جروحك برفقة الْحَبِيب
وَاصْبِرْ عَلَى جُرْحِك
وَإِنْ طَالَ الْأَلَم
بِى جراحنا بِى أشواقنا
بنضوى الزَّمَن
أَنَا عَارِفَة بَكْرَة بيعود
فِى رَعْشَةٌ نَدِم
ننسى الحَصَل بيناتنا
وَالسَّهَر اللى كَان
تُصْبِح حَيَاتِنَا نَغَم
وَعِشْنَا يَبْتَسِم
وَتَعُود مَرَاكِب ريدنا
لِى بِر الْأَمَان . . . .
سَيَظَلّ عُثْمَان حُسَيْن صَاحِب أَجْمَل الْمَدَارِس اللحنية التصويرية الَّتِي ستخلد صَاحِبُهَا فِي وُجْدَان الشَّعْب السُّودَانِيّ ، وَكَذَلِك يَخْلُد بازرعة بحرفه البازخ حضوراً وجدانيا ضَخْم فِي ذاكرتنا السَّمْعِيَّة والبصرية تَخْتَلِف مَعَ اخْتِلَافِ اللَّحْن وَالْمَوْقِف ، وَتَظَل هِي خَالِدَة شَامِخَة رَغِم مُرُور سَنَوَاتٍ مِنَ الرَّحِيل ، نَظَلّ نَحْن نتنقل عَبَّرَهَا حُبّ وَشَوْقًا وشجنا ونورثه لاجيال قادِمَةٌ .
(اغفر له)