حرب السودان.. انهيار قطاع الكهرباء وتكلفة باهظة لإعادة الإعمار
![حرب السودان.. انهيار قطاع الكهرباء وتكلفة باهظة لإعادة الإعمار020 حرب السودان.. انهيار قطاع الكهرباء وتكلفة باهظة لإعادة الإعمار](/photos/Ayinsystem-OWRAN2D7P3.jpg)
عاين- 13 فبراير 2025
بين دمار ونهب وتخريب، تأثر قطاع الكهرباء في السودان بالحرب الجارية منذ منتصف أبريل من العام الماضي، ودرات معارك الطرفين المتحاربين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على محطات إنتاج رئيسية، لا سيما محطتا قري وبحري في العاصمة السودانية الأمر الذي أدى إلى خسارة شبكة الكهرباء ما لا يقل عن ألف ميغاواط.
ويقول الباحث في مجال الطاقة حسن عبد الغفار لـ(عاين): إن “واقع قطاع الكهرباء في السودان خلال الحرب يمكن وصفه بـ(الانهيار شبه الكامل) كونه تعرض إلى تدمير ممنهج وتدمير جراء المعارك الحربية بين الطرفين سيما قوات الدعم السريع التي لم تراع قواعد الاشتباك، وسيطرت على محطتي بحري وقري الحراريتين بالخرطوم بحري بالتالي تتحمل مسؤولية الأضرار التي لحقت بهما.
ويشير مصدر مسؤول من محطة قري الحرارية بالخرطوم بحري إلى أن قطاع الكهرباء يحتاج إلى ملياري دولار لصيانة الشبكة العامة والمحطات الحرارية التي تعرضت إلى أضرار غير مسبوقة. ويقول المسؤول الذي رفض نشر اسمه كونه غير مخول له بالحديث لوسائل الإعلام: “شاهدنا تلفاً كبيراً في محطة قري، وتقترب الخسائر إلى 700 مليون دولار والشبكة العامة خسرت محطة كانت تنتج حوالي 300 ميغاواط/ساعة قبل اندلاع الحرب بساعات”.
وأضاف في مقابلة مع (عاين): “احترقت محطة التحكم في قري كما امتدت النيران جراء المعارك إلى الأسلاك الرئيسية إلى جانب احتراق خزانات الوقود الرئيسية، لقد عبثوا بكل شيء”. وتابع: “لا يمكن استعادة محطة كهرباء قري بالخرطوم بحري قبل تمويل ضخم لاستيراد المعدات والآليات التالفة التي تعرضت إلى أضرار عسكرية لمدة عامين”.
وأردف المصدر المسؤول في محطة قري الحرارية: “احترقت أجهزة التحكم الرئيسية في مجمع قري بالكامل”.
كما امتدت الأضرار الناجمة عن الصراع المسلح سيما في العاصمة السودانية إلى محطة بحري الحرارية الواقعة شمال الخرطوم، وتعرضت هي الأخرى إلى حريق هائل وتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بقصف المحطة التي يصل إنتاجها إلى 400 ميغاواط/ساعة.
ويرى الباحث في مجال الطاقة حسن عبد الغفار، أن خسائر محطة بحري الحرارية حوالي 300 مليون دولار لاستعادتها حتى مراحل التشغيل وضخ 400 ميغاواط/ساعة إلى الشبكة العامة، وهذه التكلفة لا تتوفر للقطاع الحكومي، حتى لو توقفت الحرب ما يعني الحاجة إلى استقطاب القروض من المؤسسات الدولية بواسطة حكومة معترف بها دوليا.
وأضاف عبد الغفار: “المعارك الساخنة دارت في بحري وسيطرت الدعم السريع على محطتين حراريتين، ولاستعادة بنية الكهرباء يجب توقف القتال نهائيا”.
ويرى عبد الغفار أن الاستقرار النسبي في المدن الواقعة تحت سيطرة الجيش لا يعني أن المحولات ومحطات الكهرباء ستكون بمأمن عن المسيرات مع الوضع في الاعتبار أن جميع الولايات الآمنة لم تنج من قنابل المسيرات.
وخلال الأيام الماضية استهدفت مسيرات انتحارية سد مروي شمالي السودان وعدد من محطات إنتاج الكهرباء في مناطق مختلفة من البلاد.
العودة إلى نقطة الصفر
قبل اندلاع الحرب كان قطاع الكهرباء يعاني، ولم تتمكن الحكومة الانتقالية من التوسع في المجال قبل أن يعيق الانقلاب العسكري الذي نفذه قائدي الجيش والدعم السريع في 25 أكتوبر 2021 مشاريع جديدة ممولة من البنك الدولي بقيمة لا تقل عن مليار دولار إلى جانب خطط دولة ألمانيا لتشغيل محطة رابعة في مجمع قري بالخرطوم بحري لإضافة 400 ميغاواط/ساعة إلى الشبكة العامة.
