إسرائيليون يشعرون بالألم للإفراج عن سجناء فلسطينيين
فقَدَ أوران ألموغ بصره بعد تفجير انتحاري في إسرائيل، عندما كان في العاشرة من عمره، وأسفر الهجوم عن مقتل 21 شخصاً؛ بينهم شقيقه ووالده وجداه.
الرجل الذي خطط للهجوم هو سامي جرادات، القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، وأُطلق سراحه من سجن إسرائيلي، الشهر الماضي، في إطار اتفاق لإعادة الرهائن الإسرائيليين من غزة، ووقف إطلاق النار هناك.
يجد ألموغ، وعمره 32 عاماً الآن، وإسرائيليون آخرون صعوبة في تقبُّل ما ينص عليه الاتفاق من إطلاق سراح فلسطينيين مُدانين بتنفيذ هجمات أسقطت قتلى، خلال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على مدى عقود.
وقال ألموغ، لوكالة «رويترز»، بعد إطلاق سراح جرادات، الذي كان قد حُكم عليه بالسجن المؤبد؛ لتخطيطه لتفجير عام 2003 في مدينة حيفا الساحلية: «الأمر مؤلم جداً. شيءٌ ما في قلبي انكسر».
لكنه أضاف أن «الثمن الباهظ، الذي يتعين علينا أن ندفعه، والذي أدفعه شخصياً، أقل أهمية في هذه اللحظة؛ لأن الرهائن الإسرائيليين الأحياء سيعودون إلى ديارهم».
وجرى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والأسرى، بوساطة مصر وقطر، وبدعم من الولايات المتحدة. وبموجبه يجري إطلاق سراح 33 رهينة، مقابل مئات السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، في عملية متعددة المراحل قد تُمهد الطريق لإنهاء الحرب في غزة.
وكثيرون من هؤلاء الأشخاص، المقرر إطلاق سراحهم، معتقَلون من غزة، ولم تُوجَّه إليهم اتهامات. أما آخرون، مثل جرادات، فهُم على صلة بهجمات أسقطت قتلى وقعت خلال فترات مثل الانتفاضة الثانية قبل عقدين، عندما لقي العشرات من الإسرائيليين حتفهم في هجمات انتحارية.
ووفق استطلاع للرأي نشره، الشهر الماضي، معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يؤيد نحو 70 في المائة من الإسرائيليين اتفاق غزة.
لكن نسبة صغيرة ليست بالهيّنة تُعارض الاتفاق؛ لأسباب، من بينها مخاوف من ترك حركة «حماس» في السلطة بغزة، وحقيقة أنه جعل مصير أكثر من 60 رهينة من الرجال في سن الخدمة العسكرية مرهوناً بمزيد من المفاوضات قد يكون مصيرها الفشل.
وقال شاي أوديسر، الذي قُتل والده وعمه في كمين بالضفة الغربية المحتلة عام 2002: «ستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً لهذا الاتفاق».
وأفرجت إسرائيل عن جميع النشطاء الخمسة، الذين نفّذوا ذلك الهجوم في عام 2011، بموجب صفقة تاريخية شهدت إطلاق سراح 1027 معتقلاً فلسطينياً، مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
وكان مِن بين المُفرَج عنهم يحيى السنوار، مخطط هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل، وتقول إسرائيل إن الهجوم تسبَّب في مقتل نحو 1200 شخص، واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى غزة.
دروس من التاريخ
قتلت الحملة الإسرائيلية اللاحقة على غزة ما يربو على 47 ألف فلسطيني، وفق الإحصاءات الفلسطينية، فضلاً عن تدمير القطاع الساحلي.
صدمة الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل جعلت كثيراً من الإسرائيليين يخشون تكراره.
وقال أوديسر (42 عاماً)، لوكالة «رويترز»، إنه رغم شعوره بالارتياح إزاء عودة الرهائن إلى أُسرهم، فإنه يشعر بالقلق من أن يشجع الاتفاق الحالي على خطف إسرائيليين؛ لأن الخاطفين يفترضون أن إسرائيل ستعود إلى دائرة صفقات الرهائن، في مقابل الإفراج عن السجناء الفلسطينيين.
وكان ثلاثة من المُدانين بقتل أقاربه قد اعتُقلوا مرة أخرى، بعد إطلاق سراحهم في عام 2011، وهم الآن أحرار بعد الاتفاق الحالي.
وأضاف: «علينا أن نتعلم من التاريخ، ففي النهاية سيكون هناك مزيد من الموت».
ويقول بعض المتشددين في الحكومة الائتلافية، برئاسة بنيامين نتنياهو، إن الاتفاق يؤثر على الأمن القومي الإسرائيلي، وهو ما دفع وزير الأمن الوطني السابق إيتمار بن غفير، ووزيرين آخرين من حزبه عوتسماه يهوديت «القوة اليهودية» القومي الديني إلى الاستقالة من الحكومة.
وحتى الآن، أُطلق سراح 13 رهينة؛ من أصل 33 تشملهم المرحلة الأولى من الاتفاق، إلى جانب خمسة عمال تايلانديين اختُطفوا في هجوم أكتوبر 2023.
وناشد ياردين بيباس، الرهينة الإسرائيلي الذي أفرجت عنه حركة «حماس»، الأسبوع الماضي، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الجمعة، العمل على إعادة زوجته وطفليه المحتجَزين منذ 7 أكتوبر 2023 في القطاع الفلسطيني ولا يزال مصيرهم مجهولاً.
وقال بيباس، في أول تصريح علنيّ له منذ استعاد حريّته، في الأول من فبراير (شباط) الحالي: «للأسف، أسرتي لم تعد بعدُ. كل شيء هنا مظلم. ساعدوني على إعادة النور إلى حياتي»، وذلك بُعَيد نشر قائمة بأسماء ثلاث رهائن إسرائيليين ستُفرج عنهم «حماس»، السبت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
aawsat.com