حرب الإظلام.. المسيرات تستهدف محطات الكهرباء بالسودان
عاين- 19 يناير 2025
حرب جديدة دخلت في نطاق القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان باستهداف المسيرات الانتحارية البنية التحتية لشبكة إمداد الكهرباء الواقعة شمال وشرق البلاد وخلال هذا الشهر قُصفت نحو أربع محطات تحويلية رئيسية تنقل الكهرباء إلى ست ولايات سودانية بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
وبرزت حرب المسيرات منذ أبريل 2024 عندما وقعت طائرة صغيرة بلا طيار في صالة احتفالات أثناء إفطار كتيبة مجموعة البراء بن مالك العسكرية المتحالفة مع الجيش السوداني.
ومع ضعف البنية التحتية لشبكة الكهرباء في السودان متأثرة بالحرب التي تدور بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فإن فاتورة صيانة المحطات التي تكون على مرمى المسيرات الحديثة قد تكون ضمن بنود الإنفاق الحكومي ما يعني تأثر هذا القطاع خلال المرحلة القادمة، وتواصل قطوعات الإمداد لفترات تمتد لأيام.
القادم أخطر
يرى الباحث في مجال الطاقة مأمون أحمد حسين، أن استهداف المسيرات للمحطات التحويلية الغرض منها شل الخدمات الأساسية في مناطق الحكومة وتأليب الرأي العام على الجيش. ويشير إلى أن قوات الدعم السريع تقف وراء إطلاق المسيرات مستهدفةً البنية التحتية بالولايات شرق وشمال البلاد.
ويقول حسين لـ(عاين): إن “البنية التحتية للكهرباء تعاني ضعفاً بائناً خلال الحرب وبالكاد الإنتاج يغطي الولايات الآمنة نسبيا شمال وشرق البلاد وخلال فصل الصيف متوقع أن تكون هناك أزمة كبيرة في الطاقة قد تصل إلى برمجة قطوعات تستغرق نصف اليوم في المدن والقرى المتصلة بالشبكة العامة”.
بينما قال شهود عيان من بلدة الشواك الواقعة على بعد 50 كيلو مترا شرق مدينة القضارف إنهم شاهدوا النيران مشتعلة قرب المحطة التحويلية الرئيسية التي تغذي ولايتي القضارف وكسلا بالكهرباء، وفي تمام الساعة 1 صباحا بالتوقيت المحلي السبت 18 يناير 2025 ما أدى إلى عزل ولايتي كسلا والقضارف عن الشبكة العامة.
وأضاف مأمون حسين: “تعتمد ولايتي كسلا والقضارف على الإمداد من خزان ستيت وأعالي نهر عطبرة؛ لأن الحرب عزلتهما عن شبكة سد مروي لذلك لا يمكن عودة الكهرباء إلى الولايتين قبل إصلاح الأضرار الساعات القادمة”.
تفاقم معاناة المواطنين
وفي سوق مدينة القضارف ارتفعت أصوات مولدات الديزل خاصة في سوق الطواحين والتوابل نتيجة انقطاع الكهرباء فيما وضع المواطنون الهواتف النقالة على المتاجر لشحنها بالطاقة مع تعذر الحصول على الإمداد في المنازل.
كما ارتفع جراء قطوعات الكهرباء صفيحة الوقود (حوالي أربعة لترات) إلى 18 ألف جنيه (ما يعادل 7 دولارات) وفق مبشر المتعامل في سوق القضارف. وقال لـ(عاين): “قطوعات الكهرباء فاقمت من معاناة المواطنين، وقد تمتد إلى يومين أو ثلاثة إذا لم تتحرك فرق الصيانة سريعا”.
وفي أم درمان أدى توقف محطة المرخيات، إلى انقطاع الكهرباء منذ 13 يناير 2025، وتوقفت محطات المياه بالتزامن مع أزمة الطاقة، ولجأ المواطنون إلى النيل لجلب المياه كما تأثرت شبكات الاتصال بشح الإمداد الكهربائي، وتوقفت شبكة الإنترنت في بعض الأحياء.
ويرى الباحث في الشأن الاستراتيجي محمد عباس أن المسيرات التي تستهدف المحطات التحويلية شمال وشرق البلاد تتعمد تدمير البنية التحتية للكهرباء؛ لأنها تشل المدن وشبكة الاتصالات ومحطات المياه التي تعتمد على الإمداد الكهربائي.
ويقول عباس لـ(عاين): إن “المسيرات الحديثة التي وصلت إلى قوات الدعم السريع خلال الشهرين الماضيين بإمكانها التحليق لساعات طويلة ومسافات بعيدة، ويمكن إطلاقها من داخل تشاد على الحدود مع إقليم دارفور لاستهداف جميع المدن داخل السودان”.
وأضاف: “المسيرات الحديثة تلتقط صور البنية التحتية، ثم تصوب بدقة عليها لتسبب خسائر فادحة”.
ويشير عباس إلى أن رسالة قوات الدعم السريع تعكس عمق الأزمة السودانية بأن لا منطقة ستكون بمنأى عن التهديدات المسلحة سواء بالمسيرات أو الهجمات المباشرة، وتعكس في ذات الوقت مدى قوة تسليح قوات “حميدتي”.
وخلفت الحرب نقصا كبيرا في إنتاج الكهرباء في هذا البلد جراء خروج محطتي “قري ” و “بحري” الحراريتين عن الخدمة شمال العاصمة السودانية منذ (21) شهرا من القتال بين الجيش وقوات الجنرال حميدتي.
الأضرار الناتجة عن قصف المسيرات باتت تقلق المسؤولين بقطاع الكهرباء
مسؤول حكومي
وقال مصدر مسؤول من وزارة الطاقة والنفط بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة للحكومة المدعومة من الجيش لـ(عاين) إن الأضرار الناتجة عن قصف المسيرات باتت تقلق المسؤولين بقطاع الكهرباء مع تزايد إطلاق القنابل على المحطات التحويلية التي شملت مدينة الدبة مطلع هذا الشهر وخط المرخيات الممتد إلى أم درمان قرب سد مروي بالشمالية ومحطة الشوك شرق البلاد.
وأضاف: “نعكف في البحث عن حلول لحماية البنية التحتية للكهرباء في الولايات الشرقية والشمالية المستهدفة من مسيرات قوات الدعم السريع؛ لأننا نعتقد أنها لن تكف عن هذه العمليات طالما كانت الحرب مستمرة”.
وأردف: “قبل الحرب كانت شركات الكهرباء تعتمد على المصانع المحلية لتوفير قطع الغيار للمحطات التحويلية والبنية التحتية حاليا لم يعد هذا الخيار متوفرا لذلك فإن الخسائر تكون فادحة؛ لأن الحكومة تضطر إلى استيراد قطع الغيار بآلاف الدولارات”.
3ayin.com