ويقول المسؤول السابق بالهيئة القومية للكهرباء قبل أن تتحول إلى شركات حكومية صبري حسين لـ(عاين): إن “هذا القطاع هو الأكثر تضررا من الحرب وعاد إلى نقطة الصفر ويحتاج إلى تمويل ضخم لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار في المرحلة الأولى لوداع مرحلة قطوعات الكهرباء لساعات طويلة وتطبيق القطوعات الصفرية”.
وأضاف صبري: “كلما استولت القوات المسلحة على مدن ومناطق جديدة تكون هناك حاجة إلى الكهرباء ويزيد الضغط على الشبكة العامة التي تعمل بنسبة 40% من الإنتاج ما يعني أن الصيف القادم سيكون ساخنا جدا بقطوعات قد تستمر إلى نصف يوم في جميع القطاعات السكنية والتجارية والصناعية والزراعية”.
وتابع: “لذلك قبل إعادة الإمداد إلى أي مدينة مُستردة بواسطة الجيش يجب معرفة الكميات المنتجة داخل الشبكة من محطة أم دباكر وسد مروي وسد الرصيرص وستيت وأعالي نهر عطبرة؛ لأن الإنتاج لا يتجاوز 1200 ميغاواط/ساعة في أفضل الأحوال”.
ويشير صبري إلى أن البلاد بحاجة إلى إنتاج ما لا يقل عن 2700 إلى 2900 ميغاواط/ساعة لتصل إلى مرحلة اكتفاء جميع الولايات داخل الشبكة العامة للكهرباء. ويقول: “هذا مستحيل مع تضاعف الإنفاق العسكري على حساب القطاعات الخدمية الحيوية مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم”.
ويرهن صبري حسين، حل أزمة الطاقة الكهربائية في البلاد بتخصيص نسبة من إنتاج الذهب لصيانة قطاع الكهرباء والانتقال إلى مرحلة التطوير سويا مع الصيانة مع تسريع مشروع زيادة الربط المصري من 70 إلى ألف ميغاواط/ساعة لتغطية العجز.
وفي خطوة حكومية لتعزيز موقف الكهرباء، أعلن وزير الطاقة والنفط محي الدين نعيم، الذي يزور دولة الهند أنه اتفق مع شركتين على صيانة المحولات المتضررة من الحرب وتوريد محولات جديدة.
البحث عن حلول
وتعتبر الخسائر التي طالت المحولات المغذية للشبكات في المدن والقرى الأكثر كلفة وفق هشام محمد علي الباحث في مجال الطاقة على خلفية تدمير ما لا يقل عن (450) محولاً في العاصمة السودانية وودمدني والفاشر ونيالا وزالنجي بشكل يبدو وكأنه ممنهج بغرض تصفية المواد الخام وبيعها في الأسواق.
وأضاف: “اضطرت شركة الكهرباء لتوريد نحو 20 محولاً إلى ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة عقب استردادها بواسطة الجيش منتصف يناير 2025 لتغطية وسط المدينة والأحياء بعد أن تعرضت إلى تخريب كبير من قوات الدعم السريع”.
أما مستقبل الإمداد في مدن إقليم دارفور يعتقد هشام محمد علي أن هذا الأمر بعيد المنال مع استمرار العمليات العسكرية وتدهور هذا القطاع، ولفت إلى أن قطاع الكهرباء أكثر القطاعات تدميرا خلال الحرب.
وتابع علي في مقابلة مع (عاين): “تحتاج العاصمة السودانية إلى تأهيل شبكة الكهرباء في مسافة لا تقل عن 150 كيلو مترا وهذا المشروع لا يقل تكلفته عن 50 مليون دولار وتأهيل مكاتب الخدمات التي تعرضت إلى نهب غير مسبوق وإعادتها إلى النظام الإلكتروني للدفع”.
وأردف: “الخطة الاستراتيجية لوداع الظلام في جميع أنحاء البلاد قبل عشر سنوات كانت تعتزم إنتاج خمسة آلاف ميغاواط/ساعة في السودان لم تمض كما هو مخطط للتقلبات السياسية والأمنية والاقتصادية، وهذا الوقت المناسب لإنعاش هذا المشروع بالاقتراض من المؤسسات الدولية بواسطة حكومة معترف بها دوليا أو الصناديق الخليجية، ويجب أن لا يقل التمويل عن 5 مليارات دولار لوداع عهد القطوعات”.
3ayin.com