فوضى عارمة في جنوب الخرطوم.. عمليات نهب تطال كل شيء

عاين- 20 فبراير 2025
تعيش مناطق جنوب الخرطوم التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع حالة من الفوضى والانفلات الأمني وعمليات نهب واسعة لممتلكات المواطنين، والتي يقوم بها مسلحون يرتدون زي الدعم السريع، وأشخاص مدنيين.
وتصاحب عمليات النهب أعمال عنف، وقُتل الأربعاء الماضي (٥) أشخاص بينهم (٣) من أسرة واحدة على يد مسلحين في منطقة (الكلاكلة الوحدة) بمحلية جبل أولياء. وفي تلك الحادثتين اقتحمت مجموعة مسلحة منزل أحد المواطنين بغرض النهب، وأطلقت النار على أحد سكان المنزل وجاره وتركتهما قتيلين.
وانصرفت ذات المجموعة، وهاجمت منزلاً آخر، وقتلت (٣) أشخاص من أسرة واحدة هم (الأب واثنان من أبنائه) وذلك بغرض النهب. قبل أن تتمكن المجموعة التي ارتكبت جرائم القتل من الهرب.
تحولات ملحوظة
ووفقا لمراسل (عاين) في المنطقة، تشهد مناطق جنوب الخرطوم تحولاً ملحوظاً في ظل تقدم القوات المسلحة في محاور الحرب المختلفة في الولاية، ومن التحولات تجمع الكثير من منسوبي الدعم السريع بمعية أسرهم منسحبين من مناطق شرق النيل والخرطوم شرقاً إلى محلية جبل أولياء، بجانب توقف حركة البيع والشراء في عدد من الأسواق وخطورة الوضع الأمني في الأسواق العاملة مع ارتفاع أسعار السلع.
وظلت مناطق جنوب الخرطوم تستقبل مركبات كثيرة يستغلها منسوبون للدعم السريع في ترحيل أسرهم “نساء وأطفال”.
وتشهد مناطق محلية جبل أولياء بولاية الخرطوم حركة كثيفة للمركبات المحملة بالأسر والمنهوبات، وبعد إغلاق جسر جبل أولياء الأسبوع قبل الماضي تم إسكان الكثير من الأسر في أحياء بمحلية جبل أولياء بجنوب الخرطوم انتظاراً لفتح الجسر من جديد، وبعد معاودة الحركة في الجسر شرع الكثيرون في الخروج.
ويتوجه منسوبو الدعم السريع بصحبة أسرهم عبر سيارات نقل كبيرة (دفارات) منهوبة من مواطنين وهي محملة بالأثاثات المنزلية المنهوبة والدراجات النارية، بالإضافة إلى استخدامهم سيارات نقل صغيرة “حافلات” وسيارات صالون منها “بكاسي” في الخروج من الخرطوم إلى غرب السودان أو خارج السودان حيث توجه بعضهم إلى ليبيا.
إغلاق الأسواق
وفي ظل التهديدات الأمنية لحياة وسلامة السكان من قبل منسوبين للدعم السريع، تراجعت حركة البيع في عدد من الأسواق، وتم إغلاق أحد أكبر الأسواق وهو سوق (اللفة) بالكلاكلة، وعلى إثر ذلك تحولت حركة التجارة نحو سوق الدخينات جنوب الخرطوم.
وتشهد مناطق جنوب الخرطوم انعداماً للسلع، وندرة في بعضها حيث توقفت أغلب المخابز نتيجة انعدام الدقيق وارتفاع سعره حيث بلغ سعر الجوال (الخباز) زنة (٢٥) كيلو جراماً (١٢٠) ألف جنيه يوم الاثنين قبل الماضي وهي فترة ذروة الأزمة، في وقت بلغ سعر ربع دقيق القمح (٤٠) ألف جنيه، وانخفض إلى (٣٠) ألف جنيه، وذلك لانعدام السلعة وتوقف أغلب الطواحين عن العمل بعد إغلاق سوق اللفة الذي يشهد حركة ضئيلة ومحدودة للغاية في البيع.
