حديث إسرائيلي متكرر عن مسيرات من سيناء لا يلقى اهتماما مصريا

في أقل من أسبوع، كررت إسرائيل الإعلان عن «إسقاط مُسيّرات اخترقت الأجواء من مصر، وبعضها تحمل أسلحة»، وهو النهج الذي تتبعه تقريباً على مدى عام منذ بدء الحرب الحالية في غزة، في حين تلتزم القاهرة الصمت بعد كل إعلان إسرائيلي.
وبحسب مصدر مصري مسؤول تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «حينما يزيد الشيء عن حده ينقلب لضده؛ فكثرة الادعاءات الإسرائيلية على هذا النحو، تؤكد للمتابعين زيفها دون حاجة للرد عليها»، وكرر ما يؤكده دائماً أنها «لا تعدو أكثر من محاولات بائسة للتشويه والاستفزاز، لن تنساق إليها مصر».
وأفادت «إذاعة الجيش الإسرائيلي»، مساء السبت، برصد طائرة مُسيّرة قادمة من اتجاه الحدود المصرية، مشيرة إلى أنه بحسب التقديرات الأولية «جرى إطلاقها من الأراضي اليمنية».
وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن «سلاح الجو اعترض مُسيّرة أُطلقت من جهة الشرق»، لافتاً إلى أنه «تم تفعيل إنذارات وفق السياسة المتبعة». وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن «المُسيّرة جرى اعتراضها فوق شبه جزيرة سيناء المصرية».
وحتى كتابة التقرير لم تعلق القاهرة على الإعلان الإسرائيلي الجديد. وسعت «الشرق الأوسط» للحصول على رد عبر الشؤون المعنوية للقوات المسلحة المصرية، لكن لم يتسنَّ ذلك. في حين قال وكيل المخابرات المصرية السابق، اللواء محمد رشاد، إن «إسرائيل تحاول إلقاء فشلها على الجميع، وخصوصاً مصر»، حسب وصفه.
رشاد الذي كان يشغل رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بالمخابرات المصرية، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تضغط لتحقيق وقف إطلاق النار وضمان حقوق الشعب الفلسطيني؛ لذلك فإن حكومة إسرائيل تحاول أن (تتلكك) بأي شيء لتعليق فشلها عليه واستمرار الحرب؛ لأن وقفها سيكشف فشلها أمام الإسرائيليين». وشدد على أن «تلك المحاولات مستمرة ومتكررة من إسرائيل مع كل فشل تتعرض له، وبالقطع هي تفعل ذلك حالياً بسبب رفض مصر القاطع لمسألة تهجير الفلسطينيين من غزة».
وتحدث الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، أيضاً عن «إحباط محاولة تهريب أسلحة من مصر إلى إسرائيل»، وقال إنه «تم رصد طائرة مُسيّرة كانت تحاول تهريب أسلحة من الأراضي المصرية إلى الأراضي الإسرائيلية في منطقة لواء باران».
الخبير المصري في الأمن القومي والعلاقات الدولية، اللواء محمد عبد الواحد، قال لـ«الشرق الأوسط»: «قلنا سابقاً ونكرر مرة أخرى، إن إسرائيل بدأت منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023 الزج باسم مصر فيما تدّعيه بشأن تهريب أسلحة، ووجود أنفاق على الحدود تُستخدم في ذلك، واتخذت ذلك مبرراً لاحتلال (محور فيلادلفيا) الحدودي».
وأضاف أن هذا يحدث ويتكرر؛ لأن إسرائيل «اكتشفت مبكراً أنها فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة من الحرب، وهي القضاء على (حماس)...». وأوضح أن «إسرائيل تحاول إظهار أن (حماس) تتلقى دعماً من مصر؛ لأنها مصدومة من فكرة أن (حماس) لديها أسلحة وذخيرة وتنفذ ضربات، وذلك رغم عام ونصف العام من القصف الإسرائيلي والحصار الكامل لقطاع غزة براً وبحراً وجواً».
ووفق عبد الواحد، فإن «الهدف هو محاولة الضغط على مصر لتغيير مواقفها العادلة خلال المفاوضات التي تتوسط فيها من أجل وقف إطلاق النار واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة».
وأفاد الجيش الإسرائيلي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأن قواته «أسقطت طائرة مُسيّرة عبَرت من الأراضي المصرية إلى الأراضي الإسرائيلية في منطقة لواء باران». وفي الشهر التالي، أعلن مجدداً في بيان «رصد وإسقاط مُسيّرة عبَرت من الأراضي المصرية»، مضيفاً أنها «كانت تحمل 4 بنادق و5 خراطيش والمئات من الرصاصات... وتم نقل الأسلحة والذخيرة إلى قوات الأمن لمزيد من التحقيق». أيضاً في فبراير (شباط) الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إنه أسقط طائرة مُسيّرة تُهرب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل، وإنه عثر على 4 بنادق ومسدس بعد إسقاطها.
وفي منتصف الشهر الماضي، أشار الناطق باسم الجيش الإسرائيلي في بيان، إلى أن الجيش رصد طائرة مُسيّرة حاولت تهريب أسلحة من الأراضي المصرية إلى داخل إسرائيل، وتم إسقاط المُسيّرة.
وقال عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، أسامة الهواري، لـ«الشرق الأوسط» إن «إعلانات تل أبيب المتكررة هي محاولات التفاف خبيثة من الجانب الإسرائيلي، وتأتي في إطار سلسلة الشائعات والأكاذيب الممنهجة التي تطلقها إسرائيل دوماً ضد مصر، في محاولة للتأثير على القرار المصري الرافض للتهجير والداعم للقضية الفلسطينية».
وشدد على أن هذه «الشائعات لن تؤثر في القرار المصري، وما تفعله إسرائيل في مجمله معروف ومفهوم، وهذه الأمور ليست غريبة على إسرائيل، وننتظر منها الفترة المقبلة شائعات أكثر، وحسناً فعلت مصر بتجاهلها الرد الرسمي على تلك المزاعم حتى لا تعطيها قيمة».
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب استقبال مصر والأردن لفلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة، قبل أن تبدأ سلسلة من الرفض المصري والعربي.
وقدَّمت مصر خطة لإعادة إعمار غزة من دون تهجير سكانها، وقد أقرتها «القمة العربية» الأخيرة، واجتماع استثنائي لـ«منظمة التعاون الإسلامي»، لكن الخطة لم تُقنع حتى الآن الإدارة الأميركية أو الحكومة الإسرائيلية.
aawsat.com