السودان: أزمة غير مسبوقة في السيولة النقدية وتذمر للمواطنين
![السودان: أزمة غير مسبوقة في السيولة النقدية وتذمر للمواطنين020 السودان: أزمة غير مسبوقة في السيولة النقدية وتذمر للمواطنين](/photos/Ayinsystem-PPJ99HMQ0C.jpg)
عاين- 7 فبراير 2025
بعد الوقوف لساعات طويلة في صفوف داخل البنوك السودانية في المدن الواقعة تحت سيطرة الجيش شمال وشرق البلاد لا يمكن الحصول على أكثر من 200 ألف جنيه في اليوم من الأموال المودعة في حسابات العملاء نتيجة أزمة حادة في السيولة النقدية.
وعقب تغيير جزئي للعملات الورقية من جانب البنك المركزي السوداني في ديسمبر 2024 شملت فئة 1000 جنيه مع إلغاء فئة الـ 500 جنيه كانت السيولة المتاحة في البنوك والأسواق في نطاقات محدودة لتأخر بنك السودان ضخ الأموال النقدية.
خفض القطاع التقليدي
علق وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في حكومة الجيش، جبريل إبراهيم، على هذه الأزمة بالقول إن “الحكومة تتعمد هذه الإجراءات لنقل السداد التقليدي إلى الدفع الإلكتروني وفتح المزيد من الحسابات المصرفية للمواطنين”.
وتعمقت الأزمة هذا الأسبوع مع استمرار الطوابير في البنوك. فيما وصف الباحث في القطاع المصرفي محمد بشير، شح السيولة النقدية بالعودة إلى فترات حكم الرئيس المخلوع عمر البشير عندما انعدمت الأوراق المالية في البنوك والأسواق “. وأضاف لـ(عاين): “عندما يقرر المواطنون دفع قيمة السلع بالتحويل الإلكتروني يفرض التجار رسما ماليا إضافيا بحجة صعوبة الحصول على النقود لذلك الأسواق توقفت في العديد من المناطق، ويصل الخصم إلى 30%”.
الأمم المتحدة تعثرت في استبدال 11.5 مليون دولار بالعملات السودانية بسبب الأزمة
بينما قالت الأمم المتحدة، إن أزمة السيولة النقدية أوقف برامج مساعدات منح مالية لأربعة ملايين شخص في السودان تأثروا بالحرب، وأكد برنامج الغذاء العالمي توقف إدارة القسائم النقدية؛ لأنها فشلت في استبدال 11.5 مليون دولار بما يعادلها من العملات السودانية.
وحول أزمة السيولة النقدية يقول الباحث في القطاع المصرفي، محمد بشير لـ(عاين): إن “العملات المطبوعة لدى البنك المركزي عند استبدال العملة جزئيا نهاية العام الماضي لم تكن بكميات كبيرة؛ لأن الطباعة مكلفة، وكلفت الحكومة 70 مليون دولار نهاية العام 2024 بالتالي تخطط وزارة المالية لطباعة العملات مرة أخرى خارج البلاد، وفي الغالب لم تجد التمويل الكافي للمرحلة الثانية”.
السودان على أعتاب أزمة مالية غير مسبوقة
باحث في القطاع المصرفي
ويقول محمد بشير، إن “غالبية الولايات تعاني قلة آلات النقد “الصراف الآلي” ولم يتمكن البنك المركزي السوداني من مساعدة البنوك على استعادة خدماتها الأساسية”. مشيرا إلى أن القطاع المالي في السودان على أعتاب أزمة كبيرة ما لم تتخذ تدابير حكومية وفق سياسات مالية واقتصادية عميقة.
وقال مصدر حكومي بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي من مقرها في بورتسودان العاصمة المؤقتة شرق البلاد لـ(عاين): إن “أزمة السيولة النقدية في طريقها إلى الانفراج بالتزامن مع توسع التعامل الإلكتروني للدفع النقدي في الأسواق سيما في المدن الخاضعة لسيطرة الجيش إلى جانب رغبة البنك المركزي في رفع تداول الأوراق المالية لدى البنوك التجارية والأسواق لكبح الأزمة”.
انهيار الأسواق
ويقول مصرفيون يعارضون خطوة البنك المركزي إن الحكومة قد تجمع مئات المليارات من الجنيهات؛ بسبب استبدال العملة، وفي ذات الوقت إجبار المواطنين على التعامل المصرفي دون الوضع في الاعتبار وجود مجتمع تقليدي لا يثق بالدفع الإلكتروني، ولا يملك معظم الناس هواتف ذكية تدعم التعاملات النقدية.
وقال المصرفي بمدينة عطبرة شمالي السودان، مروان هاشم لـ(عاين): إن “الناس اعتادوا الطوابير في البنوك للحصول على النقد بسقف يومي لا يتجاوز الـ 200 ألف جنيه حتى لو كنت تملك في حسابك المصرفي ملايين الجنيهات لن يعطوك أكثر من هذا المبلغ”.
وأضاف: “بعض الناس عندما يريدون سداد الإيجار أو دفع رسوم المستشفيات الخاصة يقفون في الطوابير من ثلاثة إلى خمسة أيام لجمع مبلغ يصل إلى مليون جنيه”.
ويقول مروان: إن “البنك المركزي أخطر البنوك بأهمية الربط الإلكتروني بين الأسواق التقليدية وحركة الشراء والبيع وخفض الكميات المتداولة للنقد إلى مستويات معقولة لا تسمح باللجوء إلى التزوير أو المضاربة في سعر الصرف”.
كميات قليلة
ويأمل البنك المركزي السوداني في رفع معدلات الدفع الإلكتروني وسط المواطنين فيما لم يتمكن الغالبية من الوصول إلى البنوك لإنشاء حسابات مصرفية؛ بسبب الوضع الأمني أو عدم وجود مال بحوزتهم وقلة الدوافع.
وقال مصرفي سابق طالبا عدم نشر اسمه لـ(عاين): إن “الحكومة اتخذت نهجًا خاطئًا باختيار وقت غير مناسب والقرار في مجمله سياسي لخنق قوات الدعم السريع اقتصاديا وقصر تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرة الجيش”.
وأردف: “لم تضخ الحكومة كميات من الأموال أولا قبل أن تذهب إلى مشروع الربط الإلكتروني لحركة الأموال، ولا يمكن حرمان نحو 15 مليون شخص من أموالهم والحصول عليها بالوقوف في صفوف طويلة مقابل 200 ألف جنيه في حين أن نسبة التضخم تقضي على هذا المبلغ في ساعات قليلة”.
وتابع: “من الواضح أن الكميات المطبوعة من العملة الجديدة ليست كافية، واضطر البنك المركزي ووزارة المالية إلى إطلاق مشروع الحسابات المصرفية وربط الأجور في القطاع العام بهذه السياسات الجديدة”.
3ayin.com