وحسب التاجر (ع ه) في إفادة لـ(عاين): “بلغ سعر الكيلو لكل من سلع السكر والمكرونة والأرز والعدس (١٠) آلاف جنيه، وسعر كيلو الدقيق (٨) آلاف جنيه، وكيلو لبن البودرة السعودي (٣٠) ألف جنيه، ورطل الزيت (٦) آلاف جنيه مع انعدامه”.
وكانت سلعة البصل قد انعدمت عن السوق الأسبوع قبل الماضي، وبلغ سعر ربع البصل (٥٠) ألف جنيه.
واختلف الوضع يوم الثلاثاء المنصرم حيث بدأت أزمة السلع في الانفراج، وبدأ التجار في معاودة العمل في سوق اللفة بشكل محدود، بعد فترة توقف استمرت عدة أيام، حيث دخلت بعض البضائع؛ مما أدى إلى انخفاض في الأسعار، وبلغ سعر كيلو العدس (٦) آلاف جنيه وكيلو السكر بين (٥ و٦) آلاف جنيه، وكيلو الدقيق (٥ و٦) آلاف جنيه.
كما تشهد مناطق جنوب الخرطوم توقفاً لحركة التنقل بالسيارات (عدا قلة) لارتفاع سعر جالون البنزين الذي وصل في الأسبوع قبل الماضي ما بين (١٦٠- ٢٠٠) ألف جنيه، وانخفض إلى (٦٠) ألف جنيه الثلاثاء الماضي.
وفي ذروة الطلب على الوقود إبان موجة خروج الكثير من منسوبي الدعم السريع وأسرهم عبر جسر جبل أولياء بلغ سعر جالون الجازولين (٨٠) ألف جنيه، وأصبح المواطنون يتنقلون عبر عربات (الكارو) التي تجرها الحمير، وتستخدم كمواصلات بين اللفة وسوق الدخينات مقابل (٥٠٠) جنيه للفرد، واللفة وبعض المناطق الواقعة شمالها مثل القلعة.
وكان سوق اللفة قد شهد حركة نشطة في حالات النهب والتفلتات الأمنية لدرجة القتل، وأفاد شهود بوجود جثتين لقتيلين داخل السوق قبل أن تتوقف حركة التجارة في السوق.
وبعد انتقال الكثير من التجار والمتسوقين من اللفة إلى سوق الدخينات، تحولت عمليات النهب إليه، ومنها حوادث نهب بواسطة مسلحين في شارع (جبل أولياء) الرئيسي، حيث تم نهب القمح والدقيق من بعض المواطنين، بالإضافة إلى النقود. ولا يزال السكان المدنيون في مناطق سيطرة الدعم السريع بمناطق في جنوب الخرطوم يعانون استمرار الانتهاكات وقسوة الأوضاع.
نهب محولات الكهرباء
وتجددت عمليات نهب زيوت المحولات و(الكوابل) بغرض الحصول على النحاس في مناطق بجنوب الخرطوم، واستغل المسلحون الذين ارتكبوا تلك الانتهاكات حالة انقطاع التيار الكهربائي في الفترة من (١٣- ٢٦) من شهر يناير الماضي لينشطوا في عمليات النهب.
وطبقاً لمتابعات مراسل (عاين) فقد تم نهب النحاس من أحد المحولات، بجانب زيت المحول بعد أن أُنْزِل من أعلى العمودين، كما تم التهجم على محول آخر بواسطة مجموعة من المسلحين يستغلون عربة (دفار) وعربتين صغيرتين، وتمكنوا من نهب النحاس والزيت بعد تطويق المكان منعاً لأية محاولة لإنقاذ المحول الذي تم إنزاله للأرض من على (العمودين)، بجانب نهب العديد من زيوت وكوابل المحولات.
