التلويح بورقة الرهائن... هل يعزز فرص استئناف الهدنة في غزة

وسط تصاعد الضربات الإسرائيلية المكثفة في قطاع غزة، عاد ملف الرهائن إلى الواجهة مجدداً، حيث نشرت «حركة حماس» مقطع فيديو يظهر فيه أسيران إسرائيليان، في خطوة قد تلقي بظلالها على الجهود المتعثرة لاستئناف الهدنة، خصوصاً مع اقتراب عيد الفطر، حيث تسابق جهود الوساطة الزمن لوقف الحرب والعودة للتهدئة.
تلك التطورات التي تصاحبها مخاوف رئاسية إسرائيلية بشأن الرهائن، تقود لمسارين بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، الأول مزيد من الضغوط على نتنياهو للذهاب لهدنة جديدة، والإفراج على عدد من المحتجزين، والثاني استمرار تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي نقطة ضعفه والاستمرار في الحرب، وسط اتفاق على احتمال أن تقود لهدنة مؤقتة ستكون على الأقل إنسانية مع حلول عيد الفطر.
وبعد تشاور مع إدارة الرئيس الأميركي، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في 18 مارس (آذار) الحالي، عقب هدنة استمرت 6 أسابيع، في حين لا تزال هناك 59 رهينة في غزة، بعد أن سمحت المرحلة الأولى التي انتهت مطلع مارس الحالي من اتفاق الهدنة الذي انطلق قبل نحو شهرين، بإطلاق سراح 33 رهينة ونحو 1800 أسير فلسطيني، بينما تسبب الهجمات الجديدة في مقتل 792 فلسطينياً وإصابة 1663 آخرين.
وبعد ساعات قليلة من مقطع مصور نشرته «حماس» للأسيرين الإسرائيليين إلكانا بوحبوط ويوسف حاييم يدعوان خلاله لوقف إطلاق النار وإطلاق سراحهما، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في كلمة الثلاثاء، من التوسع في احتلال أراض بغزة إذا استمرت الحركة في رفض تسليم الرهائن، بعدما صادق على خطط عملياتية في غزة، وفق ما أفادت إذاعة جيش الاحتلال.
بينما قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في مؤتمر بتل أبيب، الثلاثاء: «أنا مصدوم حقاً كيف أن قضية الرهائن لم تعد في قمة أولوياتنا»، مضيفاً: «يجب علينا... ألا نفقد التركيز (...) على كل ما يتعلق بإعادة الرهائن إلى ديارهم، حتى آخر واحد منهم»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وناشدت عائلة بوحبوط في بيان عقب الفيديو نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب الإفراج عن الرهائن، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي عدّ الفيديو «حرباً نفسية»، مؤكداً أن «المقاطع المصورة للأسرى بغزة تعزز لدي الإصرار من أجل إعادتهم، وتحرير المخطوفين يتحقق بالضغط العسكري والسياسي معاً».
ويرجع الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن يثمر التلويح بورقة الرهائن تعزيز فرص استئناف الهدنة، موضحاً أن الرهائن نقطة ضعف نتنياهو، ونشر مقطع فيديو جديد سيزيد من ضغط ذويهم والداخل الإسرائيلي على رئيس الوزراء، وقد يدفعه نحو الهدنة من جديد.
في المقابل، لا يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن يشكل مقطع الرهائن «أي ضغط على نتنياهو، خصوصاً وهو قلل منه»، لافتاً إلى أن «هذه الفيديوهات فقدت بريقها، خصوصاً والتكرار يفقد الأثر، لكن يبدو أن (حماس) تراهن من النشر على تحريك الداخل الإسرائيلي ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، وليس لديها أي أوراق ضغط أخرى لتغيير المعادلة».
جدل فيديو الرهائن، سبقه بوقف قصير، إعلان وزارة الخارجية المصرية، أن وزير الخارجية، بدر عبد العاطي بحث في اتصال هاتفي مع المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، جهود التوصل إلى التهدئة وخفض التصعيد، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذه.
وجاء النقاش وسط حديث عن مقترح مصري لم تؤكده القاهرة، بعدما نقلت وكالة «أسوشييتد برس» الاثنين، عن مسؤول أنه ينص على أن تفرج «حماس» عن 5 رهائن أحياء، من بينهم أميركي - إسرائيلي، مقابل سماح إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتوقف القتال لمدة أسبوع، كما ستفرج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين.
وكان ويتكوف قدّم في 13 مارس الحالي، اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، وقبلت «حماس» بإطلاق الرهينة الأميركي - الإسرائيلي، عيدان ألكسندر فقط، وعدَّ المبعوث الأميركي رد الحركة «غير مقبول»، قبل أن يتحدث، الجمعة، عن أن «هناك مفاوضات جارية» لوقف الغارات الإسرائيلية.
ويرى فرج أن محادثات وزير الخارجية المصري مع ويتكوف تأتي في إطار تقريب وجهات النظر، وتأجيل أي عقبات لما بعد عيد الفطر، مشيراً إلى أن القاهرة تضغط بكل الطرق لهدنة ولو إنسانية مع العيد، ونأمل أن يتم الاتفاق بشأنها سريعاً.
ويعتقد مطاوع أن الحديث المصري مع ويتكوف يُشكل محاولة لدفعة جديدة لمسار الهدنة؛ لكن سيكون مبنياً على المقترح الأميركي، وسيواجه عقبات من إسرائيل التي ستبحث عن مكسب أكبر يتجاوز المطروح سابقاً، مرجحاً أنه إذا تم الوصول لهدنة مع عيد الفطر «ستكون إنسانية فقط».
aawsat.com