وأفاد متابعون بنهب كوابل أحد المحولات بعد أن حفر النهابون الأرض، وتمكنوا من اقتلاع الكوابل.
ولم تتوقف عمليات نهب الكوابل على محولات الكهرباء وحدها، ولكنها طالت بعض الأبنية الكبيرة (العمارات) التي تُغَذَّى بالكهرباء بواسطة الكوابل، وتم نهب عدد من كوابل البنايات الخالية من السكان، بقطعها بالمنشار للحصول على النحاس.
وطبقاً لمتابعات مراسل (عاين) فقد تم نهب محول كهرباء يستخدم في تغذية بئر لإنتاج المياه، بعد إنزاله من على العمودين، ولم يتم التعرف على الوجهة التي تم أخذه إليها.
وعاش سكان جنوب الخرطوم، ومنها (الكلاكلات) في تلك الفترة معاناة جراء انقطاع التيار الكهربائي حيث توقف الإمداد المائي عن المنازل، وبلغ سعر جركانتي المياه (الجوز) (٥٠٠) جنيه، ولجأ مواطنون للحفر التي كانوا قد حفروها مسبقاً بالقرب من بعض الخطوط الرئيسية لتوفير حاجتهم من المياه، أو إلى الآبار.
وتجددت ذات المعاناة بعد انقطاع التيار الكهربائي منذ الأحد الموافق (٩) فبراير الحالي، ولا تزال خدمة الكهرباء غير متوفرة حتى اليوم الاثنين الموافق (١٧) فبراير.
اقتحام المنازل
وشهدت بعض الأحياء اقتحام المنازل ليلاً من قبل مسلحين، ينهبون الممتلكات، ويستغل بعض هؤلاء المسلحين عربة (دفار)، ويدخل نحو (٨) من المسلحين كل منزل مراد نهبه، ويحجزون أصحاب المنازل المقتحمة في إحدى الغرف، بينما يتم نهب كامل الممتلكات على متن (الدفار) بعد ضرب وسب أصحاب المنازل بأبشع الألفاظ، ولم تسلم من ذلك النساء، وتكررت تلك الحوادث مع التوعد من المهاجمين بعدم ترك أي منزل، وأن عملية النهب ستتم ب(الصف) لكامل المنازل في الحي الذي يشهد هشاشة سكانية.
ونتيجة لتلك العمليات تم رصد حالات من الإصابات بالرصاص، وأعقاب البنادق والعصي مما سبب الأذى الجسيم والجراح للبعض.
ويرتدي معظم المسلحين المهاجمين للمنازل الزي الرسمي للدعم السريع، وتتكرر عمليات النهب داخل الأحياء عبر سيارات معروفة يهدد من يستغلونها حياة وسلامة السكان دون أي تدخل رسمي من قوات الدعم السريع لحماية المدنيين بعمل دوريات ليلية أو أي إجراء لضبط أولئك المسلحين الذين يجوبون الشوارع بحرية كاملة.
ومن حالات الاعتداءات مطاردة المواطنين وتعقبهم في الشوارع ونهب ممتلكاتهم خاصة الهواتف النقالة والأموال.
وخلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري بدأت تتجدد عمليات اعتقال المواطنين من قبل منسوبين للدعم السريع وابتزازهم بطلب فديات بمليارات الجنيهات مقابل إطلاقهم، مع تحديد مهلة زمنية لسداد الفدية والتهديد بتلفيق التهم والسجن حال عدم الانصياع لرغباتهم.
كما ظلت عمليات اقتحام المنازل ليلاً أو فجراً مستمرة حتى اليوم الاثنين، ونتيجة لتلك الفوضى يتزايد الخطر على حياة المواطنين وسلامتهم، والذين لا يزالون يأملون الخلاص من تلك الحالة والانتقال إلى حياة الاستقرار وسيادة حكم القانون.
3ayin.com